لها في الأدب أكثر من ثلاثة روايات ومجموعتين قصصية، لعل هذا الإبداع على علاقة بالموهبة، وهي تحمل رأياً في الكتابة الأدبية بأجناسها المختلفة، وخاصة في الرواية.
«الروائية الشابة "سماح المغوش" غزيرة الإنتاج، تحمل أفكاراً حداثوية من حيث اختيارها للأحداث وتعالجها بطريقة أدبية»، الحديث كان للأديب الدكتور "نزار بني مرجة" عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الكتاب العرب لموقع eSwueda الذي تابع بالقول: «لعل شبابها المتحمس مكنها من تعاطي الأدب بطريقة جعل منها أديبة تتقن لغة الرواية وتنحو نحو القصة القصيرة، على الرغم أن العكس يجب أن يكون، إلا أنها تحمل أسلوباً سردياً انسيابياً، ولهذا تراها تقدم روايتها الأولى "معاوية"، وهي تخطو بسرعة ليكون تحت الطبع أكثر من ثلاث روايات ومجموعتين قصصيتين، لابد أن للموهبة حقاً في ذلك فهي تقرأ بشغف كبير لكتاب وروائيين أجانب، وربما شكلت مخزوناً ثقافياً من ذاك الأدب، ولعلها استفادت من الطريقة السردية أيضاً حتى تمكنت من تقديم أعمال بهذا الكم الزاخر، وهي شابة طموحة تعمل على تقديم شيء مميز في مسيرتها الأدبية».
الروائية الشابة "سماح المغوش" غزيرة الإنتاج، تحمل أفكاراً حداثوية من حيث اختيارها للأحداث وتعالجها بطريقة أدبية
موقع eSwueda التقى الروائية الشابة "سماح المغوش" بتاريخ 30/11/2011 بالحوار التالي:
** هذا الكلام صحيحٌ نوعاً ما. فالعديد من الروائيين خلطوا بين الشعر والرواية، وعلى ما يبدو أن الروائي العربي يقع غالباً في فخ اللغة العربية، فلدى العرب عموماً تصور عن لغتهم خاصة بأنها لغة الشعر وطبعاً هذا تصوّر صحيح. لما أودع الله في هذه اللغة من جماليات فريدة ميزتها عن اللغات الأخرى، وقد حفظ العرب على مرّ العقود تاريخهم وتقاليدهم عبر الشعر، ولما ظهر فن الرواية حدث نوعٌ من الإرباك في البداية لدى الأدباء العرب الذين اعتادوا عبر عقود طويلة على الشعر، وما زال بعض الروائيين يستخدمون لغة نثرية اقرب إلى صور شعرية منها إلى لغة رواية في كتابة الرواية.
** هذا برأيي ليس في مصلحة الرواية بشكل عام، لأن الرواية تعني مقدمة وحدث وخاتمة لنقل فكرة معينة، المهم أن تكون اللغة سليمة متمكنة ولغة أدبية ولكن في أي لغة تكتب فهذا ليس مهما، أنا مثلاً سأسمى روائية حتى لو كتبت روايتي باللغة الروسية أو الفرنسية، ونحن نعود هنا إلى السؤال الأول الذي يعني أن هناك من يظن أن الكتابة بالعربية بالذات يعني استخدام لغة الشعر، وأنا من الذين يفضلون الفصل بين الأشكال الأدبية، فالشعر شعر والنص النثري نص نثري والرواية رواية. كما أن اللغة الشعرية تشتت ذهن القارئ فهو حين يقرأ نصاً فيه لغة شعرية يضيع بالكلمة وينسى الحدث، ولا يلبث أن يجد نفسه في النهاية أنه خرج من النص دون أن يعرف ما هو تحديداً فلا هو شعر ولا هو رواية، وللأسف هناك من يكون ضعيفاً في الأدب ولكي يتلافى هذا الضعف يقوم بالاتكاء على اللغة واللعب بها، فيصنع صفحات كثيرة من جمل شعرية، بينما لا يكون الحدث كله موجوداً حقيقة، ثم ينتج عملاً على شكل رواية من لغة شعرية وليس روائية.
