من "حلب" إلى "طرطوس" درب طويلة ومجتمعات متعددة العادات والتقاليد وحده الفن يستطيع أن يجمع بينهما ويختزل تلك الدرب الطويلة بمنحوتة جميلة صنعتها يد "حلبية" بإبداع "طرطوسي"
هي يد الفنان "وليد الشيخ" مواليد 1958 l الذي ولد وعاش طفولته في منطقة "باب الحديد" في "حلب" حيث البيئة التراثية الأثرية في تلك المنطقة الدافع الأول في تنمية موهبته في الرسم والنحت فكما يقول: «منذ طفولتي أحب اللعب بالطين والحجر فكنت دائما أعيد تشكيل الطين وأنجح في صنع أشكال قريبة من الواقع إلى حد ما ومع الوقت صرت أنحت ب"الصلصال" ثم "الحوارة" وهي أشد متانة من سابقها وحتى في المدرسة كنت الأكثر تميزا في حصة الفنون حيث كنت في كل حصة أقوم بإحضار شيء من منحوتاتي الطينية والتي كانت في ذاك الوقت بسيطة وأغلبها يجسد صورا للحيوانات».
أعمالي ليست للبيع وإنما هبة لكل عاشق للفن فأنا أفخر بتقديم عمل فني يحمل طابع "طرطوس" إلى أحد السياح من خارجها عمل فني يتحدث عن بحر "طرطوس" عن "طبيعة "طرطوس" عن خضار وطيبة أهل "طرطوس" إن هذه المنفعة هي أغلى من أي منفعة مادية
أوقات الفراغ بالنسبة للفنان "الشيخ" لم تكن أبدا كأقرانه من الصغار تمتد لساعات وساعات من اللعب والتسلية كما أخبرنا وإنما كان يستغلها لممارسة هوايته في النحت والحفر على الحجر واكتساب الخبرة التي تؤهله للإحتراف يوما وبدأ الاحتراف عنده يتبلور منذ سن الثالثة عشر حيث كانت منحوتاته كاملة بنسبة 70% على حد تعبيره ويتابع: «كنت أحب أن أنحت الوجوه ومختلف أنواع الحيوانات وأي منظر يشدني سواء من الكتب أو من المواقف اليومية يساعدني على ذلك والدي بلفت نظري إلى كل الأشياء الجميلة التي تستحق النحت حتى أنه كان يذهب إلى المكتبات خصيصا ليجلب لي كل المجلات العلمية التي يمكن أن أستقي منها مواضيع لمنحوتاتي وهذا كان شيئا مستغربا فكما تعلمون في ذاك الزمن لم تكن هذه المواهب تعني شيئا للأهل على عكس والدي».
كيف أتيت إلى "طرطوس"؟
«أمي من "أرواد" وزوجتي كذلك وأبي كان يحب هذه المدينة جدا فانتقلنا إليها في عام 1967 ومنها بدأت انطلاقتي الفعلية حيث شاركت بالعديد من المعارض في "أرواد" و"طرطوس القديمة" وفي المهرجانات التي تزحم بها محافظة "طرطوس" ريفا ومدينة رغم أني ابتعدت عن "طرطوس" لفترة من الزمن للعمل في "لبنان" لكن هاجس النحت كان يطاردني حتى في أحلامي حتى عدت إلى "طرطوس" وبدأت بالعمل النحتي».
ما هي خصوصية "طرطوس" بالنسبة للفنان؟
«"طرطوس" أعطتني قوة كبيرة فالمواضيع كثيرة وما تتخيله النفس البشرية وهي أمام بحرها أشد جمالا ولا تقل تلك المواضيع تميزا عن تلك التي نتخيلها أمام طبيعتها وجبلها ووديانها الخضراء بالإضافة إلى هدوئها والتعاون الأسري بين أهلها وطريقة الناس في الحياة كل تلك الأمور شجعتني لمتابعة طريقي الفني بزخم وإبداع فصرت أعمل أربع وعشرون على أربع وعشرون دون أن أشعر بالتعب على العكس كنت دائما أحس بالواجب تجاه كل ما تمتلك "طرطوس" من مقومات ساحرة».
وأكمل يحدثنا عن قطعه النحتية قائلا: «أعمالي ليست للبيع وإنما هبة لكل عاشق للفن فأنا أفخر بتقديم عمل فني يحمل طابع "طرطوس" إلى أحد السياح من خارجها عمل فني يتحدث عن بحر "طرطوس" عن "طبيعة "طرطوس" عن خضار وطيبة أهل "طرطوس" إن هذه المنفعة هي أغلى من أي منفعة مادية».
ما هي مشاريعك المستقبلية؟
«أهم مشروع لدي وهو ما أعمل عليه الآن مشروع خاص بالأدوات التراثية القديمة وسينتهي قريبا وبالنسبة لي العمل في التراث هو تاج العمل الفني لأي فنان خصوصا في "طرطوس" التي تعد بيت التراث فمازلنا نرى فيها كل شيء قديم من حجر "الرحا" وحتى معصرة الزيتون القديمة وحتى أن بعض النساء في قرى "طرطوس" مازلن يستعملن هذه الأدوات بدافع الحاجة لها وهذا شيء رائع جدا».