إن كل إنسان موجود على هذه الأرض ضمن هذه اللحظة التي تمثل عمره هو في الحقيقة يمثل الأرض بعمرها وأطوارها وحالاتها باندفاعاتها وتشوهاتها وعطائها وفي كل إنسان منا هذه الـ"4.6" مليار عام التي تمثل عمر الأرض لذلك أرى أنه علينا أن نحب هذه الأرض، أن نمسكها بقلبنا ونخبئها في ذواتنا، أن نصغي إليها ولسوف نزداد علماً «هذه هي الكلمات التي عبر من خلالها الدكتور "محمد توفيق يونس" أستاذ في جامعة "تشرين" كلية "العلوم" قسم "الجيولوجيا" عن أمنيته في الحياة بصفته جيولوجي درس ويدرس الأرض.
وخلال اللقاء الذي أجراه eTartus بتاريخ "16/5/2009" مع الدكتور "محمد" في منزله بشارع الكرامة في مدينة "طرطوس" تحدث عن علاقته بالشعر والأدب اللذين يتقن فنونهما إضافة إلى عمله الأصلي كمدرس في الجامعة فهو عضو في اتحاد الكتاب العرب وعضو مجلس إدارة الجمعية الجيولوجية السورية وأمين تحرير المجلة الجيولوجية السورية حيث قال: «تضيف التجربة العلمية للتجربة الأدبية قيماً هامة من منطلق أن العلم الحسي المادي والحالة الإبداعية المرتبطة بالشعور والوعي والعاطفة والثقافة كلاهما يتماهيان مع بعضهما البعض ليشكلا نسيجاً يمكن من خلاله أن تتكامل الصورة المعرفية لتحقق حالة إبداعية أرقى، وبالنسبة لتجربتي الأدبية فإن الكثير من المواضيع العلمية التي أصدرتها من خلال الكتب الجامعية كان فيها نفساً أدبياً حيث تقدم للطالب ما هو غير مألوف ولأن كل ما هو غريب محبب يمكن للطالب الجامعي أن يستقبل المعلومة وخاصة الجيولوجية التي تتميز بالأعمار والأبعاد غير المحدودة وغيرها من المعلومات المتعلقة بالأرض والصخور فعندما تصاغ هذه المسائل بأسلوب أدبي محبب تقترب من أنسنة وروحنة المادة وبالتالي يصبح استقبالها أكثر سهولة وبالمقابل ففي مجموعاتي الشعرية وخاصة "كيان وكون" التي تحمل اسم أبنائي "كيان" و"كون" إضافة إلى "سفر السفر" هناك كثير من المفردات العلمية التي ظهرت في نسيج القصيدة وأعطتها إشكالية جديدة من حيث غناها بفكرة على ألا تكون عبئاً على القصيدة فمثلاً في قصيدة "كيان وكون" يقول النص:
إن غاية هذا الرأي أو التقييم هو تشخيص لواقع ومحاولة البحث عن بدائل أفضل تمكن الجيل من متابعة نشاطاتنا الثقافية وليست الغاية توضيح صورة سوداوية أو حديث عن حالة ثقافية سيئة
كيان وكون/ ويكتب البدء قصته/ في عمق السديم/ حلم الأرض
هذي الجزيئات التي تعتصر الألم/ تنبض احتفاء بهذه الجبال التي تطلع ...تطلع
تدخل البحر، تخرجه/ ويندفع الألم المصهور "الماغما" الجذور
وعندما يستريح جسد الأرض/ تعلن الهيولى: أنا البدء/
كل شيء... مباح للنشوة
ويضيف السيد "محمد": «إن كلمات مثل السديم والجزيئات والماغما والهيولى هي بالحالة الطبيعية مفردات غير شعرية ولكن عندما تأتي في نسيج القصيدة وبالتناغم مع الفكرة يمكن أن تصبح مقبولة على ما أعتقد».
