أصدر الكاتب "وهيب سراي الدين" مؤخراً روايته الثانية عشر "حدث في ذاك الزمان" والتي أراد فيها نقل أحداث ووقائع معركة "خراب عرمان" التي دارت رحاها بسبب سعي "ممدوح باشا" أن يتزوج "ميثا الأطرش" عنوة مصوراً بتقنية سردية كيف تم دحر تلك الحملة وانتصار أهل جبل العرب على الجيش العثماني.
رواية تدخل العمل الملحمي بتقنية السرد ومعالجة الشخصيات والزمان والمكان. الأديب والروائي "سراي الدين" تحدث لموقع eSuweda عن روايته قائلاً: «تأتي روايتي هذه بعد أحد عشر رواية وعشر مجموعات قصصية، حاولت فيها نقل معالم تاريخية موجودة في تراث الجبل، والأحداث التي جرت في ظل الاحتلال العثماني، وكيف استطاعت الإرادة أن تتغلب على القوة فعلاً، بعد أن تم توثيق تلك المعركة بما يسمى معركة "خراب عرمان" تلك الحقبة الزمنية التي لم تلقَ حقها من الباحثين والمؤرخين، لهذا دونتها على شكل رواية بشخصياتها الحقيقية والمكان نفسه الذي جرت فيه المعركة من أجل الحفاظ على الشرف والكرامة، وهي كرامة "ميثا الأطرش" الذي أراد "ممدوح باشا" الزواج منها عنوة وقام من أجل ذلك بإرسال حملة عسكرية ولكن أهل الجبل دحروا حملته وعاد جيشه منكسراً وانتصر الحق على الباطل بعزيمة الإيمان».
جاء النقد ليكون إطلاق حكم قيمة ومعياراً فنياً وثقافياً لنهج وأسلوب ثقافة الأجناس الأدبية عامة، لأن الرواية تعيش حالة من التجريب الفني في قالبها التأليفي وكتّابها يعملون على تطوير ومواكبة البنية الفنية في الشخصية، والزمان، والمكان، والمتخيل، وتفكيك البنية التركيبية في كثير من عناصرها بإظهار عنصر التشويق والحبكة الفنية التي من خلالها يتم العمل على النسيج اللغوي بشكل يجعل الكاتب في بحث دائم عن مفردات لغوية أصبحت من الذاكرة المنسية لقلة تداولها، كأن يستخدم محلياته البيئية تعبيراً عن ولوجه بها
مع بداية القرن العشرين ساهمت الراوية العربية عامة والسورية خاصة بمواكبة التاريخ وتوثيقه وجعلت من عناصرها عاملاً هاماً في خلق تفاعل أخلاقي إنساني بين أحداثها ومعطيات الزمن، والذي لم يستطع المؤرخون العمل على تدوينه كان للروائيين الفضل في وجوده على الساحة الثقافية العربية، وبالتالي كانت الرواية تعبيراً أدبياً تحمل وقائع الماضي التليد من بطولات وملاحم عربية، عن هذه القضية يحدثنا الباحث والناقد "محمد طرابيه" بالقول: «جاء النقد ليكون إطلاق حكم قيمة ومعياراً فنياً وثقافياً لنهج وأسلوب ثقافة الأجناس الأدبية عامة، لأن الرواية تعيش حالة من التجريب الفني في قالبها التأليفي وكتّابها يعملون على تطوير ومواكبة البنية الفنية في الشخصية، والزمان، والمكان، والمتخيل، وتفكيك البنية التركيبية في كثير من عناصرها بإظهار عنصر التشويق والحبكة الفنية التي من خلالها يتم العمل على النسيج اللغوي بشكل يجعل الكاتب في بحث دائم عن مفردات لغوية أصبحت من الذاكرة المنسية لقلة تداولها، كأن يستخدم محلياته البيئية تعبيراً عن ولوجه بها».
ويضيف "طرابيه": «كما عمل الروائي الأديب "وهيب سراي الدين" في روايته الجديدة "حدث في ذاك الزمان" إلى السعي في التفرد بعنوان لافت، فالعنوان ينطوي على مفارقة تاريخية هو دلالة وإشارة لحدث تاريخي، تم بقصد التعبير عن بطولات فردية وإبراز دور المرأة العربية المناضلة في ذاك الزمن، باستخدام السرد التاريخي ولكن بقالب الرواية، لذلك حملت الرواية "حدث في ذاك الزمان" التوثيق أكثر من الحبكة الدرامية، ويطغى عليها تقنيات السرد الموضوعي لديه باستخدام همزات ووقفات إبداعية كأن يتخذ من الألفاظ العامية موقف تاريخي يسترجع بها ذاكرة قديمة تاريخية وذلك حينما قال: "محمود أبو خير" ولك أنت ستربطني كحمار مّبلم وتقودني إلى الحبس؟! ولك دولتك وسلطانك يعجزان عن ذلك.. ويدك أقصر من شحمة أذنك.. ولك الذي ينال من كرامتي لم تلده أمه بعد .. لحد وأنا "أبو محمود" "أبو خير".
لعل السارد هنا الذي كرّس مبدأ المتخيل الغائب باسترجاع عقيدة فيها روح التناسخ والفكر التقمصي أجاز لنفسه الخلط بين العامية والفصحى، ولو جعل كلام العامية كما هو لكان أكثر توفيقاً في تواتر الإيقاع السردي، لكن آثر أن يتخذ من سيطرته على بنية النص السردي لديه، بإقحام جمل عامية دون المحاولة في جعلها أساسا في نصه».
ويتابع بالقول: «رواية "حدث في هذا الزمان" الواقعة في مئتين وسبع صفحات حملت ثلاثة عشر فصلاً تبنت أحداث تاريخية جرت في نهايات القرن التاسع عشر.
وما يميز تلك الرواية أنه استخدم المكان كعامل توثيقي لم يتلاعب بالمكان بل شخّصه كما هو، فذكر الكاتب مكان المعركة والحدث كقرية "عرمان وعيون والكارس وملح وامتان" وغيرها من القرى، وأورد اسم الشخصيات "ميثا، ممدوح باشا، محمود أبو خير، أسعد الجندلي، حسين الأطرش، شبلي الأطرش الخ.."، وهذا ما حول رواية من الطابع السردي الفني إلى الملحمي أحياناً من خلال مجريات الحدث وتقانة السردية الذي تميز بها، مع أنه مزج بين العامية والفصحى واستشهد بأبيات شعرية من الشعر النبطي للشاعر الشعبي" شبلي الأطرش"، وختم روايته بتجسيد أن الناقل للحدث تذكر كل تلك الأحداث وأنه عاد إلى المضافة الذي جرت بها المعركة بنهاية درامية موفقة».
الجدير بالذكر أن الأديب "وهيب سراي الدين" من مواليد قرية "المجيمر" عام 1934 يحمل إجازة في التاريخ من جامعة دمشق 1960. عمل مديراً للمركز الثقافي العربي في السويداء والحسكة ودرعا. عمل أميناً لسر فرع اتحاد الكتاب العرب بالسويداء طوال خمسة عشر عاماً. عضو جمعية القصة والرواية، في اتحاد الكتاب العرب. عضو مجلس اتحاد الكتاب العرب دورة عام 1995.