عشق الرسم لازمها منذ الصغر وبدأ في مدرسة الأنشطة الطلائعية وعاش معها في رواد الطلائع ومعارض المدرسة وانتهى بها في معهد الرسم ثم في بيت الزوجية.
موهبة الرسم التي تمتعت بها الفنانة "ضحى شعبان" من أهالي قرية "بشبطة" رافقتها كتابات شعرية أثنى عليها كل من سمعها أو قرأها ومنهم الأستاذ "زاهي وهبة" مذيع لإحدى القنوات اللبنانية.
إن حرق الخشب فن يحمل بين خطوطه العريضة حيناً والدقيقة حيناً آخر، معنى واحداً وهو البساطة الممزوجة بالجمال
وخلال لقائنا معها في منزلها عبرت عن بداية كتاباتها بقولها: «بدأت بكتابة القصائد النثرية بشكل متقطع ضمن حالات نفسية متنوعة يتخللها الخروج إلى الذات الاجتماعية لأبرز بشعري كل ما يدور حولي من فرح وحزن وشجون بعد تأثري به فكانت أول قصيدة بعنوان "أطفال يرون الله" وهي قصيدة طويلة كتبتها متأثرة بحلم راود طفلي في نومه متأثراً بما شاهده على التلفاز عن "غزة" ومجازر الأطفال فيها».
فترة خمول تجاوزت السنوات استيقظت منها على ألم فجر فيها مكنونات دفينة تحدثنا عنها: «بعد سقوط زوجي من أعلى شجرة الزيتون وفقدانه للحركة في نصفه السفلي اشتعلت في ذاتي شرارة الكفاح والبقاء وعادت إليَّ الأحاسيس الفنية التي سخرتها لتستمر بها حياة أسرتي».
شرارة اشعلت مشاعرها لكتابة أول قصيدة بعد نكبتها وعنها تقول: «ألم اعتصر قلبي بعد هول المصاب وأنتج قصيدة بعنوان "احترق قلبي" أروي من خلالها كفاحي وكيف يجب أن أكون إنسانة فاعلة في مجتمع بدأ يعطف عليَّ لأغير نظرة العطف إلى نظرة الإعجاب وأتجنب وصول الأسى إلى أطفالي وأكون محط إعجابهم في المستقبل أيضاً».
وتضيف: «ومن هنا انطلقت أفكاري وخيالاتي فكتبت قصيدة "فوضى" وقصيدة "بلا حب" وعدة قصائد أخرى أحاول جمعها حالياً في ديوان واحد لطباعتها».
وانتقلنا في حديثنا إلى الرسم حيث أن المأساة لم تحرق قلبها فقط، وإنما أشعلت أصابعها لتحرق بها الخشب حسب وصفها: «لم أستطع إيقاف أصابعي عند الشعر فانطلقت إلى الرسم بالحرق على الخشب بكل براعة.. فكانت أول لوحاتي بعنوان "العصفور النساج" الذي أعجبت بطريقة حياته، والتي تطابقت مع ما وصلت إليه مسيرة حياتي».
لوحات كثر رسمتها أيضاً ومنها "بوابات لا تغلق" والتي أعجبت كل من رآها حيث قالت: «إن الفنان يرسم ليضع كل ما لديه في لوحته، ولكن لوحة "بوابات لا تغلق" التي رسمتها أعطتني التفاؤل والأمل بالحياة، ونالت إعجاب كل من رآها لما حملته من معان وقيم وأمل».
وتضيف: «لا ينتهي دور الزوج حتى ولو كان مقعداً، فبعد إنتاج العديد من الأعمال اقترح زوجي "باسم" إقامة معرض في مركز ثقافي "صافيتا" مع الأستاذ "عدنان سمعان" وكان معرضاً ناجحاً على أثره أقيم لي معرض ثان بعنوان "الاستفادة من توالف الطبيعة" بإشراف الاتحاد النسائي».
وتقول عن فن الحرق على الخشب: «إن حرق الخشب فن يحمل بين خطوطه العريضة حيناً والدقيقة حيناً آخر، معنى واحداً وهو البساطة الممزوجة بالجمال».
فن الحرق على الخشب إنقاذ للبيئة وتنظيف لها، حسب وجهة نظرها التي أوضحتها بقولها: «الحرق على الخشب هو خلق فكرة على قطعة خشبية عديمة الفائدة موجودة ومهملة في مكان ما، بعد العمل عليها بحِرفية عالية لتصبح لوحة جميلة بعيدة عن زحمة الألوان».
توجد علاقة بين السيدة "ضحى" وكل لوحة ترسمها حسب قولها: «تولد اللوحة وفكرتها بعد علاقة خاصة بيني وبينها، فبقدر ما أعطيها من محبتي وإخلاصي وشيئاً من ذاتي أثناء تشكلها، بقدر ما تصبح قادرة على النطق والتحدث عن نفسها لكل من يراها ويتأملها».
رسمت لوحات تنوعت في شكلها وزخارفها وحاولت من خلالها المحافظة على فكرة أحبّتها تقول عنها: «مع كثرة اللوحات الموجودة أقول إننا لسنا بحاجة إلى الألوان للتعبير عن الجمال في اللوحة، فلكل لوحة شكلها المميز وزخارفها الخاصة بالحرق، وللجميع فكرتان هما: الحفاظ على جمال الطبيعة، وتذكر حياة أجدادنا وتوثيقها».
وتضيف: «من الزخارف التي تميزت بها لوحاتي الإطارات المصنوعة من لحاء الأشجار والتي صنعها زوجي "باسم" بكل دقة وحرفية، حيث إن التعامل مع لحاء الأشجار ليس بالأمر السهل فهو سريع العطب ويحتاج إلى ساعات طويلة لإنجاز إطار واحد».
وفي حديثنا عن كيفية تأمين لحاء الشجر لصناعة الإطارات يقول السيد "باسم محمد": «لم يكن باستطاعتي تلبية حاجة إطارات اللوحات من اللحاء فكانت يد السيد "عصام محمد" هي اليد الخفية في تأمين اللحاء من الغابة، والذي كان يتصل في كل وقت ويحضر كل صباح ليرى إن كان اللحاء يكفي لمتابعة العمل أم لا».