سيرته الذاتية ملأى بالانجازات التربوية فهو المربي الفاضل الذي وجد ذاته في مهنة التدريس فأعطاها كل حياته.
إنه الأستاذ "فايز اسطفان" الذي قال عنه الأستاذ "منذر اسطفان" ابن المربي "فايز اسطفان"، خلال حديثه لموقع eSyria بتاريخ 30/1/2012: «لقد أحب والدي العلاقات الإنسانية بمختلف مكوناتها، ووجد هذه العلاقات بمهنة التدريس بعدما انخرط بها بين الحين والآخر خلال سنوات دراسته للحقوق بدمشق في مدرسة "الكلية الوطنية بطرطوس"، فقرر بعد التخرج العمل بها والمساهمة ببناء جيل من المثقفين يحملون ذات الأفكار والرؤى الإنسانية التي يحملها في زمن ملأه الفقر والجهل والتخلف، لأن الإمكانيات المطلوبة غير متوافرة أو متاحة للنهوض الثقافي والعلمي، وهنا برز دوره أيضاً كمرشد اجتماعي يقصده طلابه والمعارف والأقارب لمعرفة رأيه في بعض القضايا الاجتماعية، فليس من السهل النهوض بالمجتمع من أدنى درجاته إلى درجات متقدمة دون الانخراط مع أبنائه وكسب ثقتهم ومحبتهم.
لقد تميز والدي بالتواضع والطيبة بشهادة جميع الذين رافقوه خلال مسيرته التعليمية أو الذين تخرجوا في مدرسته، وطبعاً لا يحق لي التحدث عن هذه الأمور، ولكن الأمانة الاجتماعية والتاريخية تفرض هذا. يعتبر المربي "فايز" من مؤسسي الرعيل الأول لمثقفي "طرطوس" وأدبائها ومبدعيها في مختلف المجالات، لذلك لقب ب"المعلم الصالح" من قبل طلابه وتلامذته في "الثانوية الأهلية"
لقد تلقى المربي "فايز" علومه في مدرسة "الكلية الوطنية بطرطوس" التي أسسها المربي "يوسف الباني" في عشرينيات القرن الماضي، ودَرَسَ فيها وبعد حصوله على الحقوق التزم بالتدريس فيها للعديد من المواد ومنها مادة الرياضيات بعدما اشترت المدرسة البعثة العلمانية الفرنسية من المربي "يوسف الباني"، حيث لم يكن يوجد تخصص علمي للمواد المعطاة، بل التدريس يعتمد على الثقافة والدراية العلمية، ونظراً لجدارته وقدرته على التعاطي مع الطلاب استلم المهام التوجيهية في المدرسة، وأصبح مقصدا لجميع الطلاب للاستفادة من ثقافته وعلمه الذي لم يبخل بهما على أحد.
قبل خروج البعثة العلمانية الفرنسية من "سورية" اشترى المربي "فايز" البناء المدرسي وكل ما يتعلق به من مناهج وتراخيص بشراكة مع الأستاذ "دعاس بشور" ليتابعا المسيرة التعليمية وتنشئة جيل المستقبل المثقف الواعي، وأطلقوا حينها على المدرسة اسم "الثانوية الأهلية الخاصة" وذلك في عام /1953/».
ويتابع: «لقد تميز والدي بالتواضع والطيبة بشهادة جميع الذين رافقوه خلال مسيرته التعليمية أو الذين تخرجوا في مدرسته، وطبعاً لا يحق لي التحدث عن هذه الأمور، ولكن الأمانة الاجتماعية والتاريخية تفرض هذا.
يعتبر المربي "فايز" من مؤسسي الرعيل الأول لمثقفي "طرطوس" وأدبائها ومبدعيها في مختلف المجالات، لذلك لقب ب"المعلم الصالح" من قبل طلابه وتلامذته في "الثانوية الأهلية"».
أما الأستاذ "اسماعيل هاشم" الصديق القديم جداً للمربي "فايز" فيرى أن هذا الرجل بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، وهذا المرشد الاجتماعي الذي كان يقصده أبناءه التلاميذ للاستنارة برأيه السديد، هو إنسان مخلص لأنه لم يقطع جذوره التي ينتمي إليها، ففي كل عام تقريباً كان يقصد منشأ أسرته "الشوير" في "لبنان"، ليشد الروابط مع الأهل والأقارب، وليقضي مدة من فصل الصيف في تلك الربوع الجميلة، ويتابع علاقاته حتى مع المغتربين في مختلف دول العالم، فهو متقن لعدة لغات منها الفرنسية والانكليزية، إضافة إلى اللغة الأم وهي اللغة العربية التي قدت من صخر، لأنه كان مقرضاً للشعر ولغة الخطابة، وخطاباته الصداحة ما يزال صداها يرن في أذني.
في حين أن الأستاذ "رزق الله معماري" مدرس سابق في مدرسة "الأهلية"، يقول: «لقد سَخّرَ الأستاذ "فايز" نفسه وإمكانياته للعمل في ميدان التربية والتعليم وبكل تفان، فلم يقتصر عمله على نقل المعرفة العلمية إلى طلابه فقط، بل تعدى ذلك إلى التعامل معهم دون أيه حواجز، فهو معلم معهم، وأخ لهم، وصديق يستمع إلى مشاكلهم ليقدم الحلول الناجحة والنصائح المفيدة.
كان يتألق في الصف عندما يدرس مادة الرياضات الجافة أو مادة الفيزياء الصعبة، فترى الطلاب في تناغم تام معه، لأنه تمكن بقدراته من تحويل هذه المواد إلى مواد سهلة هينة تدخل عقول الطلاب بلا صعوبة، وهذا من شأنه أن يحفز هؤلاء الطلاب في دراستهم ويحققوا أفضل النتائج، ففي كل عام كان وما زال لدينا حصة جيدة من المتفوقين على مستوى المحافظة».
أما الأستاذ والأديب "عبد العزيز دقماق" فيقول عنه: «واحد من المربين الأفاضل الذين أسسوا للتعليم الخاص في "طرطوس"، وساهموا في بناء جيل قامت عليه المحافظة ثقافياً وعلمياً، وهو آخر العنقود بالنسبة لهم كالأستاذ "يوسف الباني" والدكتور "قيصر محفوض"، فلهم الفضل وكل الفضل في بلوغنا هذا المستوى العلمي والثقافي، والذي أصبحنا من خلاله منافسين على المراتب الأولى في "سورية" بشكل عام.
لقد كان المربي الفاضل "فايز" مدرس وقور وقدير في طريقة شرح الدروس وخاصة الرياضيات، فقد كان يملك طريقة توضيح تجعل من الطلاب أكثر انسجاماً مع الدرس، حيث يصبح الدرس جزءاً من ذاكرة الطالب، والدليل على ذلك أني بعد حصولي على الثانوية درست عدة سنوات في المنطقة الشرقية، وفي إحدى حصص إعطاء الدروس صادفتني مسألة كنت قد استمعت إلى حلها المميز قبل عشر سنوات من المدرس "فايز"، فعلى الفور استعدت ذات طريقة الشرح وقدمتها للطلاب لتبقى في ذاكرتهم كما بقيت في ذاكرتي».
يشار إلى أن المربي الفاضل "فايز اسطفان" من مواليد "طرطوس" عام /1921/ وتوفي في عام /1991/.