تقول الأسطورة إن السيدة "سارة" زوجة نبي الله "إبراهيم" مرت بجانب أناس كانوا أمام صُبّة قمح كبيرة (القمح المكوّم الناتج عن فصل الحب عن التبن) على أحد البيادر في مدينة "شهبا"، كانت صبة القمح عالية بعد أن قطعها الفلاحون عن التبن، وقد عبؤوا منها عديلان كبيران، وأحد الجمال بارك بينهما ينتظر على مضض حمله الثقيل.
حيتهم السيدة "سارة" تحية الصباح، وطلبت منهم كمية قليلة من القمح تريد أن تطعم أبناءها وبعض الجائعين واليتامى، ضحك صاحب البيدر وقال لها هذا ليس قمحاً يا سيدتي، إنما هو رمل أسود!. تنهدت السيدة "سارة" وقالت: «إن شاء الله يصبح رملاً».
إن هذا الأمر جميل جداً، لأنه يحض على إغاثة الملهوف ومساعدة المحتاجين، وباعتقادي أن هذه التلال تشكل معلماً سياحياً كبيراً إذا أحسنا الاستفادة منها، فتل شيحان مزار ديني قديم يؤمه الآلاف في كل عام، وأحد التلال فيه قلعة فرنسية يحاول مجلس مدينة "شهبا" استغلاله سياحياً
وغادرت حزينة تشكو أمرها إلى الله الذي استجاب لدعائها، وحول القمح إلى صبة رمل سوداء عملاقة، والعديلان إلى كتل عالية من الرمل، وتحول الجمل البارك بينهما إلى كتلة صخرية.
يقول الباحث في التاريخ الأستاذ "جمال أبو جهجاه" لموقع eSuweda عن حقيقة الحكاية، ومدى ارتباطها بالأسطورة: «إن الأسطورة في أساسها أو في معناها هي أحاديث عجيبة قد لا يقبلها عقل الإنسان، لأنها تبقى في الوهم، أو في الظنون التي تبتعد عن الحقيقة. لكن لكل أسطورة هدف، أو موعظة، أو نصيحة تدخل في إصلاح النفس البشرية، وحسب الأحاديث المتناقلة جيلاً بعد جيل عن التلال البركانية الرملية الواقعة إلى الغرب من المدينة، فهي على نسق واحد بطول أكثر من كيلو متر، تبدأ من تل "شيحان"، ثم تل "الغرارة" الشمالية التي تأتي في النسق بعد شيحان، ثم تل "الجمل"، ثم تل "الغرارة" الجنوبية، والشيء العجيب أن تل شيحان والغرارتين من الرمل الأسود الداكن بذرات متساوية تقريباً، أما تل الجمل بين الغرارتين، فهو يشبه الجمل في تكوينه ويبرك باتجاه الغرب ويختلف عن التلال الثلاثة لأنه كتلة صخرية كبيرة».
وعن التكوين الجيولوجي للتلال الأربعة قال الجيولوجي الأستاذ "نواف الدبيسي": «تعرضت المنطقة لبركان كبير نتجت عنه هذه التكوينات، والملاحظ أن البركان خلف وراءه أكبر صبة بازلت موجودة في العالم وهي "اللجاة"، وعند نهاية الصبة من الشرق تأتي التلال البركانية الأربعة، ثلاثة منها من الطف البركاني الخالص، وهو ثروة وطنية كبيرة، أما تل الجمل الذي يختلف في تكوينه عن الباقي، فهو من المخلفات البركانية الصخرية البحتة التي لا يمكن الاستفادة منها اقتصادياً إلا كاحتياطي بازلتي في المحافظة».
وعن الأسطورة التي يعتقد بها الناس في منطقة "شهبا"، أكد "الدبيسي": «إن هذا الأمر جميل جداً، لأنه يحض على إغاثة الملهوف ومساعدة المحتاجين، وباعتقادي أن هذه التلال تشكل معلماً سياحياً كبيراً إذا أحسنا الاستفادة منها، فتل شيحان مزار ديني قديم يؤمه الآلاف في كل عام، وأحد التلال فيه قلعة فرنسية يحاول مجلس مدينة "شهبا" استغلاله سياحياً».
بدوره رئيس مجلس مدينة "شهبا" المحامي "عماد الطويل" أكد لموقعنا: «إن هذه التلال جزء من ذاكرة الناس، وتشكل لوحة جميلة مكتملة مع ما تضمه المدينة من أوابد تاريخية عظيمة، ومجلسنا يحاول ضمن الإمكانيات المتاحة المحافظة على هذه التلال من خلال جعلها معالم سياحية مهمة، وفي الحقيقة أن التل الذي يضم القلعة يحتاج إلى القليل من العمل حتى ينطلق، أما تل الجمل فهناك اقتراح معروض ويتلخص بإنشاء تلفريك بين تل الجمل وتل الغرارة، وهو إن تم نكون قد حافظنا على التلال من أي شيء يمكن أن يغير معالمها، وبالتالي نحافظ على القيمة التي تحظ عليها الأسطورة، وعلى الذاكرة الجمعية للناس».