«ضمن فعاليات مهرجان المزرعة للإبداع الفني وفي اليوم الخامس منه أقيمت ندوة تكريمية للأديب الروائي "وليد إخلاصي" التي سميت الدورة الثالثة عشرة باسمه تكريماً وتقديراً لأعماله الأدبية التي ساهمت في إغناء الحركة الأدبية ذلك وسط حشد من الأدباء والمهتمين على المسرح مديرية الثقافة في "السويداء" قدم الأستاذ "محمد طرابيه" دراسة حول "المتعة الأخيرة" وهو كتاب نقدي للمكرم والمحتفى به».
الأستاذ "محمد طرابيه" عضو اتحاد الكتاب العرب- أمين سر الجائزة، أوضح قائلاً: «يعتبر كتاب "المتعة الأخيرة" للأديب "وليد إخلاصي" كتاباً نقدياً، فهو اعترافات شخصية في الأدب الذي لا يقل إبداعه فيه عن إبداعه في الفنون الأدبية الأخرى، ذلك الكتاب الذي لم يترك فيه مسألة من مسائل النقد الأدبي المعروفة إلا وطرحها وناقشها وأدلى بدلوه فيها بالكثير من الإحاطة والعمق والنوعية في الرؤية والموقف، والابتكار في التوصيف من مثل موضوع "كيمياء الأدب وفيزياء التوصيل"، فهو بحث في عناصر الأدب التي تتفاعل فيما بينها حتى تكوّنه، مثلما هو بحث في إيصال الإنتاج الأدبي إلى المتلقي، ذلك أن هدف الأدب ليس فقط في موضوعاته وطريقة عرضه وإنما في قدرة الأدباء على الوصول إلى الجمهور والنفاذ إلى عقول الناس وقلوبهم، وبالتالي التأثير في حياتهم».
يعتبر كتاب "المتعة الأخيرة" للأديب "وليد إخلاصي" كتاباً نقدياً، فهو اعترافات شخصية في الأدب الذي لا يقل إبداعه فيه عن إبداعه في الفنون الأدبية الأخرى، ذلك الكتاب الذي لم يترك فيه مسألة من مسائل النقد الأدبي المعروفة إلا وطرحها وناقشها وأدلى بدلوه فيها بالكثير من الإحاطة والعمق والنوعية في الرؤية والموقف، والابتكار في التوصيف من مثل موضوع "كيمياء الأدب وفيزياء التوصيل"، فهو بحث في عناصر الأدب التي تتفاعل فيما بينها حتى تكوّنه، مثلما هو بحث في إيصال الإنتاج الأدبي إلى المتلقي، ذلك أن هدف الأدب ليس فقط في موضوعاته وطريقة عرضه وإنما في قدرة الأدباء على الوصول إلى الجمهور والنفاذ إلى عقول الناس وقلوبهم، وبالتالي التأثير في حياتهم
وأوضح أن الكاتب بين ظاهرتين سلبيتين في حياتنا الثقافية فقال: «الظاهرتان هما إطلاق الأحكام القاطعة والمرتجلة السريعة في الحياة الثقافية والأدبية والنقدية إذ يقول المؤلف: "إن معظم أحكام النقد من تلك التي تخص الكتابة وتلك التي لها علاقة بالفن التشكيلي والمسرح وغيره لا تختلف أحياناً في كثير أو قليل عن الأحكام التقليدية للناس والتي إن دلت على شيء فإنما تدل على جمود أو تخلف أو جهل بالأمر، والثانية تأثر الأدب بالإيديولوجيا والبحث في النصوص عن معتقد الكاتب لا عن فنه وأدبه وتصنيفه واتخاذ موقف منه على أساس ذلك المعتقد لا على أساس أن للأدب حياة خاصة وطبيعة مختلفة ولا يجوز أن يرتبط بالإيديولوجيا ارتباطاً ميكانيكاً مباشراً، إن الإيديولوجيا إذ تصبح تديناً كاملاً تبتعد عن الغرض النبيل للنقد، ولن ننكر على الإيديولوجيا أدبياتها وتوجهاتها النقدية مهما كانت اتجاهاتها إلا أن الخشية عليها من التقوقع والغرق في بحر التدين المحدود الآفاق الذي يدفع بنا إلى قرع ناقوس الخطر من خطورتها"، ولكنه يستدرك بالقول: "وهذه الظاهرة السلبية لم تمنع من ظهور قلة من النقاد الذين انطلقوا من إيديولوجيا معينة فزاوجوها مع الحس الفني الرفيع لتصبح في نهاية المطاف معادلة للفن لا وصية عليه"، وعن علاقة الأدب بالفلسفة والفكر يقول الأديب "وليد إخلاصي": "الإبداع دليل الموقف ولكن الموقف وحيداً لا يقود إلى الإبداع وكما أن النوايا الصالحة لا تعطي شعراً أو قصة، فإن الشعر أو القصة لا يمكن لهما أن يكونا بلا موقف، الموقف ليس مجرد نية صادقة بل هو التركيب السري للنص يتسلل مع دم اللغة إلى بنية النص المعقدة"».
وتابع الأستاذ "طرابيه" قائلاً: «يفرّق الكاتب بين التاريخ والكتابة الأدبية حين يقول: "لذة الكتابة في أنها خروج من الزمن الموقوت إلى الزمن الفني، كتابة التاريخ تحافظ على الزمن بأمانة والرواية تخترع الزمن الروائي وهذه هي المتعة"، وفيما يتعلق بالتعريفات ولاسيما في مجال مشكلة التوصيل أو التلقي فإن الكاتب يتحدث حديثاً يشف عن عمق التجربة وسلامة النتائج التي توصل إليها من خلالها ويتجلى ذلك في تقديمه عدداً من التعريفات وتفريقه بين عدد من المصطلحات تفريقاً دقيقاً ودالاً فعندما يعرّف الإيحاء في اللغة يقول: "قدرة اللغة على نقل فكرة أو صورة بمفردات هي من صنع الكاتب خلقاً أو اختياراً وهي حرارة نص معين بخصائص معينة للوصول إلى القارئ أو المتلقي". ومثلما فرّق من قبل بين الرؤية والنقد فإنه ينتقل من تعريف الإيحاء في اللغة إلى التفريق بين مصطلحين شديدي التداخل والالتباس هما الإبهام والغموض إذ يقول: "الإبهام هو تشوش في عملية التخمر الكيميائي للنص، أما الغموض فهو المدخل الطقسي للوضوح الجميل وكما المرأة أو الطبيعة لا تكشف عن مفاتنها إلا بعد امتحان لقدرتك على تلمس مواطن الجمال فإن الغموض هذا امتحان لأدوات المتلقي في استعدادها للعمل على النفاذ إلى أعماق النص الغامض يصبح مفهوماً مع المحبة والخبرة، أما المبهم فلا يخبئ خلف مصاريعه المغلقة سوى الظلام"، كما يفرق في موضع آخر بين المباشرة والبساطة ويخلص إلى إن كيمياء الكتابة قد تفقد فعاليتها الاجتماعية إذا ما فقدت فيزياء التوصيل فعاليتها في اقتناص المتلقي. وإذا كان علماء الاجتماع والنفس يساهمون مع النقاد والدارسين في فهم فيزياء التوصيل، فإن كيمياء الإبداع مازالت في بعدها عن متناول العلماء تشارك في خلق سريةٍ لها».