نشأ صيادا متمكنا في الحياة ولم يلتزم خطاً واحداً فيها وإنما تنوعت الاهتمامات وتعددت لتشمل الأدب والعزف على العود والتأليف والتدقيق إلى جانب زخم المطالعة والحياة الوظيفية التي تدرج فيها من مدير للمؤسسة الاستهلاكية التعاونية فرع "طرطوس" ليصبح بعدها رئيسا للجهاز المركزي للرقابة والتفتيش في "طرطوس" لتكون آخر محطات حياته صاحبا لمكتبة في قريته "بيت الشيخ يونس"، إنه المؤلف والباحث "محمود بشلاوي" الذي زرناه في قريته ليحدثنا قائلا:
«أنا من مواليد 1933 خريج كلية الحقوق، طبعا أنا أول ما بدأت الوظيفة اشتغلت على أساس شهادة الثانوية، لأن الظروف المادية لم تكن تسمح بالدراسة الجامعية فصممت على أن أدرس وأعمل في ذات الوقت والحمد لله فقد نجحت وعدلت وضعي الوظيفي فور تخرجي عام 1966».
أحبها فهي تجعلني على تماس مع الكتب ومن اعتاد على العمل فلن يستطيع أن يتوقف عنه أبدا حتى لو بلغ أرذل العمر
** «التأليف والكتابة كان على حساب صحتي فعملي يتطلب مني سبع ساعات يوميا وثلاث ساعات بعد عملي أقضيها بالمطالعة، وفي تلك المرحلة مرحلة الشباب كنت أسهر حتى الثالثة صباحا لأكون جاهزا في الساعة السابعة صباحا لمتابعة وظيفتي ومجمل تلك الأيام لم أكن أستريح أو أنام عند الظهيرة فمتعة المطالعة والكتابة كانت تأخذني وإن كانت على حساب صحتي فهي لم تكن أبدا على حساب عملي الوظيفي المهم عندي أني غذيت ميولي وحققت بعض المؤلفات التي كنت أحلم بها».
* ما تلك المؤلفات؟
** «قمت بتأليف مجموعة من المؤلفات منها كتاب "من درر الكلام في عظة الأنام" وهو يتضمن مجموعة من الحكم وأيضا هناك كتاب "العالم أحداث وأعلام وأرقام" ويقع في جزأين وهو في اعتقادي كتاب قيم تاريخي حيث يتحدث عن العالم منذ نشوء الخليقة وحتى الستينيات، وهناك أيضا كتاب "من حصاد الأمم في الأمثال والحكم" يحوي الأمثال الشعبية باللغة الفصحى والعامية وبالعودة إلى الكتب التاريخية فقد قمت بتأليف كتاب بعنوان "العمالقة والعباقرة والأوائل" يتحدث عن أهم العظماء الذين أثروا في مجريات الحياة والتاريخ وفي هذا الكتاب ساعدتني زوجتي كثيرا فهي خريجة تاريخ وملمة بهذا الموضوع وفي عام 1999 قمت بتحقيق وتدقيق كتاب "جعبة الصياد في الصحة وأخبار البلاد" وقد أسميته جعبة الصياد لأنه يشبهها فكما جعبة الصياد تحوي صيده الثمين فإن مضمون هذا الكتاب يتحدث عن مواضيع متعددة عن فوائد الخضار والفواكه ثم الجناس في اللغة العربية ثم ملخص عن دول العالم عدد سكانها والمساحة ورموز الاتصال فيها وبعد ذلك هناك قسم يضم مجموعة كبيرة من الأسئلة وأجوبتها وفي آخره شرح مفصل عن التدخين ومضاره على الصحة وهذا الكتاب سمعت عنه تعليقات كثيرة أكثر ما أثر منها في هو عندما قال لي شخص ما لم أعد أذكر اسمه إن هذا الكتاب هو مكتبة متكاملة بحد ذاتها وآخر مؤلفاتي كان كتاب بعنوان "دنيا اللغة العربية في القواعد والبلاغة" وبإمكان كل الطلاب والمهتمين الاستفادة منه».
** «الأمثال الشعبية هي ثقافة بحد ذاتها، كان أبي يحبها وقد ورثت هذا الحب عنه منذ صغري ولذلك كانت معظم كتبي عن الأمثال الشعبية والحكم التي جلبتها من كافة الدول وليست السورية فقط».
** «العود هو صاحبي الوفي الذي كنت ألجأ إليه عند الملل أو التعب فهو يسليني ويريح نفسيتي والآن أعزف عليه أكثر من قبل لكوني توقفت عن الكتابة وأصبح وقتي مخصصا له وللمطالعة».
** «أحبها فهي تجعلني على تماس مع الكتب ومن اعتاد على العمل فلن يستطيع أن يتوقف عنه أبدا حتى لو بلغ أرذل العمر».
وهنا توجهنا إلى زوجته السيدة "فوزية نمنوم" نسألها عن مساعدتها لزوجها ومساندتها له فقالت: «الحب يجعلنا نقوم بكل أنواع التضحيات، استطعت أن أفهم ميول زوجي وشاركته بها بما أستطيع فأوفر له أجواء الهدوء التي تناسبه حتى إني ساعدته في المجال التاريخي لكوني خريجة قسم التاريخ، والآن أنا فخورة به وبما أنجز في حياته فهو إنسان عصامي يستحق كل التقدير والاحترام».
ولابنته الآنسة "رانيا بشلاوي" حصتها في مساندة والدها تحدثنا عنها قائلة: «عندما كنت صغيرة أحببت أن أساعد أبي في شيء وأنا أشاهده يعمل ويقرأ ويسهر وقد أتيحت لي هذه الفرصة حين كبرت من خلال طباعتي لكتبه على الكمبيوتر، ما يجعلني أقضي معه بعض الوقت وأحس بالفخر والوجود لكونه قد أعطاني ثقته الكاملة في هذا الموضوع وأتمنى من أعماق قلبي أني حين أنجب أن يكون أحد أولادي شبيها بجده "محمود بشلاوي"».