بين الشعرية والسرد تمتاز قصصه، تحمل الألم، والهم بأنواعه، يملك متخيلاً سردياً فيه من الواقع الكثير، حبكته الفنية ذات دلالة معرفية بالتواتر الزمني في عالم القصة والرواية، ونهايات قصصه مفتوحة، كي يترك للقارئ استدلال نصه، يجيد القراءة والكتابة لا يتركهما إلا مضطراً، ولهذا كون علاقة مع اللغة.
عن تميز أدب الروائي والقاص"باسم عبدو" أوضح مقرر جمعية القصة في اتحاد الكتاب العرب الناقد والقاص "عوض سعود عوض" قائلاً: «يتميز "باسم عبدو" بخاصتين ظاهرتين هما الشاعرية، والألم، الواضحتين في معظم قصصه، وثانيهما الهم الاجتماعي، المغمس بحس مأساوي، أما لغته فتستعير من الشعر بعض تقاناته، ويحرص على تجويد نصه التي تستدعي اهتمام القراء، لأدبيته العالية المتجهة دائماً إلى تبئير خطابه ليصل به إلى نهاية مفتوحة لمعظم قصصه، وبذلك يترك للقارئ مشاركته في استنتاج دلالة نصوصه»
يتميز "باسم عبدو" بخاصتين ظاهرتين هما الشاعرية، والألم، الواضحتين في معظم قصصه، وثانيهما الهم الاجتماعي، المغمس بحس مأساوي، أما لغته فتستعير من الشعر بعض تقاناته، ويحرص على تجويد نصه التي تستدعي اهتمام القراء، لأدبيته العالية المتجهة دائماً إلى تبئير خطابه ليصل به إلى نهاية مفتوحة لمعظم قصصه، وبذلك يترك للقارئ مشاركته في استنتاج دلالة نصوصه
موقع eSwueda دخل إلى حجرة القاص والروائي "باسم عبدو" عضو اتحاد الكتاب العرب وأجرى معه الحوار التالي:
*صدر لك ست مجموعات قصصية "الأخمص الخشبي، وجهُ وقمر، الصفعة، دائرة الضوء، اعترافات، ولا يموت الأقحوان"، وتحت الطبع "تورق ذاكرتي"، وأربع روايات "ألوان قزحية، جسر الموت، احتراق الضباب، زهرة في الرمال"، وكتاب "مفارقات في الكتابة الساخرة"، تتميز كتابتك باللغة الشعرية، هل أنت شاعر أم قاص؟
** اللغة هي الدماء التي تجري في شرايين السرد القصصي والروائي، هي التي تصنع الحكي وتشد المتلقي وتبعث في نفسه المتعة، فأنا أكتب بهذه اللغة الجميلة لأصنع قصة أو رواية أو حتى مقالة أو زاوية في جريدة، قال لي عدد من الكتاب والنقاد: لو أنني تعمقت في قراءة الشعر في كافة مراحل تطوره لأصبحت شاعراً.
لقد سرت مشياً على الأقدام في طريق بدأته وعراً، ونشرت أول قصة وأنا طالب ثالث ثانوي، في مجلة "الرافقة"، التي صدر منها أربعة أعداد وتوقفت عن الصدور.
**المجتمع هذا الخليط البشري المتنوع بمكوناته الفكرية والاجتماعية والسياسية والقومية والإثنية، ليس مجتمعاً جامداً بل مجتمعاً متحركاً، فاعلاً، مؤثراً تنمو فيه طبقات طفيلية وكومبرادورية جديدة، طبقات وفئات اجتماعية تزداد غنى في الوقت الذي يزداد فيه عدد الفقراء، ومنهم تحت خط الفقر فما هو موقف الكاتب والأدب وأصحاب الأقلام المبدعة؟ هل يقفون يتفرجون؟
لذلك لن ينجح أي قاص أو روائي أو فنان أو شاعر إذ لم يركب زورقه ويدخل في أعماق اليم، ويبحث عن سر الأمواج العاتية والشواطىء التي تستقبل السفن، فالكاتب عليه أن يدخل في عمق الأحداث، وإذا أردت أن أجدد زوَّادتي بطعام جديد، عليَّ أن أبحث عن السلع الطازجة، وإذا أردت أن أكتب عن الناس وقضاياهم وهمومهم، عليَّ أن أكون معهم فعزلة القاص عن الجماهير والاكتفاء بالتخيل لا ينتج أدباً له الديمومة والاستمرار.
