ما زالت الرواية تأخذ الحيز الأكبر من القراءة لوجود عنصر التشويق وتحميلها مقومات التلقي.
حول أعمال الأديب "وليد أبو فخر" أوضح القاص والروائي "فواز العيسمي" عضو اتحاد الكتاب العرب لموقع eSwueda قائلاً: «تتميز رواية "فوق الهضبة" للأديب "وليد أبو فخر" بأنها حالة واقعية عالج بها إشكالية اجتماعية واتخذ من بطل روايته امرأة لها مقومات الشخصية النزيهة، وهو يعالج الفساد الإداري من خلال ملفات إدارية بلغة تحمل التوصيف والتعبير، جاعلاً السرد يسير في اتجاه الانجذاب نحو استقطاب القارئ لطرح أسئلة متعددة عن واقع الأدب وكيف يستطيع أن يعالج مناحي الحياة بأسلوب ذي خصوصية».
تتميز رواية "فوق الهضبة" للأديب "وليد أبو فخر" بأنها حالة واقعية عالج بها إشكالية اجتماعية واتخذ من بطل روايته امرأة لها مقومات الشخصية النزيهة، وهو يعالج الفساد الإداري من خلال ملفات إدارية بلغة تحمل التوصيف والتعبير، جاعلاً السرد يسير في اتجاه الانجذاب نحو استقطاب القارئ لطرح أسئلة متعددة عن واقع الأدب وكيف يستطيع أن يعالج مناحي الحياة بأسلوب ذي خصوصية
موقع eSwueda التقى الروائي "وليد أبو فخر" بالحوار التالي:
** يخطئ العديد ممن أرخ للرواية العربية بتحديد تاريخها بصدور رواية "زينب" للكاتب "محمد حسين هيكل" سنة 1910 باعتبار أن الرواية هي وافد جديد من الغرب، بل يذهب البعض إلى اعتبار الفن الروائي هو أدب غربي خالص ونحن الشرقيون أخذنا هذا النوع من الأدب ومازال لدينا قاصراً عن مواكبة نظير الغربي، وحيث إن هذا الاعتقاد ينطوي على الكثير من الظلم لواقع فن النثر العربي سواء أكان قصة أم رواية لأن تاريخ النثر العربي هو أقدم من ذلك بكثير ويعود إلى أكثر من ألف سنة عندما خرجت إلى العالم سلسلة حكايا "ألف ليلة وليلة" التي ما زالت حتى الآن تبهر جميع من قرأها بفن السرد الموجود وبقوة الإدهاش والتشويق المستخدم بالرواية وفق تصوير العوالم الخيالية والقدرة العظيمة التي تملكها لتشويق القارئ ومتابعة قراءتها إلى النهاية، بالإضافة إلى السير والملاحم التي تبحث عبر التاريخ سيرة "عنترة بن شداد، وسيف بن ذي يزن وتغريبة بني هلال"، ولا أجانب الحقيقة إذا قلت إن العديد إذا لم يكن معظم الأدباء الغربيين الذين طبقت شهرتهم الآفاق وحازوا جائزة "نوبل" قد نهلوا من معين "ألف ليلة وليلة" الشيء الكثير كما هو الأمر مع "غابرييل غارسيا ماركيز وفرانز كافكا"، لا بل إن رائعة "دانتي" "الكوميديا الإلهية" هي محاكاة لـ"رسالة الغفران" التي كتبها "المعري"، كما أن رواية "روبنسون كروز" هي محاكاة أيضاً لرواية "حي بن يقظان لأبن طفيل الأندلسي"، وأشير إلى ضرورة تصحيح تاريخ الرواية العربية بحيث تذكر رواية "غابة الحق" للأديب الحلبي "فرانسيس المراش" التي كتبت قبل عام 1865 والتي تعكس تطلعات أدباء عصر النهضة العربية والقيم النبيلة والأفكار الخلاقة التي جسدوها من باب الاعتراف بأن فضل الريادة في الرواية العربية الحديثة يعود إلى تاريخ سبق رواية "زينب".
