حب "يوسف أبو يحيى" للشعر ربما جعل منه شاعراً، وحبه للثقافة جعل منه ناشراً، وعشقه لأدب "جبران" دفعه ليسمي دار نشره "دار جبران"، وهو يبحث بين طيات الكلمات عن جديد في قلق دائم، لعل الشعر والأدب ونشر الثقافة جعلت منه شخصاً يعيش كل الحالات السابقة في لحظة تأمل وجودي ليرضي ذاته بمساهمته في نشر المعرفة.
موقع eSwueda التقى صاحب دار "جبران" الشاعر "يوسف أبو يحيى" بالحوار التالي:
يعتبر الشاعر "يوسف أبو يحيى" من الشعراء الشباب الذين رسموا طريقهم في شقوق الصخر، حمل معه بيئته المحلية وانتقل من دمشق إلى لبنان، ليبدأ مشواره الشعري والأدبي فيها، تأثر بأدب "جبران خليل جبران"، ورشف من معين جمال الطبيعة ما يلهم المبدعين والشعراء، في داخله نور دافئ يحمل الومضة الإبداعية، يحاول نثرها بأفكاره وسلوكه وأدبه فترى إيقاعه يتناغم مع طبقة صوته، يقرض الشعر بوجدانية، وتتميز مفرداته بالذاكرة الماضية، كالطفولة والمرح واللعب في الحقول والبيادر، خاصة في قصيدته "عروس الزيت والزعتر"، صوره ذات دلالية معرفية نابعة من تجربة حياة ومعاناة الزمن وحب للثقافة، يعمل من أجل أن يساهم في رفد الحركة الثقافية الإبداعية بنشر المؤلفات والكتب لكتاب لم يستطيعوا نشر أدبهم، إضافة إلى أنه لم يتخل عن مكانه وبيئته
** المشهد الشعري هذه الأيام بين مدّ وجزر فبقدر ما نجد أعمالاً جيدة ومدهشة نجد أعمالاً منشورة لا تصل إلى المستوى الأدبي والفني المطلوب، وأنا كصاحب دار نشر في وضع لا أحسد عليه، فإذا قلت رأيي بصراحةٍ فتلك مصيبةٌ وإذا لم أقله فالمصيبة أكبر، لكن في النهاية الأدب الجيد هو الذي سيبقى.
** استخدام الجمل والعبارات المبهمة وغير المترابطة تحت ذريعة السريالية والشعر الحر جاء على حساب الصور الشعرية الدلالية التي بتنا نفتقدها في كثير من النصوص الشعرية الحديثة، أنا لست ضد الشعر الحديث بالمطلق لكن أن يبنى على قواعد وأسس تتيح للقارئ الاستمتاع بموسيقاه، بالإضافة إلى إمكانية حفظه وتداوله مما يتيح انتشاره بشكل أفضل وعبر التاريخ وصلت إلينا القصائد التي أتيح للناس أن تحفظها من عهد الجاهلية وصولاً إلى شعرائنا في العصر الحديث، وإن سر انتشار وشهرة "نزار قباني ومحمود درويش وسميح القاسم" وغيرهم من المبدعين ذلك الأسلوب السهل الممتنع الذي حولنا لرواة لقصائدهم فبقينا نرددها حتى الآن؛ ولم تزل تلقى القبول عند كافة شرائح المجتمع وليس عند طبقة واحدة تدّعي الثقافة لنفسها فقط.
