كثرت القصص المترجمة، وعمل المترجمون على نقل الأدب الغربي الخاص بالطفل إلى واقعنا، ولكن ما يحتاجه الطفل تبسيط الأدب المترجم ولغته ومحاولة إقامة علاقة بينه وبين النص من جهة، ونقله وتداوله شفوياً كحكايا أو رواية يرويها بنفسه، وهذا ما يساهم في نمو شخصيته، وتطور مواهبه ومداركه، من خلال أدب خاص به وهو أدب الأطفال، أي تبسيط لغة الأدب المحلي والمترجم في المدرسة وفي مجال الثقافة.
لعل لغة الأدب على اتصال مباشر مع حركة تنمية الطفل وآفاق تفكيره، فهي تساعد في الارتقاء به نحو عالم آخر يحمل من الثقافة الوافدة ما يقرؤه، ويستفيد من بيئته ما يقوم به من فعل وحركة وسلوك، وتبقى اللغة التي تترسخ في ذهنيته هي العامل في تكوين شخصيته على تراثها وإمكانياتها بمواكبة طموحه وثقافته المتعددة المصادر، وتابع المترجم الأديب "نبيل أبو صعب" عضو اتحاد الكتاب العرب لموقع eSwueda بالقول: «اللغة هي وعاء للفكر وناقل له وهي كائن حي يتطور بتطور المجتمع ويطبع بطابع البيئة المتجددة باستمرار، وتتميز اللغة العربية بخاصية ربما تكون فريدة بين اللغات وتتمثل في البعد بين اللغة العامية أي المحكية وبين اللغة الفصحى أي اللغة المحفوظة في الكتب والنصوص، ولذلك فإن صعوبات موضوعية تواجه تعليم اللغة العربية، ومن أجزاء التعليم والتطوير فيها المطالعة، وهي من الصعوبات على الأقل بما فيها من الازدواجية اللغوية التي تجعل الطفل في حياته اليومية الجارية لا يستخدم اللغة التي يتعلمها في المدرسة، إن الطفل يتمثل تلقائياً لغة الحياة اليومية من بيئته في أثناء نموه لكن لغة الكتابة الفصحى بعيدة عن هذه اللغة اليومية بحيث يجب عليه لكي يتقن أصولها أن يتعلمها كما لو كان يتعلم لغة ثانية تماماً، وهنا يجد نفسه أيضاً أمام ركام من الألفاظ والأساليب التي لا تتاح له الفرصة لاستعمالها في حياته اليومية لأنها لا تتماشى مع فعالياته الطفلية».
حينما تفتح الكتاب تجد ما يشبه بطاقة تعريف تشير إلى عدد الكلمات الواجب معرفتها من قبل القارئ ولعمره أو مستواه التعليمي، كما نجد كلمة AdApTER أو مشتقاتها وهي بمعنى "عدّل- كيّف" الكتاب ليتلاءم مع حالة بعينها، وذلك باستخدام قوائم مفردات وتراكيب قواعدية اختارها مختصون درسوا المخطط البياني لتطور الكلام والقراءة في مختلف المستويات العمرية وهذه القوائم تتسع وتتعقد مع تقدم المراحل العمرية والتعليمية للمتلقي، وهكذا لا تنشأ تلك القطيعة بين لغة الأهل ولغة النص المكتوب ولا يشعر الطفل بغربته عن النص المكتوب كما يتيح له وفق هذا الأسلوب أن يقرأ روائع التراث الوطني والإنساني بعد تعديلها أو تكييفها
كيف تعامل الغربيون مع هذه المسألة؟ على الرغم من أن اللغات الغربية الرئيسة تعاني هذه الازدواجية التي تعانيها اللغة العربية فإن القائمين على إنتاج كتب الأطفال هناك يلجؤون إلى أسلوب آخر لتقريب الكتاب إلى الأطفال وتابع المترجم "أبو صعب" بالقول: «حينما تفتح الكتاب تجد ما يشبه بطاقة تعريف تشير إلى عدد الكلمات الواجب معرفتها من قبل القارئ ولعمره أو مستواه التعليمي، كما نجد كلمة AdApTER أو مشتقاتها وهي بمعنى "عدّل- كيّف" الكتاب ليتلاءم مع حالة بعينها، وذلك باستخدام قوائم مفردات وتراكيب قواعدية اختارها مختصون درسوا المخطط البياني لتطور الكلام والقراءة في مختلف المستويات العمرية وهذه القوائم تتسع وتتعقد مع تقدم المراحل العمرية والتعليمية للمتلقي، وهكذا لا تنشأ تلك القطيعة بين لغة الأهل ولغة النص المكتوب ولا يشعر الطفل بغربته عن النص المكتوب كما يتيح له وفق هذا الأسلوب أن يقرأ روائع التراث الوطني والإنساني بعد تعديلها أو تكييفها».
