الهواية منحة من الله استخدمتها الحرفية "نظمية اسماعيل" لتشكيل لوحات فنية إبداعية تحاكي الطبيعة بمكوناتها وأفكارها، فتصبح متنفسها ومصدر رزقها.
فمن أعواد الخيزران وبذور الفاكهة وتوالف الطبيعة تكون موادها الأولية، أما فكرة العمل الأساسية فهي الطبيعة بحد ذاتها المسرح الذي تجوب فيه الحرفية "نظمية" مستقية الخطوط العريضة لعملها الفني، حيث إن الحرفية "نظمية اسماعيل" وخلال لقاء موقع eSyria بها بتاريخ "8/8/2011"، أكدت أهمية الطبيعة بالنسبة لها بقولها: «أحب الطبيعة التي ولدت وعشت فيها بشكل كبير، وأراقبها باستمرار في مختلف ظروفها وأحوالها لأرى إمكانياتها واستقي منها أفكاري والخطوط العريضة لأعمالي، فهي المحرض الأهم لمكنوناتي ومنمنماتي الداخلية التي تنسج من الرؤى ما يصبح إبداعاً ملموساً يشعرني بالراحة والمتعة.
أنا أرى أن أعمال الحرفية "نظمية" هي إعادة إحياء للطبيعة ومكوناتها ومكنوناتها الكثيرة، فكل ما تعمل به هو من هذه الطبيعة تعيد توظيفه بشكل جديد وفكر مختلف
فعملي هذا يجعلني استرخي كثيراً بعد الانتهاء منه، وبعد مرحلة شد ذهني أشبه بمخاض الولادة، فمرحلة إنتاج العمل مرحلة متعبة وشاقة، ولكن نهايته سعيدة دوماً، فمن الجميل خلق شيء من اللا شيء، بغض النظر عن أساس مكوناته إن كانت من بقايا الطبيعة أم من نباتاتها البرية والعشبية.
فأنا مراقبة للطبيعة بشكل مستمر من خلال نزهاتي اليومية فيها للترفيه عن النفس، وكل ما تقع عليه عيناي أعاينه وأنظر إليه من مختلف الزوايا الممكنة لمتابعة الخطوط العريضة له ومعرفة إن كانت هناك إمكانية تنفيذ فكرة ما عليه أو تنفيذها منه».
تعتبر الحرفية "نظمية" أن ما تقوم به هو رسالة يتفرع عنها عدة رسائل إنسانية يجب على الجميع إدراكها، وهنا تقول: «عندما أعمل على لوحات من توالف الطبيعة أشعر بقيمة عمل إنساني قد تم فعله، وهو ناتج باعتقادي عن تخليص الطبيعة من بقايا قد تؤثر سلباً على طبيعيتها، إذاً هذا يساهم في حماية البيئة التي نعيش فيها ونحن جزء منها».
وعن بعض الأعمال التي تقوم بها وتتقن العمل عليها تقول: «إن عملي بالحرف اليدوية جعلني أتقن عمل العديد من المهارات اليدوية التي يمكن من خلالها صياغة لوحات فنية إبداعية، كالعمل بأعواد الخيزران والرسم على الزجاج وصناعة اللوحات الطبيعية من البذور الطبيعية المتنوعة وهي الأهم بالنسبة لي والأكثر متعه.
فعند التفكير بفكرة عمل أساسه البذور الطبيعية أبدأ الاحتفاظ بكل أنواعها المتوافرة لدي كبذور الفواكه التي نتناولها أو بذور البطيخ والجبس أو بذور التمر وغيرها العديد».
إن اختيار أنواع البذور التي يجب صياغة اللوحة الفنية منها يجب أن تكون مناسبة كرمزية لفكرة العمل كلها، وهنا تقول الحرفية "نظمية": «عندما أجهز لبلورة فكرة ما في ذهني على الواقع أبدأ بجمع أنواع البذور المناسبة لفكرة العمل الأساسية، لأن لكل منها رمزيته الخاصة التي يعبر عنها شكل هذه البذور وألوانها وأحجامها، لذلك يجب أن تكون نسبة الانسجام فيما بينها حوالي /95/ بالمئة.
