«التصوير الضوئي هو الرسم بالضوء، هذه الهواية التي كانت تسمّى هواية الملوك نظراً لكلفتها الباهظة، ففي عام 1925 كان سعر غرام الذهب يساوي طباعة صورة صغيرة». هذا ما قاله الأستاذ "علي نفنوف" الصحفي ورئيس فرع "نادي فن التصوير الضوئي" بطرطوس في لقاء مع eSyria.
يعلم من في "طرطوس" أنّ الأستاذ "علي" صحفي قديم وفي السنين القليلة الماضية شاهدنا اهتمامه الأكبر بالتصوير الضوئي. يخبرنا عن ذلك بقوله: «من خلال عملي كصحفي ومرافقة الكاميرا بشكل يومي أصبح هناك علاقة حميمية بيني وبين الكاميرا، وكما تعلم أدوات الصحفي هي الورقة والكاميرا ولأن الصورة هي اللغة الأوسع انتشاراً اعتمدت عليها كشاهد إثبات لصدق ما أكتب، لذلك كانت الصحف والمجلات بمثابة النافذة التي أطل بها على الناس لعرض لوحاتي، إن كانت هذه اللوحات تعبّر في الغالب عن واقع معيّن قد يكون غير جميل لكنّه يصب في خانة البحث عن الجمال، هنا راودتني فكرة عرض الجماليات فأقمت بالتعاون مع زملائي معرض "مرآة طرطوس" برعاية مجلّة "عمريت" عام 2007 وتتالت بعدها المعارض أذكر منها أيضاً معرض "نفحات ضوئية في كليّة الطب البشري بجامعة البعث في حمص 2009 و..».
أنا أفضّل أن أبقى هاوياً ولست حرفيّا لأن الهواية متجددة أمّا الحرفة فهي عمل ثابت وأنا دائماً مشغول بالبحث عمّا هو جديد
بعد اتجاهه للتصوير والمعارض تحوّل نشاط الأستاذ "علي" إلى شكل أكثر تنظيماً وإيماناً منه بالعمل الجماعي وعمل الجمعيّات الأهلية انتسب الى نادي"فن التصوير الضوئي" في سورية: «لكون النادي هو الجهة الوحيدة التي تُعنى بهذا الفن كنتُ متابعاً لمعارضه ونشاطاته حتّى تسلّمت فيه إدارة شؤون فرع "طرطوس"، وللمعلومات أكثر فإنّ نادي "فن التصوير الضوئي" تأسس عام 1979 بمشاركة 18 فنّاناً وكان رئيسه الفخري العماد أوّل "مصطفى طلاس" أمّا الآن فعدد أعضائه 420 عضوا من مختلف شرائح المجتمع ويرأس النادي حاليّاً الفنّان "عبد السلام عبد السلام".
اتجهتُ في نفس الوقت الى المواقع الإلكترونية المتخصصة بالتصوير العالمية منها والعربية لعرض أعمالي حيث يجتمع نخبة روّاد هذا الفن في العالم، ولكون الصورة لغة عالمية لا تعرف جنسيّات ولا قوميات فقد كان التواصل متاحاً دون حواجز، وبالمناسبة أنا معروف في دول الخليج العربي كمصوّر ضوئي أكثر مما يعرفني أهل طرطوس، وأنا حالياً أتعاون مع عدد من زملائي في طرطوس لتأسيس نادي للتصوير الضوئي خاص بالمحافظة وذلك شعوراً منّا بتنامي هذا الفن وانتشاره بعدما أصبح التصوير متاحاً بفضل الكاميرات الرقمية».
إن صور الصحفي تنقل واقع معيّن ينسجم مع الصورة الكلامية التي ينقلها في حين أن فنّان التصوير يهدف لعرض جمالية الصورة بذاتها، فكيف يحرص الأستاذ "علي نفنوف" على الانسجام بين الصور الكلامية بصفته صحفيا والصور الفوتوغرافية بصفته فنّان تصوير ضوئي؟ يقول: «لكل إنسان رسالة ورسالتي في العمل الصحفي لا تختلف عن رسالتي في التصوير الضوئي وقوامها البحث عن الحب والجمال فليست انتقاداتي الصحفية حالة سوداوية وإنّما هي نبذ لشيء مكروه وبحث عن الخير والجمال وهذا منسجم مع التصوير الضوئي الذي يعتمد بمجمله على البحث عن الجمال.