** نعم هذا رأي سديد، كان من واجبي ككاتبة أن أعرض النص على من لديهم خبرة قبل إصداره لكنت آنذاك تلافيت مسألة الطول وعملت بالنصيحة، لكن الإنسان لا يتعلم إلا من أخطائه، وسأحاول تلافي هذا الأمر في الأعمال القادمة. لكن أيضاً هناك مشكلة تكمن في القارئ وليس فقط في الكاتب، فللأسف نحن مجتمعات أمّية ليس لديها ثقافة القراءة، بينما تتباهى شعوب العالم بمعدلات القراء عندها، فبريطانيا تتباهى بأن القارئ الانكليزي يقرأ ما لا يقل عن سبعة كتب في الشهر، والأمريكي عشرة كتب في الشعر، وهكذا بالنسبة لباقي البلدان، أمّا عندنا فالقارئ لا يكاد يقرأ صفحة في السنة، فالكاتب عندنا حتى لو كتب عشر صفحات، أين قارئها؟ وهذه مشكلة حقيقية وخطيرة أيضاً لأن الأمة التي لا تقرأ أمة لا تتقدم.
** الروائي الأجنبي يتميز عن الروائي العربي بأنه يتعامل مع الأدب كأدب إنساني قبل أن يتعامل معه كأدب ينتمي لقوميته أو أمته فقط، بينما الروائي العربي غارق بشكل عام بخصوصية المنطقة العربية. فالروائي الأجنبي يبتكر أفكاراً صالحة لكل زمان ومكان وعصر، أما الروائي العربي فهو غارق في الأغلب في تاريخه أو في مشاكل ضيقة أو في قضاياه السياسية، وكثيرون من الأدباء العرب يقيمون الأديب العربي فقط إن كتب عن قضية عربية، والأدب برأيي أوسع من تاريخ وقضية وسياسة، كما أن الروائي الأجنبي يبتكر أفكاراً خلاقة وخيالية وخرافية أحياناً كثيرة، بينما تفتقد الرواية العربية هذا الشكل من أشكال الفكر، فالروائي العربي يصرّ غالباً على واقعية تؤطر عمله.
أما الرواية السورية فمازالت غير متمكنة تماماً من نفسها، وما زالت متقوقعة على ذاتها، وضيقة في مجتمعها، وحبذا لو ننطلق إلى أفكار متجددة مبتكرة حتى لو لم تكن تمت بصلة لواقع معين.
** أنا أفضل الأسلوب التقليدي في كتابة النص الروائي الذي يبنى على مقدمة وحدث وخاتمة. وأفضل أن يكون السرد واضحاً راسخاً وليس ضبابياً. وأن يكون السرد في خدمة النص والفكرة، لكن السرد في النهاية يعتمد على طبيعة النص، فمثلاً الرواية التي بها شخصيات كثيرة تختلف فيها طبيعة السرد على الرواية التي تقل شخصياتها.
** هناك إن شاء الله مجموعة قصصية بعنوان "شجرة آدم" قيد الطباعة وسترى النور قريباً، وهناك رواية أنا في انتظار صدور موافقتها من اتحاد الكتاب العرب. مشكلتي أنني غزيرة الكتابة وما زلت أفتقر للتروي في الكتابة، فهناك لي ثلاث روايات أخرى ومجموعة قصصية أيضاً، وبسبب أنني أكتب بهذه الغزارة ربما أدى هذا إلى تأخير مسألة الطباعة والإصدار، فأنا أشعر دائماً بأن علي أن آخذ استراحة لفترة ما من الكتابة، لكن كلما استهوتني فكرة أجدني أبدأ بكتابتها، فمن الحب ما قتل.
** للأسف الساحة الثقافية السورية تحتاج إلى كثير من الأمور وليس فقط إلى روائيين ونقاد، فهي تفتقد إلى التمويل والدعم المادي ومهمشة بشكل عام ولا تلاقي الاهتمام الذي من المفترض أن تلاقيه، كما أن الساحة الثقافية السورية تفتقد إلى حوارات أدبية حقيقية وإلى اجتماعات أدبية حقيقية وليس مجرد شكليات وبروتوكولات، وأما بالنسبة للنقاد والروائيين فنحن بحاجة إلى الاثنين معاً، فالروائيين قلائل لدينا، كما أن الناقد عليه أن يكون موضوعياً ومباشراً في تعامله مع النص الأدبي، فمهمته هي النقد ومهمة الكاتب الاستماع إليه ومهمة الاثنان معاً التعاون لخدمة الأدب والرفع من شأنه، وأرى أنه يجب أن يكون هناك ندوات خاصة للروائيين فقط بحيث يكون في كل مرة فيها حديث عن روائي وروايته سواء من الموجودين على الساحة أم من الغائبين أم من المتوفين ويكون هناك نقاش من كل روائي ورأيه في النص وتبادل الأفكار والتجربة والخبرة، كما يجب أن يكون هناك نقاد أيضاً للإدلاء بآرائهم وتقييم النصوص، فالأدب عالمٌ جميلٌ شفاف يستحق منا أن نتحمّل لأجله النقد سواءٌ أكان إيجابياً أم سلبياً وأن نعترف له بضعفنا وتقصيرنا بحقه.