*ماذا تقول عن استمرار مقروئية الكتاب؟
** الموت في الحياة يعني التجدد، لابد لكل إنسان أن يموت، بعد عقد أو عشرة عقود، وهذه هي جدلية الحياة ومفهوم الموت، يختلف بين الكلاسيكيين الذي يتجلى بالحزن، وتعداد المحاسن للميت وتعظيمه، أما الحداثيون ففي موت المؤلف بقاء لسلطة النص بديلاً عن سلطة الكاتب وأرى أن المبدع يموت كجسد ويظل حياً كمبدع يقرأ الآخرون الأحياء إبداعه القصصي والشعري والروائي .
إن إنتاج المبدع يظل حياً، في أسرته، وفي بيته، ويمكن في زمن، وفي أي ساعة، في فترة ثورة الاتصالات، أن يعود للحياة وتظهر صورته على الشاشة، ويسمع صوته في الإذاعة ويستعيد الأحياء كل تراثه الأدبي، متى أرادوا بكلمة المؤلف، يموت كجسد، وإبداعه يظل حياً.
*كيف ترى المشهد النقدي في سورية؟ هل يواكب الإصدارات القصصية والروائية؟
**آراء كثيرة حول النقد والنقاد فالمتشائمون لا يرون وجود نقد حقيقي والمتشائلون الذين تتراوح آرائهم بين التفاؤل والتشاؤم يؤكدون بواقعية عن أن النقد لا يمكن بأية حال أن يكون قادراً على مواكبة النتاج الإبداعي، وفي المشهد النقدي السوري هناك مواكبة نقدية محدودة، وذلك بسبب كثرة الإصدارات، على مدار السنة، وقلة عدد النقاد، الذين ينشغل معظمهم بأعمال أخرى...
أرى أن المواكبة موجودة بحدودها الدنيا، وإن كان النتاج الإبداعي يتطلب عملاً أكثر سرعة ومواكبة وأن العلاقة القائمة بين الإبداع والنقد هي معادلة لا تحقق التوازن أو التوافق ليس عندنا، بل في المنطقة والعالم لأن التوافق أو المتابعة بحاجة إلى ألوف النقاد لمواكبة ألوف المبدعين.
*بين مجموعتك " اعترافات" الصادرة عام 2006 ومجموعتك"لا يموت الأقحوان" الصادرة عام 2008 ثمة قاسم مشترك، برأيك هل هذا نوع من التطور أم هو الحداثة في القصة وتجاوزها للقصة الكلاسيكية؟
**كل مبدع يشق طريقه بشكل يتمايز عن الآخر المقابل له، يتمايز بلغته أو أسلوبه أو بتقنية القص والخط البياني الذي رسمته، منذ إصدار مجموعتي الأولى" الأخمص الخشبي" عام 1991 لا يزال كما يرى النقاد والقصاصين"كي لا أكون نرجسياً" هو في حالة تصاعد، ربما ينحني أحياناً، فتأتي قصة مثلاً" خارج السرب"، وهذا أمر طبيعي جداً، المهم أن أحافظ على فنية القصة، والانتقال بين مجموعة وأخرى من التقليدية إلى الحداثة، إضافة إلى العزف على وتر يختلف عن موسيقا الآخرين، أي أن يصل القارىء المتابع إلى درجة أنه عندما يقرأ قصة مغفلة الاسم، يقول: "هذه قصة "باسم عبدو"، هذه لغته، وهذه الفنية، التي يشتغل عليها، فالقاسم المشترك موجود في كافة أعمالي .
*نلت جوائز عدة في مسابقات منها جائزة "سفنكس للثقافة المصرية عام 2008" وجائزة "البتاني" من مديرية الثقافة بمحافظة "الرقة" ما أثر الجوائز على الأديب؟
**في الحقيقة لا ألهث وراء الجوائز، فالجائزة لا تصنع مبدعاً، بل نيل الجائزة، يضفي على الكاتب روحاً، تبث الدماء في شرايين الإبداع، وتعطيه جرعة من الأكسجين، وتدفعه لتجديد إبداعه، وتفعيله في الساحة الأدبية السورية.
فأنا نلت أول جائزة من نقابة المعلمين عام 1994 "المرتبة الثانية"، والجائزة الأولى في مسابقة "ماجد أبو شرار" عام 1999، وجائزة "سفنكس المصرية المرتبة الثانية" من 206 متقدم، من إحدى عشرة دولة عربية، وأهمية هذه الجائزة أن المشرفين عليها سيترجمونها إلى اللغة السلوفاكية والانكليزية، ولكن للأسف حتى هذا التاريخ، ورغم مراسلتي لهم لم يأت أي جواب كي أرسل مجموعة قصصية لطباعتها ونشرها، وهذه مكافأة المسابقة، أما جائزة "البتاني" فكان عدد المتقدمين من الدول العربية 131 قاصاً وقاصة ونلت الجائزة الأولى..