من جهة أخرى الجمال هو كتلة واحدة، لذا اتجهنا الى التخصّص وتشريح هذا الجمال بالابتعاد عن الصورة الكلاسيكية التي تأخد المشهد العام لتغدو الجزئيّات محور اهتمامنا في التصوير، وهو مافرضه علينا الانتشار الواسع لهواية التصوير فأصبحنا نفتّش عن الخصوصية في الصورة والتي يلزمها إدارة معيّنة واهتمام كبير لأنّ العصر الحالي هو عصر التخصّص من هنا جاء سعيي مع زملائي لخلق مدرسة جديدة في التصوير الضوئي تعتمد على الجزء، ولن أخفي صعوبة توجّهنا بهذا الاتجاه في بعض جوانبه كتصوير الحالات الإنسانية الشخصية "البورتريه" والذي هو هدف عام لأي مصوّر محترف لتقف الثقافة الشعبيّة حاجزاًمنيعاً يحول دون ذلك فمثلاً "إذا صوّرت فتاة أوروبيّة في حديقة تبتسم لك وتشكرك أمّا عِندنا فقد تكون نهايتك في مخفر للشرطة"».
في صور الأستاذ "علي" لون خاص يتناول به الطبيعة يظهر لون الأشياء في بعضها وعكسه في أخرى، وهو ما اعتبره خلق الانسجام من التناقض فقال في ذلك: «اللون أساس عمل الفنّان التشكيلي وهو مساحة حرّة له يمزج فيها ما شاء من الألوان لخلق ما يريد، أمّا المصوّر الضوئي فمفروض عليه اللون واللقطة وهنا يكمن التحدّي في كيفية إظهار هذه اللقطة، وهذا اللون بالشكل الذي يجعلنا نقف أمامه إمّا بالإعجاب أو بالحيرة، فتراني أحياناً أُجانب الشمس لأحصل على اللون الحقيقي للطبيعة وتارةً أُعاكسها لأحصل على لون مختلف وتارةً أُغيّر الزوايا لأحصل على لون آخر، فللون الذي تتحدّث عنه يختلف باختلاف مزاجيّة الفنّان ومقدرته على التحكّم في الكاميرا ومن يقول أنّ اللقطة هي كبسة زر فهو جاهل.
وبالنسبة إليّ فعلاقتي بالكاميرا تطوّرت لدرجة "الإحترافية والهواية" ولا أقول "الحرفية" لأنّ الحرفي يُنتج نوعا معيّنا بكميّات مختلفة أمّا الاحترافيّة فهي المهارة العالية في استخدام تقنيّة الكاميرا وتقنيّة الصورة أيضاً».
وعن نشاطات نادي "فن التصوير بطرطوس" يقول الأستاذ "علي": «يقيم فرع النادي معرض يشارك فيه حوالي 80 فنّاناً من كل أنحاء سورية، ويقوم النادي بالتحضير لمعرض مركزي في "دمشق بعنوان "جماليات من المحافظات سيعرض في شهر 10/2010 وقد ينتقل المعرض إلى تركيّا، وكذلك سنقوم برحلة إلى تركيّا لأخد صور من هناك وعرضها في سوريّة وذلك ضمن خانة تقويّة العلاقات السورية التركيّة».
وفي نهاية اللقاء ختم الأستاذ "علي نفنوف" قائلاً: «أنا أفضّل أن أبقى هاوياً ولست حرفيّا لأن الهواية متجددة أمّا الحرفة فهي عمل ثابت وأنا دائماً مشغول بالبحث عمّا هو جديد».
وليس ببعيد عن الأستاذ "علي" التقينا المصور المحترف الأستاذ "مدين ابراهيم" زميل الأستاذ "علي نفنوف" في التصوير وصديقه الذي حدّثنا عنه: «"علي نفنوف" صديق عزيز تعرّفت عليه في معرض "مرآة طرطوس" الذي أقامته مجلّة "عمريت" المحليّة بطرطوس وزاد من عمق العلاقة ترافقنا معاً لالتقاط الصور في أنحاء طرطوس المختلفة، كذلك فهو صحفي معروف وأنا معجب بتحقيقاته القويّة والجريئة، ورغم حداثة عهده في التصوير الضوئي الاحترافي فقد حقق مستوى عاليا من الاحترافيّة في التصوير».