كان ذلك قبل ثلاثين عاماً أو أكثر، وكانت العادات جزءاً من ذاكرة الناس، ولولا المعرفة المسبقة من أن الذي شاهده ضيوف مهرجان الجبل الأول في مدينة "شهبا" كان تمثيلاً حياً على مدرج المسرح الروماني القديم، لاعتبره أي عابر سبيل عرساً أسطورياً لا يتكرر.
فالعَمْدة التي يعرفها المعمرون جيداً (قطعة حجرية ثقيلة لها مقبض يرفعها الرجل القوي من أهل العروس ثم آخر من أهل العريس كإثبات وجود وقوّة)، والفرس الذي ينقل العروس إلى بيت زوجها، تحيطه النسوة، والحاشية التي يعقدها الرجال، كانت حتى مساء الخميس الواقع في 6/8/2009، نثراً منسياً لا التفات إليه، إلى أن أتت فرقة "نمرة" للفنون الشعبية وأعادت إحياءه من جديد.
إن المسرح ساعدنا كثيراً على إظهار العادات الاجتماعية القديمة والمتميزة، من خلال الكواليس المحيطة به، ومساحته الواسعة، والأهم من ذلك كله المكانة التاريخية التي يتمتع بها، ولذلك تشاهد الأحداث بعد ذلك من منظارين: واحد لدى الرجال والحاشية والطقوس التي يقومون بها عند جلبهم العروس، والأخرى الفرح لدى النساء من الزغاريد والهولية والرقص على اللوحة، والصورة الجماعية لاختلاط الفريقين بأغنية مشتركة، ويبقى الهدف تذكير الناس بهذه العادات الجميلة، والقول لهم إنها سهلة التحقق إذا أرادوا ذلك
يقول السيد "مزيد الأباظة" مؤسس الفرقة لموقع eSuweda: «إن الفكرة والنص للأستاذ "عادل البعيني" والإخراج كان للفنان "تيسير العباس" الذي بذل معنا الكثير من الجهد حتى ظهرت هذه اللوحة الجميلة. والقصة تبدأ من دخول مجموعة من الرجال إلى إحدى المضافات وهم يحدون طالبين يد ابنة صاحب الدار الذي يكون لديه علم مسبق بقدوم الضيوف لهذا الغرض، فيدعو بدوره أقاربه، ويطلب من القهوجي صب القهوة للضيوف، حيث يضع والد العريس الفنجان أرضاً رافضاً شرب القهوة قبل الاستجابة لطلبه، وبعد أن يخبره والد العروس أن طلبه مجاب، يشترط عليه أن يقوم واحد من أهل العروس بحمل العمدة، مقابل واحد من أهل العريس وفي حال استطاع الثاني حملها تكون العروس من نصيبهم، وهي اللحظة التي تبدأ فيها الأغاني حسب عادات أهل الجبل القدماء».
الشاعر "نسيب فرحات" أحد المشاركين في العرض قال: «عندما ترفع العمدة من قبل أهل العريس، تقرأ الفاتحة على نية الخير، ويتدخل أحد وجهاء القرية كواسطة من قبل أهل العريس حتى يأخذوا عروسهم معهم لكونهم من المقرن الجنوبي وطريقه بعيدة، وأصبحت الفتاة ابنتهم، فيستجيب كبيرهم للطلب بعد موافقة العروس، وسرعان ما تبدأ الزغاريد من قبل النساء، ويبدأ الرجال بأغاني الجوفيات، وتدخل العروس على ظهر الفرس المزركشة بصحبة النساء وسط حالة من الفرح والدموع حيث يقوم رجل من أهلها بمهمة الشوباش، وهي عادة قديمة في جمع المال للعروس للمساعدة في بدء حياة جديدة».
مخرج العرس التراثي "تيسير العباس" قال: «إن المسرح ساعدنا كثيراً على إظهار العادات الاجتماعية القديمة والمتميزة، من خلال الكواليس المحيطة به، ومساحته الواسعة، والأهم من ذلك كله المكانة التاريخية التي يتمتع بها، ولذلك تشاهد الأحداث بعد ذلك من منظارين: واحد لدى الرجال والحاشية والطقوس التي يقومون بها عند جلبهم العروس، والأخرى الفرح لدى النساء من الزغاريد والهولية والرقص على اللوحة، والصورة الجماعية لاختلاط الفريقين بأغنية مشتركة، ويبقى الهدف تذكير الناس بهذه العادات الجميلة، والقول لهم إنها سهلة التحقق إذا أرادوا ذلك».