فمثلاً لوحة "الطفل" تحتوي على الكثير من البذور المتنوعة كبذور الزيتون وبذور التمر الطويلة وقشور الفستق الحلبي وبذور الصنوبر وبذور الليف والقليل من مادة المعكرونة، وقد اخترت هذه الأنواع من البذور لأنه وبرأيي كل نوع منها يرمز إلى شيء ويعبر عنه.
فبذور الزيتون ترمز إلى العطاء، وحين أضعها ضمن لوحتي اشعر بحيوية اللوحة، أما المعكرونة فهي ترمز إلى الخير لأنها مصنوعة من حبوب القمح التي تنتج كل منها سنبلة فيها الخير الوفير من القمح، وهكذا فهي عطاء لا ينضب، أما بذور التمر فهي برأيي ترمز إلى الشموخ وعندما أضعها في لوحة ما أقصد فيها الكبرياء والعزة».
وعن طريقة التعامل مع هذه البذور تقول: «بعد جمع البذور المراد العمل عليها أقوم بوضعها تحت أشعة الشمس حتى تجف، وفي هذه الأثناء أكون قد جسدت الخطوط العريضة للعمل على اللوح الخشبي مثلاً أو على القطعة القماشية، مع مراعاة تفاصيل اللوحة وإمكانية تطابقها مع الأحجام والألوان المختلفة للبذور وأين يمكن وضع كل نوع من البذور والخيارات المطروحة.
ومن ثم أبدأ بالمرحلة الأصعب وهي مرحلة ترتيب البذور كل في مكانها لتتناسب مع الإطار العام للوحة وفكرتها الأساسية التي تم تصورها مسبقاً، حيث أقوم بتلصيق كل حبة بذر بواسطة الغراء أو أية مادة لاصقة أخرى في التقسيم الفني الخاص لها في اللوحة.
أما مرحلة تلوين اللوحة فأغلبها أبقه بلا تلوين بعد وضع مادة السلر واللكر من بعدها عليها كحماية لها فقط من عوامل المناخ، ما يعطي إحساساً بحضور الطبيعة فيها، وبعضها الآخر أقوم بتلوينه بما يتناسب مع الفكرة الأساسية للعمل.
بعد الانتهاء من هذه المرحلة أقوم بتصميم الإطار الخشبي المناسب لفكرة العمل من حيث لونه وشكله العام».
وتختم حديثها بتوضيح كيف أمكنها الاستفادة من مهاراتها وهوايتها مالياً: «بعد تعدد الأعمال والمعارض التي قمت بها على مدار سنوات، جاء أحدهم وطلب مني إعطاءه عملاً إبداعياً مقابل بعض المال، حيث أبدى إعجابه بما أقوم به وشجعني على بيع ما أصنعه، ومن هنا كانت الانطلاقة حيث أصبحت موهبتي الفنية مصدر رزق لي».
وفي لقاء مع الحرفية "روجيه إبراهيم" أكدت لنا أن ما تقوم به الحرفية "نظمية" أقرب إلى الاحترافية، لأنه عمل صعب ويحتاج إلى تركيز عال في عملية التنسيق وخاصة في اللوحات المصنوعة من البذور وأعواد القصب، مضيفةً: «أنا أرى أن أعمال الحرفية "نظمية" هي إعادة إحياء للطبيعة ومكوناتها ومكنوناتها الكثيرة، فكل ما تعمل به هو من هذه الطبيعة تعيد توظيفه بشكل جديد وفكر مختلف».
يشار إلى أن الحرفية "نظمية اسماعيل" من قرية "الزعفراني" التابعة لمدينة "الشيخ بدر"، وهي عضو اتحاد حرفيي "طرطوس".