أما مجموعة إصداراته فهي: «"ريما وأقاصيص أخرى" وهي عبارة عن المجموعة القصص القصيرة الوحيدة لي صدرت في العام "1984" أما "كيان وكون" فهي المجموعة الشعرية الأولى وصدرت عام "1995" والمجموعة الثانية "سفر السفر" إصدار عام "1998" والمجموعة الثالثة "حالات" إصدار عام "2000" والمجموعة الرابعة "مقاربات" إصدار العام "2004" أما المجموعة الخامسة بعنوان "أبجدية الجسد" صدرت عام "2009" إضافة إلى ثلاثة كتب علمية تعنى بمواضيع الجيولوجيا البنيوية الأول هو الجيولوجيا البنيوية "1" إصدار مطبوعات جامعة "حلب" عام "1998" والثاني الجيولوجيا البنيوية "1" إصدار مطبوعات جامعة "تشرين" عام "2005" والثالث هو الجيولوجيا البنيوية "2" مطبوعات جامعة "تشرين" عام "2008"».
وعن سبب عدم تكرار التجربة القصصية في أعماله الأدبية يقول الدكتور "محمد": «في الواقع أرى أن فن كتابة القصة القصيرة وفن كتابة الشعر يولدان في مهد واحدة ويسيران في جدولين متوازيين حيث إن ملكة القص تحتمل الحدث والسرد والصور لاسيما أن معظم كتابات القصة القصيرة كانت بصيغة الشخص الثالث وقد قدمت للناحية الشعرية لدي اتجاهاً أكبر وأوسع حيث كان في القص شيء من الشعر وكما يقول "أبو حيان التوحيدي" إن أجمل الكتابة ما هو شعر كأنه النثر ونثر كأنه الشعر».
وعن رأيه بالواقع الثقافي في محافظة "طرطوس" يقول الدكتور "محمد": «في الواقع هناك إشكالية واضحة جداً فيما يتعلق بالاهتمام بالنشاطات الثقافية على امتداد المحافظة والقطر أيضاً وهذا ما نراه من خلال معظم المراكز الثقافية وترتبط هذه الإشكالية بأكثر من عامل فإذا أخذنا الشريحة المهمة وهي جيل الشباب نجد أنه في سوية المظهر العام من حيث عدم الاهتمام بهذه النشاطات الرسمية ويعود ذلك برأيي إلى المنهاج التعليمي أولاً الذي يتطلب من الطالب في مراحل الدراسة الحفظ والحفظ، وبالتالي كي يحقق معدلاً يؤهله لدخول الجامعة وكي يحقق معدلاً يمكنه عند التخرج من الجامعة أن يجد فرصة العمل المناسبة فلابد له أن يتفرغ بوقته لمتابعة دروسه أضف إلى ذلك الفرق الشاسع بين طريقة تفكير المعنيين في الحركة الثقافية وطريقة تفكير جيل الشاب ومتطلباته وما نحاول أن نقدمه له لذلك لابد من أن نجد بعض العكوف عن هذه النشاطات ولكن لابد من الاشارة إلى حالات تشهد النشاطات الثقافية فيها إقبالاً متميزاً، وهي التي تترافق مع قدوم الأسماء اللامعة والملمعة إعلامياً».
ويضيف الدكتور "محمد": «إن غاية هذا الرأي أو التقييم هو تشخيص لواقع ومحاولة البحث عن بدائل أفضل تمكن الجيل من متابعة نشاطاتنا الثقافية وليست الغاية توضيح صورة سوداوية أو حديث عن حالة ثقافية سيئة».
وعن النشاطات الثقافية التي يقيمها فرع اتحاد الكتاب العرب في "طرطوس" يقول: «لدينا تقليد أسبوعي وهو "الأحد" الثقافي ففي كل يوم "أحد" من كل أسبوع هناك على منصة قاعة الاتحاد شعراء وقاصون وأدباء أو باحثون يقدمون نتاجهم وإبداعاتهم والصالة مكتملة بالحضور المعروف دوماً».
وعن الجانب الآخر من حياته وهو العمل التدريسي يتحدث الدكتور "محمد" قائلاً: «أركز دائماً في بداية محاضراتي على مسألة مهمة جداً وهي ما وضعتها في مقدمة كتابي الجيولوجيا البنيوية التي تقول: "يتطلب من ذواتنا أن نفكر بوضوح وبنقد وتحليل وتركيب كي لا نخاف إن أخطأنا في خلق أفكار جديدة وأن نتأمل الأرض بمحبة وصفاء وعناية" فبقدر ما يتم التعامل بين الأستاذ الجامعي وطالبه بالمحبة والاحترام بقدر ما تتحقق هذه الوظيفة المتمثلة بالتعليمية والبحثية وبقيمة التواصل الإنساني بحيث تكون المرحلة الجامعية للطالب مرحلة تكوين ثقافي علمي وطني».