** أنا من دعاة الكلمة البسيطة التي تمس - كما قلت - كافة شرائح الناس على مختلف ثقافاتهم، وأكتب في المواضيع التي تهمنا جميعاً، وهل أجمل من الطفولة لنتذكر دروبها في كل لحظة ونصور حنيننا إليها في هذا الزمن الاستهلاكي الذي يسابق عقارب الساعة، فقصيدة "الزيت والزعتر" لاقت رواجاً لأنها تصور حالة هروب من صخب المدينة وبنيانها الشاهق إلى حضن الطفولة والقرية والطبيعة الأخاذة إلى رفاق الطفولة إلى الأم والأب والمدرسة واستعمال ألفاظ "الذيت والذعتر" بالتأكيد على حرف الذال لإعطاء هذه الكلمة بعدها الطفولي لأنها تذكر على لسان طفل ثم ذكرها في نفس القصيدة مرة أخرى كما هي "بحرف الزاي" لأنها على لسان الشاعر الآن كما في آخر القصيدة:
بناياتٌ بناياتٌ وأبراجٌ تحاصرنا/ ومازالت بيوتُ الطينِ في حاراتِ قريتنا فراشات/ تطير بروحي الظمأى وتعلو فوق أبراجِ البناياتِ/ فتبدو تحتها علباً من الكبريتِ أو أصغرْ/ مضى زمن ولم يبقَ على رأسي الذي كانت تداعبهُ يدا أمي سوى قحطٍ/ فلا شقرٌ ولا أشقرْ/ ولكني هذا اليوم لا أنسى/ عروس الزيتِ والزعترْ.
** دخلت مجال النشر لكوني أكتب الشعر بالطبع أرغب بالبداية أن أكون شاعراً وأن أنجح في مجال النشر لأقدم ما يليق بالقارئ العربي فكرياً، وكل كاتب لديه أفكارٌ كثيرة قد لا يحتويها الشعر وحده فيلجأ إلى كتابتها كقصة أو رواية أو دراسة، ولكني في البداية أرغب أن أكون شاعراً.
* لماذا "جبران"؟
** أنا أحب أدب "جبران خليل جبران" واسمه يوحي بعراقة أدبية، كما أني أسميت ولدي البكر "جبران" لتكتمل عندي دواعي تسمية الدار وهذا ما كان.
** إن كنت تسألني عن القلق الحياتي فحدث ولا حرج، أما إن كنت تسأل عن القلق الثقافي والأدبي فأنا أرى المشهد الأدبي في انحسار يومي وهذا يولد عندي قلقاً لكوني نشأت في بيئةٍ ثقافية. كما أن قلقي وهاجسي الدائم هو الكلمة التي ترافقني في كل لحظة لأقتنص مطلعاً أو مقطعاً أو فكرةً ما أدونها وأبني عليها قصيدتي.
** في مجال النشر يعاني الناشر المثقف الكثير من العقبات الذاتية فأنا لا أستطيع أن أنشر كتاباً لا أقتنع بمحتواه حتى وإن كان سيدر عليّ الربح، لكن هناك عدد من المثقفين والمترجمين استطاعوا بعد سنوات من العناء الوصول إلى الشهرة أن يصنعوا من الثقافة عملاً يدر عليهم دخلاً جيداً ولكن هذه ليست القاعدة.
وكان لموقع eSwueda وقفة مع الأديب "جميل شقير" الذي تحدث عن أدب وشعر "أبو يحيى" قائلاً: «يعتبر الشاعر "يوسف أبو يحيى" من الشعراء الشباب الذين رسموا طريقهم في شقوق الصخر، حمل معه بيئته المحلية وانتقل من دمشق إلى لبنان، ليبدأ مشواره الشعري والأدبي فيها، تأثر بأدب "جبران خليل جبران"، ورشف من معين جمال الطبيعة ما يلهم المبدعين والشعراء، في داخله نور دافئ يحمل الومضة الإبداعية، يحاول نثرها بأفكاره وسلوكه وأدبه فترى إيقاعه يتناغم مع طبقة صوته، يقرض الشعر بوجدانية، وتتميز مفرداته بالذاكرة الماضية، كالطفولة والمرح واللعب في الحقول والبيادر، خاصة في قصيدته "عروس الزيت والزعتر"، صوره ذات دلالية معرفية نابعة من تجربة حياة ومعاناة الزمن وحب للثقافة، يعمل من أجل أن يساهم في رفد الحركة الثقافية الإبداعية بنشر المؤلفات والكتب لكتاب لم يستطيعوا نشر أدبهم، إضافة إلى أنه لم يتخل عن مكانه وبيئته».