الشاعر عيسى سلمان مارد لايخرجه من قوقعته إلا روح السندباد في داخل بحثاً عن الصورة الجميلة والكلمة التي تخلد أبداً فهو يرحل ويغيب ولكن يبقى شعره ليذكر به إلى الأبد وأحياناً تمسك الذكرى بطرف حبل الخلود حتى تندمج معه تماماً، وتفخر محافظة طرطوس بشعرائها وأدبائها تماماً كما تفخر ببحرها وسحر طبيعتها، ولعل الشاعر عيسى سلمان واحد من أبناء طرطوس، خرج من بيئة أدبية فوالده كان شاعراً وأمه سبقت جيلها حيث كانت متعلمة ومثقفة وتحفظ الكثيرمن الشعر.
عيسى سلمان يروي قصته مع الشعر والحياة قائلاً: "ولدت عام (1939) في قرية مزرعة الحنفية التابعة لطرطوس، وحفظت القرآن الكريم عندما كان عمري عشرة أعوام في الكتّاب، وتدرجت في مراحل التعليم حتى حصلت على إجازة في اللغة العربية من جامعة دمشق، ونلت دبلوم الدراسات العليا من جامعة القديس يوسف سنة (1978)، وعملت في مجال التدريس والصحافة والإعلام محرراً ومذيعاً ومديراً لصوت الجندي العربي الإذاعي، وأقمت العديد من الأمسيات الشعرية في جميع المدن السورية والكويت.
ويتابع سلمان: "قرانا وهضابنا الساحلية الجميلة تستحث قرائح الشعراء وتلهمهم قول الشعر ولقد ناجيت هضابنا مناجات شعرية كثيرة منها: (فهل ثمة تحية للشويف عشية تعيد ليالي الحب زهرا حوالي...لعل خيال العامرية زائر يشكو ليل العامرية ما بها.
صدقيني لاتولد معي القصيدة في أرق الليل كغالبية الشعراء ولكنها تولد في صحوة النهار حين تقع عيني على روعة الطبيعة وسحرها.
ويضيف سلمان: "الشاعر إنسان سبق عصره، فهو يرى مالا يراه الآخرون، وينفعل بما يراه أكثر من الآخرين، وأنا كشاعر أنفعل بجمال الطبيعة فأكتب، أنفعل لتفوق الأبناء فأكتب، أنفعل بالإنتصارات الوطنية فأكتب، وهذا مقطع من إحدى القصائد أصف فيها حفيدي:"بحمزة آمالي غدا تتجسد...وتزكو على مر الزمن وتحمد...وتعبق أيامي ويخضر بيدري...وبالوافد الغالي المنى تتجدد...فأهلا حبيب القلب أهلا ومرحبا...فمقدمك الزاهي ورود ومورد...رعاك إلهي ياحبيبي مؤيدا...من الله بالتوفيق جل المؤيد...ولازالت في عز وخفض ورفعة...يحيطك في حفظه الإله ومحمد...وأهلا وسهلا بالحبيب ومرحبا...يبارك هذا اليوم حمزة والغد.
لقد كانت سفرتي إلى الكويت من أهم محطات حياتي حيث ذهبت إليها إعارة لتدريس اللغة العربية من عام (1973) إلى عام (1991)، وبقيت فيها حتى عام (1999) وطوال هذه المدة عملت كمرجع للغة العربية والنحو واشتركت في مسابقتين شعريتين نظمتهما نقابة المعلمين الكويتية ونلت المركز الأول في كلاهما.
وحين عدت إلى أرض الوطن تفرغت أولا لطبع دواويني الشعرية وهي أربعة: (صلوات في محراب الحب والوطن- سلاما ياشآم العز-صلوات في محراب الإمام علي-وقصائد رضوية).
وبعد ذلك استمريت في كتابة الشعر وكرست نفسي لزرع حب الشعر واللغة العربية في نفوس أحفادي.