حين يكتب الشاعر كلماته لابد له أن يغوص في أعماق اللغة والأوزان والموسيقا، ولكن بين شرفة الوجود وقمر الخلود تقف كلمات الشاعر "صياح الحلبي" عبر ديوانه "شرفتي والقمر" على أعتاب الروح لتعانق الحياة والهموم الاجتماعية والوجدانية، وبعد قراءة تجد تجربته الشعرية تحمل معاناة الشاعر الذي يبحر في قاع البحار للبحث عما يريد، بإيقاع مختلف باختلاف قصائده ومواضيعها.
حول تجربة الشاعر "الحلبي" أوضح الشاعر "إسماعيل ركاب" لموقع eSwueda قائلاً:
الشعر من وجهة نظري موهبة وإبداع وخلق جديد وهو انعكاس عن ذات الشاعر وتعبير عما يختلج فيها من المشاعر والأحاسيس التي تظهر للوجود على شكل ما يسمى القصيدة أيا كان شكلها والشعر إما مطبوع وإما مصنوع والشاعر المطبوع هو الشاعر الموهوب الذي وهبته الطبيعة تلك المشاعر والأحاسيس فهي متأصلة في أعماقه منذ التكوين الأول والتي تظهر للوجود بعد النمو والإدراك فتبدأ الموهبة بالظهور علماً أن الموهبة تحتاج إلى صقل وعناية وتدريب وسعة واطلاع، بينما الشعر المصنوع هو الذي يعتمد صانعه على سر الصنعة الشعرية والتي تعتمد على قوانين الشعر وعلم القافية مستنداً إلى الألفاظ والصور وأنماط المحسنات البديعية وعلم اللغة والبيان، والشاعر "صياح الحلبي" واحداً من الشعراء الذين يملكون كل ذلك وقصائده عصماء تحمل صدق التجربة وحجم المعاناة لكون قصيدته لا تظهر للوجود إلا بعد المرور بمخاض كبير، لأن نظم الشعر ليس ترفاً عنده، بل هو حد ذاتي ذو شأن شأنه الأدبي بعامة ومرآة تعكس الواقع الذي يعيشه الشاعر والوطن والأمة بأمانة واقعية وإخلاص وشاعرنا عبر عن الواقع ومتطلبات الحياة بمصداقية وشاعرية رفيعة، من خلال مجموعته "شرفتي والقمر"
«الشعر من وجهة نظري موهبة وإبداع وخلق جديد وهو انعكاس عن ذات الشاعر وتعبير عما يختلج فيها من المشاعر والأحاسيس التي تظهر للوجود على شكل ما يسمى القصيدة أيا كان شكلها والشعر إما مطبوع وإما مصنوع والشاعر المطبوع هو الشاعر الموهوب الذي وهبته الطبيعة تلك المشاعر والأحاسيس فهي متأصلة في أعماقه منذ التكوين الأول والتي تظهر للوجود بعد النمو والإدراك فتبدأ الموهبة بالظهور علماً أن الموهبة تحتاج إلى صقل وعناية وتدريب وسعة واطلاع، بينما الشعر المصنوع هو الذي يعتمد صانعه على سر الصنعة الشعرية والتي تعتمد على قوانين الشعر وعلم القافية مستنداً إلى الألفاظ والصور وأنماط المحسنات البديعية وعلم اللغة والبيان، والشاعر "صياح الحلبي" واحداً من الشعراء الذين يملكون كل ذلك وقصائده عصماء تحمل صدق التجربة وحجم المعاناة لكون قصيدته لا تظهر للوجود إلا بعد المرور بمخاض كبير، لأن نظم الشعر ليس ترفاً عنده، بل هو حد ذاتي ذو شأن شأنه الأدبي بعامة ومرآة تعكس الواقع الذي يعيشه الشاعر والوطن والأمة بأمانة واقعية وإخلاص وشاعرنا عبر عن الواقع ومتطلبات الحياة بمصداقية وشاعرية رفيعة، من خلال مجموعته "شرفتي والقمر"».
موقع eSwueda التقى الشاعر "صياح الحلبي" بالحوار التالي:
** الشعر في أيامنا الحاضرة تنتابه ثلاثة اتجاهات الأول منها الشعر العمودي أو القصيدة العمودية التي سحرت الإنسان العربي على مدى العصور الأدبية من العصر الجاهلي مروراً بالعصور الإسلامية والأموية إلى العصر العباسي، الأمر الذي جعل الأذن العربية تألف أنغامه وأوزانه وصوره الجميلة وألفاظه الجزلة وتشابهه الخلابة ولكن شعبيته تراجعت كثيراً لأسباب منها أن القصيدة العمودية تلتزم الوزن والقافية والروي والألفاظ الجزلة المعبرة وهذه قيود تحد من انطلاقة الشاعر الذي يتوجب عليه التعبير عن متطلبات الواقع الذي يمتاز بإيقاعه السريع ولم يعد الشاعر مضطراً لأن يمضي حولاً كاملاً لإتمام قصيدته لكي تعلق على جدران الكعبة إنما يتطلب من شاعر اليوم أن يواكب العصر اليوم، ومن جهة ثانية القصيدة العمودية والجزلة والقوية تحمل القارئ عناء التفتيش عن المعاني المعجمية وذلك على حساب المضمون الذي هو جوهر القصيدة لكي تعطي الفكر الذي يحتاجه القارئ بغض النظر عن جمالية القصيدة ومضمونها إذا ما صدرت عن شاعر مطبوع، ومثال ذلك هذا البيت للشاعر البحتري في وصف الربيع: أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكاً / من الحسن حتى كاد أن يتكلما.
