إن إحساس المصورة "روزانا" بالصورة الضوئية كان بداية شعورها بالموهبة التي تعيش معها مخاض الولاة التي لم تحن بعد.
فالمصورة الضوئية "روزانا خير بك" تلتقط الصورة الضوئية بشغف وعشق لأنها تعتبر أن أساس التقاط هذه الصورة هو الجمال وليس الإبداع، حيث تناغم هذا الجمال مع مهنتها الصحفية وأضفى على عملها صفة الإبداع.
أنا أرى أن المصورة "روزانا" تبحث عن هدفها من الصورة الضوئية في لحظات هاربة لا تتكرر أبداً ولو أعادت التقاط الكثير من الصور للمشهد ذاته، فهي تختار الهدف بدقة وتبحث عن آليات خاصة لاصطياد هذا الهدف، وهذا لأنها متمكنة من تقنيات الكاميرا التي تعتبرها جزءاً منها يرافقها دوماً، وهذا انعكس على تنوع أعمالها فجعلها جاذبة
eSyria التقى المصورة الضوئية "روزانا خير بك" بتاريخ "5/9/2011" وأجرى معها الحوار التالي:
** أنا لا أقصد البحث عن اللقطة أو الصورة، ولكن لمجرد شعوري باللقطة الجميلة أو الصورة المميزة لا أتردد في الحصول عليها، وبذلك يكون عامل جمال الصورة هو الأساس فأنا لا أعمل على خلق صور أو ابتداع صور بل أشعر بها أولاً.
** إن لحظة التقاط الصورة الضوئية من حيث الفلسفة هي مرحلة آنية لحظية، أي إن هذه اللحظة منحتني صورة معينة، ونفس المشهد وفي لحظة أخرى أعتقد أنها قادرة على منحي صورة مختلفة تماماً.
إذاً رغم شعوري الجيد عند الحصول على صورة جميلة يتجه تفكيري أو إحساسي نحو لحظة مختلفة من أجل المزيد من الجماليات لنفس اللقطة أو المشهد.
فمثلاً صورة القلعة هي لقطة لا تتغير مع مرور الزمن، لكن مشهد القلعة في الصباح الباكر هو غيره عند الغروب، أو مشهد مغاير عند التقاطها من زاوية مختلفة، أو ليلاً مثلاً، لذلك يجب على المصور تجريب جميع اللحظات الزمانية للصورة الواحدة.
** ربما طبيعتي الأنثوية تفرض عليَ الاتجاه نحو الورود، لرقتها ونعومتها، رغم أن تصوير الورود موضوع مطروق كثيراً من أغلب المصورين، لكن أتعامل مع هذا النوع من التصوير من خلال إحساسي الداخلي تجاه الورود، فمن رقة الورود أستلهم الإحساس بالجمال الطبيعي والعطر الفواح، لما تتمتع به من مكونات حسية وجمالية ورقة، إضافة إلى أن لها جمالية راقية منحنا إياها المصور الأكبر وهو الخالق عز وجل.
** الصورة الضوئية بحد ذاتها حالة لتوثيق الجمال، لذلك إذا كان المشهد البصري جميلاً فلابد من أن يجذب اهتمامي، وهذا الجذب يولد صورة، وهذه الصورة تمنحني الشعور بالرضا عن توثيقي لهذا الجمال وتكريسه وتعميم ثقافة الجمال في زمن تشوه بصري يطفو على كل معالم الحياة، والشرط الوحيد الذي يعنيني بالصورة هو الحالة الجمالية في فكرتها وماذا ستقدم إلى المتلقي، أي أسعى لأن تكون الصورة مختلفة عن الصور المكررة أو المستهلكة عند المصورين الآخرين.
** لا بد من الاعتراف بضرورة تقنية آلات التصوير، ولكن لا يوجد لدي هذه التقنيات الكاملة، ما أملكه كاميرا شبه احترافية أستعملها وأتكيف معها في لقطاتي الخاصة، ولكن لابد من التطوير في المستقبل.
** عيني الثالثة هي العين التواقة إلى الحلم الذي سيبقى أزلياً طالما تملك قلباً وروحاً، هي رحلة البحث عن الجمال بحد ذاته، فهاجسي هو تكريس حالة الجمال، لذلك لا أبحث إلا ضمن هذه الحدود.
** يعاني المتلقي الآن من أزمة ضخ الكثير من الصور له، وهذا يحدث حالة تشويش وتضليل عنده، ولكن يمكنني أن أتحدث عن الشريحة التي أتعامل معها والتي تقدر صوري جيداً، وأتذكر أن أحد متلقي صوري علق عليها بقوله- ما أبدع العين التي جعلتني أرى الطبيعة أجمل من الحقيقة- وهذا يجعلني أرى أن من واجب المصور ومهمته تحويل المشهد العادي المألوف إلى مشهد أكثر جمالية.
