حلم أزرق يحوك أحلام طفولية لتخلق لنا خطوطا لونية امتزجت بذكريات البحر، ويتحول بين الفينة والأخرى إلى لوحة إبداعية تجذب المتلقي ليبحث عن مكامن الإبداع في اللوحة.
إنه الفنان التشكيلي السوري "غسان جديد" الذي يحول البحر والبيوت المحاطة به إلى خطوط لونية تشكيلية بأسلوب تختص به ريشته.
في معرضه هذا نلاحظ أن الفنان يستخدم اللون الأحمر بكثرة مع اللون الأزرق ليُكَوّن لنا انسجام رائع بين اللونين، وطبعاً هنا الغرض جمالي، فأحياناً لا بد من وضع الألوان الباردة مع الحارة لإبراز أحدهما بطريقة فنية معينة في اللوحة، وهي في النهاية تجربة ليست بعفوية
موقع "eSyria" بتاريخ 5/12/2011 وللوقوف على لوحات معرض الفنان "غسان جديد" في غاليري "قزح" حيث عرض لوحات عديدة تعبر عن بيئته الطرطوسية المحلية بنظرة تشكيلية ولونية خاصة به.
من الحضور التقينا الدكتور "نبيل رزوق" مدرس في كلية الفنون الجميلة ليحدثنا عن البحر واللون في لوحات "غسان جديد" الفنان التشكيلي السوري، فيقول: «المعرض متميز جداً، وأنا مطلع على مراحل عمل الفنان "غسان" سابقاً، فهي بالمجمل تدور حول التأثر بالبيئة المحلية، وهنا الفنان يعكس تأثره ببيئة محافظته "طرطوس"، حيث يرسم البيوت الطرطوسية، البحر، الأشجار والكثير من الرموز التي تعنى بهذه المحافظة تحديداً، مثل تطرقه إلى رسم القوارب والبحر باللون الأزرق، والمتميز أيضاً في أعماله تأثره بألوان البيئة التي يعيش فيها، حيث يعتمد اللون الأزرق والفيروزي بشكل واضح، هذا بشكل عام عن أعماله وتجربته الفنية، أما فيما يخص هذا المعرض فنجد قوة أكثر في اللون وعفوية تلقائية في التشكيل والخطوط على سطح اللوحة، إضافة إلى التلخيص أكثر من السابق، فيعتمد في لوحاته على الخط الغرافيكي، ويستخدم الخامات الناعمة والخشنة في لوحاته بإضافة الألوان عليها، وذلك من خلال الخط البسيط الذي يستخلص الأشكال والعناصر في بيئته اللونية».
يتابع الدكتور "نبيل": «في معرضه هذا نلاحظ أن الفنان يستخدم اللون الأحمر بكثرة مع اللون الأزرق ليُكَوّن لنا انسجام رائع بين اللونين، وطبعاً هنا الغرض جمالي، فأحياناً لا بد من وضع الألوان الباردة مع الحارة لإبراز أحدهما بطريقة فنية معينة في اللوحة، وهي في النهاية تجربة ليست بعفوية».
بين الأزرق والأحمر يتكون البحر مع تلك البيوت المتراصة بطريقة طرطوسية خاصة، هنا يقول الفنان "غسان جديد" في حديثه عن معرضه هذا، فيقول: «الموضوع والعناصر هي من بيئة "طرطوس"، بيئتي التي أعيش فيها وأعمل عليها، وفي كل مرة أبحث عن أسلوب خاص بي وبفني من الوجهة التشكيلية التي أبحث فيها، أما الجو السائد في الألوان فهو الأزرق نسبة إلى البحر الذي ينتشر بكثافة في المنطقة التي أعيش فيها، هو حنين للطفولة وأيام الصبا والذكريات التي أعود إليها، إضافة إلى الجدران الصلبة وانعكاسها على البحر وقلق الإنسان من خلال الألوان والعناصر التشكيلية في اللوحة، أما استخدام اللونين الأحمر والأزرق هو عبارة عن عملية تضاد بين البارد والحار ليبين قيمة العمل الفني واللون على سطح اللوحة».
أما "موفق مخول" الفنان التشكيلي السوري يحدثنا عن رأيه بالمعرض، فيقول: «اللافت في المعرض هو الروح والطاقة الجديدة التي تعبر عن فِكر الفنان، إضافة إلى الحفاظ على الخطوط الليّنة والألوان البريئة من خلال التضاد بين الألوان والعمل بروح طفل وعقل عبقري، فهو يرسم ببراءة عناصره ويلون بطريقة عفوية تعكس بيئته وذكرياته، هي حالة إبداعية حقيقية تعرض إبداع الفنان من خلال خبرته اللونية والتشكيلية، كما يصر في لوحاته على تكوين معين من خلال البيوت المتراكمة وإيمانه بذلك التكوين والشكل، وبطريقة بسيطة تصل إلى المتلقي، وهي من الأمور المهمة التي يحافظ الفنان عليها في لوحاته، وهناك موسيقا لونية امتزجت بتلك الخطوط لتخلق لنا حالة تشكيلية احترافية خاصة بالفنان».
الفنانة "أربيه فوسكيان" تقول: «يحاول الفنان "غسان" الاتجاه إلى التجريد بشكل كبير، فطرطوس تسكن كل لوحاته وألوانه التشكيلية، إنه يرسم فقط "طرطوس" بألوانه الرائعة، ولكن كل لوحة مختلفة روحياً وإبداعياً عن اللوحة الأخرى كما نجد هنا في معرضه الحالي، وذلك يعود إلى مخيلته الواسعة وألوانه الغزيرة برؤية تجريدية بحثية رائعة، هناك خيال واسع يبحر فيه الفنان من خلال تحويل التبسيط إلى التجريد ببقاء العناصر الأساسية في لوحاته، فهو يجرد ويبسط في اللون بمعالجة خاصة من خلال الطباعة واستخدام القماش في اللوحة».
من الجدير بالذكر أن تجربة الفنان "غسان جديد" الفنية والتي تمتد ما يقارب الأربعين عاماً تتميز بتركيزها على ملامح مدينته "طرطوس" وفق تشكيلات فنية متجددة في كل مرة بإحساس الإنسان الفطري المتعلق بالأماكن والطبيعة التي عاش فيها.
كما أن الفنان "غسان جديد" من مواليد "طرطوس" عام 1946 تخرج من قسم التصوير في كلية الفنون الجميلة بجامعة "دمشق" عام 1971 وأقام عدداً كبيراً من المعارض الفردية والمشتركة داخل سورية وخارجها.