والاتجاه الثاني قصيدة التفعيلة، لاشك أن الإيقاع السريع للعصر ومستجداته ومتطلباته اقتضت الضرورة للتجديد في الشعر فكان ذلك على يد رواد الشعر الحديث أو شعر التفعيلة حيث اعتمد الشاعر على تفعيلة من البحر الواحد معتمداً الصورة والرمز موظفاً الأسطورة ومهتماً بكل ما يجعل قصيدته معبرة عن دوافعه الشعرية والفكرية بأسلوب أدبي شيق، هذا ما يجعل من قصيدة التفعيلة مجالاً رحباً لدى الشاعر أكثر ملائمة للتعبير حيث يعبر الشاعر عن مكنونات قلبه بحرية تامة، والاتجاه الثالث قصيدة النثر التي تعتمد على الإيقاع والإيحاء والجرس والموسيقا والإلقاء الجيد الذي يعطيها سحراً وجمالاً وقد انتشرت في الآونة الأخيرة ولها مريدوها الكثيرون ولا اعتراض عليها من حيث المضمون إنما ثمة جدل واسع الانتشار بين من يطلق عليها اسم قصيدة النثر وبين من يسميها بالنثر الفني الجميل متذرعين بذلك بما يحتويه تاريخ الأدب العربي من نصوص نثرية تخطب الألباب.
** جمال الشعر بصورة البديعة التي تحاكي الواقع وتنبع منه والشعر يقوم على العاطفة الخيال فالعاطفة هي المحرض الأساسي والدافع الذي يدفع بالشاعر للتعبير عما يجيش في خواطره بينما الخيال يمضي بالشاعر عبر مخيلة إلى مالا نهاية من التخيلات والتي بدورها يستقي الشاعر منها صوره المعبرة والمؤثرة وقد ورد في كتاب الشعر "لأرسطو" "الشعر عربة يجرها حصانان أحدهما الخيل والآخر العاطفة ويقودها حوذي ماهر هو العقل"، مما سبق فإن الصورة الشعرية التي لا تنبع من الواقع أو يكون لها إسقاط على الواقع لا قيمة لها بينما الصورة المتخيلة جميلة بلا شك ولكنها لا تعبر عن الواقع إلا إذا أسقطت على الواقع بشكل صحيح ولا ننكر دور الخيال في عالم الشعر الذي يمكن الشاعر من إبداع صوره الجميلة وقديماً كان يقال لكل شاعر شيطان يلهمه الشعر للشاعر النابغة الذبياني شيطانان وهذا في نظرنا اليوم يعود إلى الموهبة والإبداع والخلق الجديد.
** الأدب مرآة تعكس ما يجري في الواقع بكل دقة وبخاصة الشعر فهو خير معبر عن الواقع كيف لا والشعر كما يقال: "الشعر ديوان العرب ومستنبط آدابها وخزانة حكمها ومستودع علومها"، وفي كل العصور الأدبية كانت حركة التجديد مستمرة فكل عصر يأتي بجديد عن العصر الذي سبقه إلى ما وصلت إليه حركة التجديد اليوم فالقصيدة العمودية حافظت على الشكل ولكنها تطورت بالمضمون والطريقة التي تناسب العصر فأصبح الشاعر ينظم قصيدته بالتعبير عن الموضوع دون مقدمات لذلك تراجع النظم بموجبها قليلاً، أما قصيدة التفعيلة فهي أكثر انتشاراً وملائمة للعصر من سواها وكذلك قصيدة النثر ومع ذلك يبقى الشعر أكثر الأنواع الأدبية انتشاراً وقرباً من الناس وبطبيعة الحال على مواكبة تامة لمسيرة الحداثة.
** من خلال تجربتي الشعرية المتواضعة يتجاذبني شكلان من للقصيدة الأول القصيدة العمودية التي تعودت على جرسها الموسيقي وقافيتها الموحدة وأنغام بحورها ولكني أعبر بها بأسلوب معاصر يواكب الحداثة والتطور حيث الالتزام بقضايا الإنسان والوطن والأمة، والثاني قصيدة التفعيلة حيث للفضاء الرحب للقصيدة من خلال الانعتاق من القافية مع بقاء الوزن وحرية القافية حيث ينصرف الشاعر إلى العناية بموضوع القصيدة لا الاهتمام إلى شكلها فهي أقدر على مسايرة الفكرة وتوظيف الرمز والصورة والأسطورة.
** قصيدة النثر التي تعتمد على الإيحاء المثير والإيقاع الجميل آخذة بالانتشار بين الناس لأسباب عديدة منها أن الشاعرها غير مقيد بقافية أو وزن فالنظم بها أسهل من النظم بشعر التفعيلة أو الشعر العمودي ولكن الكلام النثري الجميل أو الإيحاء اللطيف يجعلها محببة لدى الكثير من القراء.