أما ثقافة المتلقي وعلاقته مع صوري فلها الأثر في تطوير حالتي الفنية وتقويمها وإعادة تأهيلها، بحيث أخلق نوعاً من التوازن بيني وبين المتلقي، فلا أنزل كثيراً إليه ولا أطلب منه الصعود الشاهق إلي.
** الصورة الضوئية هي رسالة، فقد تكون رسالة توثيق أو رسالة جمال أو رسالة اصطياد للقطة الهاربة أو تأطير اللحظة الجميلة، و لكن لا يمكنني هنا أن أخرج عن حالتي الصحفية، لأن الصورة هي النصف الآخر من عملي الصحفي، وقد تكون هي النصف الأقوى أحياناً، فنحن في لغة الصحافة نقول- إن الصورة تغني عن ألف كلمة- وأحياناً ننشر صورة في الصحف دون أن نعلق عليها أو نكتب عليها شيئاً، لأنها قادرة على أن تقول أشياء كثيرة لا يمكن أن نبوح بها بأقلامنا، وأحياناً نكتب مواضيع وتحقيقات نريد أن نوثقها فنرفق بها صورة، لذلك أقول إن الصورة هي رسالة صدق.
** للصورة الناجحة مقومات وأسرار، ويمكن القول إن الصورة ناجحة إذا ما استطاعت أن تخاطب العين والعقل والقلب، وأن تقدم وجهة نظري بوضوح وتختصر جملة من الكلمات والمعاني، ومن المهم أن تخلق الصورة جولة بصرية للعين، من خلال استغلال الإضاءة والألوان والخطوط وعناصر التكوين، وإدخال عناصر تجعل المشاهد يستمتع بالتأمل فيها.
** القصيدة عبارة عن صورة، سواء أكانت تلك الصورة فوتوغرافية أم متجسدة في مخيلة الشاعر، والصورة هي شعور كذلك، لذلك عندما تكون شاعراً في الصورة تكون معرضاً للشعر في جماليات هذه الصورة ولكن بلغة العين التي هي أرقى اللغات، لأن قمة القمع في العين هي الحيادية.
** رسالتي ترك بصمة توصل إلى المتلقي تميز "روزانا" من سواها من مصورات هذا الفن، وهدفي أن أترك الأثر الجميل في نفوس المتلقين، لأنه لا يوجد صورة في العالم إلا صورة الجمال حتى لو صورنا الموت إنما يكون من أجل طلب الحياة وليس من أجل تكريم الموت، كما هي صورة الشهيد مثلاً الذي نكرمه من خلالها ونؤكد استمرارية الحياة بها من بعده.
** مازلت في مرحلة البحث عن الخصوصية لي، لأن هذا الطريق طويل وطويل جداً، وإمكانياتي في تقنيات التصوير مازالت متواضعة، فالخصوصية يلزمها معدات خاصة، ولكن لا بأس بأن يطرق المصور كل ألوان التصوير وفصوله.
** أحببت التصوير الضوئي لأنه يَلتقط لحظات قد لا تتكرر أبداً ويحتفظ من خلالها بأحاسيس قد لا تعود بنفس القوه مُجدداً ولو تكررت الصورة.
** لقد اقتصرت مشاركاتي على المعارض الافتراضية على شبكة الانترنت، لأن كلفة الصورة أو المعارض لا تزال مرتفعة خاصة مع المتلقي غير الموجود على الأرض، لذلك أكرس اهتمامي على مشاركات الانترنت حالياً، مع الاعتراف بأهمية المعارض التي مازالت هدفاً أمامي أسعى إليه.
يشار إلى أن المصورة "روزانا خير بك" من مواليد "طرطوس" شاركت في مسابقة مجلة "العربي للتصوير الفوتوغرافي" لأفضل صورة فتوغرافية الهادفة لاكتشاف الطاقات الإبداعية العربية وفازت في عددها رقم /627/ ضمن شهر شباط /2011/.
وفي لقاء مع المصور الضوئي "علي نفنوف" قال: «أنا أرى أن المصورة "روزانا" تبحث عن هدفها من الصورة الضوئية في لحظات هاربة لا تتكرر أبداً ولو أعادت التقاط الكثير من الصور للمشهد ذاته، فهي تختار الهدف بدقة وتبحث عن آليات خاصة لاصطياد هذا الهدف، وهذا لأنها متمكنة من تقنيات الكاميرا التي تعتبرها جزءاً منها يرافقها دوماً، وهذا انعكس على تنوع أعمالها فجعلها جاذبة».