** يرى الكثير من الأدباء والمفكرين في العصر الحاضر أن الرواية تنتشر إلى أوسع مدى وتسبق الأجناس الأدبية الأخرى "الشعر، والمسرح" ولهذا الرأي جانب من الصحة، حيث تقول الكاتبة الفرنسية "إيزابيل": "إن الشعر وجد ليسمع والرواية وجدت لتقرأ"، والعصر اليوم يتسم بالفردية وضعف روح الجماعة، لذلك تقلصت مجالات الشعر بتقلص روح الجماعة والاستماع وبرزت الفردية والقراءة والتفكر، لأن الرواية هي الصنف الأساسي الذي يحتاج إلى العزلة وإلى القراءة والتفكر بها وهي تناسب العصر الحديث.
** للمتخيل السردي دور كبير في إنجاز العمل الروائي الذي يتصف بجمالية أغنى وأعمق من الواقع المفترض وأكمل لأن الواقع الموجود محكوم بصيرورة زمانية ومكانية لا يستطيع الانفكاك منها، أما المكان والزمان المتخيل فهو ملك الكاتب ويسير بخط موازٍ للواقع السردي ويستطيع أن يلتصق به أحياناً وأن يبتعد عنه أحياناً أخرى، كما أنه يتصف باتساع الفضاء الذي يسير به المتخيل السردي والانتقال سريعاً إلى أزمنة وأمكنة أخرى بخلاف الواقع السردي، ومن هنا يلعب المتخيل السردي دوراً هاماً في التعريف بالثقافات الأخرى والأمكنة الأخرى من خلال الإطلالة التي يؤديها.
لقد بنيت الرواية العربية وفق الأسلوب الكلاسيكي في العمل الروائي الذي يتصف بانسيابية الحدث "مقدمة، عقدة، حل" تبعاً لأسلوب الرواية الغربية حتى مطلع الخمسينات والستينات من القرن العشرين حيث بدأت تتأثر بالتطور الذي طرأ على الرواية الغربية التي أخذت تبنى وفق أسلوب وأشكال حداثية جديدة، وإدخال تقنيات "الفلاش باك، المونولوج، تداخل الأزمنة، استخدام الضمائر الضمائر المتعددة في الرواية"، كما هو الحال في بعض روايات "نبيل سليمان، حيدر حيدر، حنا مينه"، إلا أن دخول الحداثة إلى الرواية العربية ما زال قاصراً عن اللحاق بفن الرواية العالمية التي بدأت تدخل في أسلوب جديد هو الغرائبية كما هو الحال مع "غابرييل غارسيا ماركيز" والكاتب البيروفي "يوسا".
** كل عمل أدبي لم يخضع للنقد هو بمثابة البناء الذي لم يتم استلامه من قبل اللجنة الفنية التي تصدّق على صحة البناء، وعلى هذا فإن النقد هو كالمهندس الذي يضع ختمه على صحة العمل ويقوم بتشطيب الزوايا الزائدة والانحراف الذي لا لزوم له في العمل الإبداعي، ويؤسس على ذلك بأن الناقد هو كاتب للنص آخر غير المبدع الأساسي لأنه يرى النص من زاوية أخرى، وكذلك القارئ هو ناقد ويضيف للعمل الأدبي شيئا من خلال تصوره وتخيله لما ينبغي أن يكون عليه.
** صحيح أن الرواية العربية أنتجت مبدعين كثر وبرزت منهم أسماء أصبحت في مصاف العالمية أمثال "نجيب محفوظ، والطيب صالح، وحنا مينه" إلا أن العملية النقدية التي تنمو إلى جانب الأعمال الإبداعية من الطبيعي أنها أنجبت أيضاً العديد من النقاد لهم أعمالهم وكتاباتهم في مجال النقد، وباعتبار أن الإبداع يسبق النقد فمن الطبيعي أن تكون الأعمال الإبداعية في مجال الرواية قد تطورت أكثر من الأعمال النقدية، وينتج أن العملية النقدية العربية ما زالت حتى الآن لم تكون مدرسة باسمها كما هو الحال في الغرب، ولا شك يوجد الآن رؤية حداثوية في مجال النقد إلا أن هذه الرؤية لم تتبلور بعد وتنضج وتعرف باسم مدرسة معنية لها مريدوها وأساتذتها ومنهاجها الذي يسير عليه النقاد.