إن الاعتماد على الصورة التوثيقية وفق مراحل زمنية متعددة في أغلب أعمال المصور الضوئي "منصور عبد الله محمد" أكسبت هذه الأعمال صفة السينمائية التي تماهت بين مختلف الألوان والصيغ السينمائية لتشكل رؤى بصرية لها شخوصها الخاصة.
موقع eSyria زار المصور الضوئي "منصور عبد الله محمد" بتاريخ "28/4/2011"، ليحدثنا عن علاقته بالصورة وأهميتها بالنسبة له، حيث قال: «اعتقد أن الصورة الضوئية هي مشهد سينمائي يحضره المتلقي لفترة وجيزة من الزمن، يرى خلاله واقع وتاريخ عايشه، وعايشه البعض الآخر في لحظة من لحظات تاريخ حياته، فلكل شخص ذكرى مع هذه الصورة، وخاصة عندما تكون توثيق للواقع بكل ما فيه من أماكن أو أشخاص أو غيرهم ممن يرتبطون بالواقع الحقيقي لهذه الصورة».
إن مجمل الإرث الثقافي والحضاري التي تزخر به كتبنا وتاريخنا وأحداثنا الحالية تعتمد على الصورة وجودتها وواقعيتها وقربها من المصداقية الحقيقية، لأن التركيبة العقلية لا تقبل وقائع دون صور شاهدة على الوجودية المشهدية
ويتابع: «أحببت العمل بعدستي التي اعتبرها العين الثالثة لي على الأماكن، وخاصة الأثرية منها التي لم تلقى في فترة من الزمن العناية اللازمة والمفروضة من الإنسان كائن من كان في حياة هذا المكان، لذلك أنا أرى أن هذه الصورة هي ثمرة جهد سيكون المستقبل القادم لها، فقد تكون المرجع الذي سيبحث عنه الناس الحقيقيون أصحاب هذا المكان يوماً ما، لاستذكار فضاءات الأشخاص وارتباطها مع الأماكن».
وعن ماهية الصورة وحقيقتها يقول المصور "منصور": «لا تكتمل الصورة إلا بتبويبها في إطار يسهل على المتلقي الاقتناع بها كفكرة أقدمها، وأهدف منها لأمراً ما، لان القراءة التاريخية السريعة التي يمكن أن تتكون من خلفيات هذه الصورة هي عملية تنشيط للذاكرة البصرية التي تعمل على تحريض المتلقي للاهتمام بالواقع وعدم إهماله، ليبقى العنفوان والإثارة البصرية سيدتا اللوحة التصويرية، لتكون لوحة جدلية تغني المشاهد والمتلقي بشكل عام».
هل تحتاج الصورة التوثيقية إلى يد أخرى تكون شريكة مع العين الثالثة ليكتمل المشهد البصري المراد من اللوحة الضوئية: «تختلف الصورة الضوئية كفن تشكيلي عن بقية الفنون الأخرى بتقنيات الضوء التي تدخل في اللوحة وتخدمها، وهي واحدة من عدة عوامل تتداخل مع بعضها لتشكل ميزان من العوامل الطبيعية والصنعية وأهمها الإنسان ووجوده وتأثيره فيها، وتبيان قيمته ضمنها أو مشاركته بها لتتبلور فيها الرؤية الحقيقية من وراء هذه اللقطة، والتي يمكن اعتبارها لحظة للذاكرة دون توضيح ماهية هذه الذاكرة أو حقيقة وجودها وسيدها المرهون بهذه اللحظة المنتفضة».
ويتابع: «إن مجمل الإرث الثقافي والحضاري التي تزخر به كتبنا وتاريخنا وأحداثنا الحالية تعتمد على الصورة وجودتها وواقعيتها وقربها من المصداقية الحقيقية، لأن التركيبة العقلية لا تقبل وقائع دون صور شاهدة على الوجودية المشهدية».
إذاً لنقل إن لكل منا رسالة، فما رسالة الصورة لديك: «إن رسالتي الشخصية من الصورة الضوئية، التي تكمن بين خفايا السطور وطيات الأوراق هي حماية التراث المعماري الذي لا يلقى أي اهتمام من أي جهة أو شخص، والحاجة لضرورة الاهتمام والعناية بما تبقى منه، ولو حتى على وضعه الراهن، لأنه خير من لا شيء، لان التاريخ سيذكرنا في وقت من الأوقات المستقبلية القادمة».
وفي لقاء مع المصور "شادي كرم" أكد أن قدم المصور "منصور" في مهنة التصوير أعطاه مهارة قد يفتقدها البعض في هذه المهنة، أضاف إليها دراسته في مجال الفن التشكيلي، مضيفاً: «لقد اتسمت صوره بالواقعية التوثيقية للواقع المعماري القديم، والمقارنة بينها وبين صور أخذت لنفس المنطقة ومن نفس الزاوية، فأعطى قراءة سريعة للذاكرة وللتاريخ من خلالها، وكيف يمكن أن تجذب كل متلقي لها ليتوقف عندها لحظات من الزمن ليحاكي قصة جرت في لحظة من اللحظات ووقت من الأوقات».
ويتابع: «أعتقد أن المصور الضوئي يحتاج للكثير من المعارض لعرض مواهبه التي يتمتع بها، وفرزه عن الكثيرين من العناصر الأخرى التي لا تمت للمهنة بأي عنصر من عناصرها، وبالتالي هي لمعرفة خصوصية هذا المصور واهتماماته ورؤية إمكانية مناسبتها لرؤى وأفكار أشخاص آخرين قد يستفيد احدهما من الآخر».
يشار إلى أن الفنان "منصور" أقام أول معرض له في عام /1983/ وكان معرض رسم لكونه خريج معهد فني، وحصل من خلاله على جائزة "فتيان سورية".