يعود استخدام الأدب المترجم للمترجم في كيفية وطريقة إيصال أفكار الترجمة للمتلقي، لعل هذا الأمر يدفعنا للمقارنة بين الأدب الموجود والأدب المترجم وطريقة التعامل معهما، وتابع الأستاذ "نبيل أبو صعب" بالقول: «إن مستوى اللغة المستخدمة في الترجمة، أمر متروك برمته لقدرات المترجم ومنهجه وتفهمه لهذه المسألة، لأن اللغة التي يجب أن تستخدم في الترجمة للأطفال هي اللغة البسيطة التي تحاكي اللغة المحكية ولكنها بعيدة أشد البعد عن الركاكة والابتذال وقد لاحظت من خلال تجربة قمت بها مع مجموعة من أطفال الصف السادس الابتدائي أن الأطفال سرعان ما ملوا القصة المكتوبة بلغة فخمة جزلة الألفاظ معقدة التراكيب لأن التفكير في معاني الكلمات أو قراءة شروحها كان يفقدهم متعة الاستطراد في القراءة والتمتع بتسلسل الأحداث، بينما كانت ردود أفعالهم تجاه القصص المكتوبة بلغة سهلة مختلفة تماماً ومحققة الأهداف المرجوة منها، وتابعوا القراءة بشغف واهتمام حتى نهايتها وقد استطاع عدد منهم سرد بعضها كاملة وبسهولة تقريباً الأمر الذي لم يستطيعوا القيام به دون صعوبة في الحالة الأولى، وهنا يمكن القول: إن التبسيط في لغة مخاطبة الطفل هي التي يمكن أن تستمر به نحو الثقافة العربية لا الابتعاد عنها جراء التعقيدات والصعوبات التي تواجهها اللغة ضمن الحراك الثقافي بصفة عامة أو اللغات الوافدة المبسطة من جهة الغزو الثقافي المعولم».
القاصة "ميسون شقير" تحدثت عن أن الأدب اليوم يميل نحو المواكبة ولأنها أم وتعمل في حقل القصة والشعر فهي تميل نحو تبسيط اللغة لإيجاد روابط فكرية تشجيعية مع الأطفال، تقول: «نعيش حالياً موجة عارمة من التحديات الثقافية، وللحفاظ على لغتنا الأم، من المفروض ضمن المناهج التعليمية تبسيط الإجراءات واستخدام اللغة القريبة لتلقي الطفل، والمطلوب من المؤسسات الثقافية حماية اللغة من اللغات الوافدة وتبسيطها كي نقيم علاقة وتواصلاً بينها وبين الأجيال، وبالتالي التخلص من سيطرة الوافد ذي الإمكانيات الاتصالية العالية، وهذا ما عمل عليه الأديب المترجم "نبيل أبو صعب" حين بسط بترجمته لغة أدب الأطفال وأجرى تجارب عملية عليه في المدرسة ولطلاب المرحلة الإلزامية ووجد مردوداً فعلياً حين أصبح الطلاب يرددون تلك القصص أو الحكايا، وبالتالي ساهم في تقريب الطفل نحو الأدب وساعده في تنمية شخصيته بالتقرب إلى لغته».