«عاليادي اليادي اليادي يا ام العبيدية/ يا حور شو ميّلك نسمة شمالية /يا جوخ تفصّلك للغالي صدرية» هو نداء للتلاقي بين الشباب والصبايا وأم العبيدية هي كل فتاة عزباء ربطت منديلها وجعلت عقدته على أحد جانبي الرأس أما إذا كانت ربطة عقدة المنديل خلف رأسها فهي متزوجة وليس بالإمكان دعوتها للتلاقي هكذا هي حال الكثير من أغاني الساحل السوري التراثية التي مازالت تتردد على الألسن حتى اليوم وبين ثنايا كل منها قصة وحكاية.
وعن رحلة الأغنية التراثية في الساحل السوري يحدثنا الباحث التاريخي "حسن إسماعيل"حيث قال: «لدي معلومات تؤكد أن أغانينا ذات أصل كنعاني أو آرامي والبعض منها عباسي فمثلاً "الدلعونا" لها قصة مفادها أنه في أوغاريت قبل"1500"سنة قبل الميلاد كانت هناك آلهة تسمى "عناة" سموها آلهة الخصوبة والخطوبة وسبب هذه التسمية أنها ارتأت على والدها الإله "أيل"تحويل الزواج في مملكته من زواج سفاح إلى زواج شرعي يجمع بين الرجل والمرأة في بيت واحد لتلافي النقص الحاصل في تربية المجتمع وتوزيع مسؤولية الملك أو الإله إلى الأسرة فوعدت كل شاب يتزوج من فتاة ويسكن معها في بيت واحد أن تدفع المهر وتبني البيت وتقدم الطعام واللباس مدة عام كامل فاعتبر هذا مكسباً وبدأت هذه المسألة تسري بين الشباب وأرادت الآلهة "عناة" من خلال هذا العمل أن تبني حالة من الألفة والتعايش بين الزوجين إضافة إلى إمكانية وجود مولود جديد يجمع الزوجين فكانت الآلهة "عناة" مطلب الناس لمساعدتهم فكل من يحتاج إلى المساعدة كان يقول:يد "العناة" أو يدك "ياعناة" وتحول هذا النداء فيما بعد إلى نداء للتعاون في كل الأعمال الصعبة التي تحتاج إلى مجموعات "يد العون" وربما جاءت أغنية"يادلعونا"من هذا النداء وأصبحت تؤلف المقاطع كل حسب حاجته وحالته ومنها الدلعونا "النايمة" التي استخدمها من كان يعمل بالزراعة لتسلية نفسه لأنها لا تحتاج لإيقاع ».
معظم الأغاني الشعبية لها إيقاعان طويل وآخر قصير وقد استخدمت الإيقاعات القصيرة في زمن الحداء حيث كان المغنون يغنون للقوافل أثناء سيرها لتستمر الجمال في سيرها مع استمرار أصوات الغناء وقد تحولت أغاني الحداء فيما بعد إلى ما يغنى على المقابر بعد الوفاة
وعن الإيقاع الشائع للأغاني الشعبية يقول السيد"إسماعيل":«معظم الأغاني الشعبية لها إيقاعان طويل وآخر قصير وقد استخدمت الإيقاعات القصيرة في زمن الحداء حيث كان المغنون يغنون للقوافل أثناء سيرها لتستمر الجمال في سيرها مع استمرار أصوات الغناء وقد تحولت أغاني الحداء فيما بعد إلى ما يغنى على المقابر بعد الوفاة».
ويضيف السيد"إسماعيل":«استخدمت هذه الأغاني في الأفراح والأعراس وكانت لها عدة إيقاعات تتناسب مع دبكات معينة حسب الفئات العمرية فكلما صغر سن المشاركين في الدبكة تتسارع الأغنية وكلما صغر عمرهم كانت دبكتهم أبطأ ومن الدبكات البطيئة "الجخة" أو"النخة" تأتي بعدها في السرعة "الكرجة" ثم "الميلة" ثم للشباب"الشبة" أو "النطة"وللصغار ما يسمى بالطيرة ولكل من هذه الدبكات إيقاع يناسبها ومن الممكن أن تغنى نفس الأغنية على كل هذه الإيقاعات».
ونحن نقول أن ما قدمناه هو جزء من فيض عن معان كثيرة لمقاطع أغاني تراثية كثيرة مازلنا نرددها بعضها ندرك معناه وفي أي شيء قيل وبعضها مازلنا نبحث عن أصله ويبقى بذلك البحث في تاريخ الأغنية الساحلية جارياً عسى أن نتمكن من جمعه أو الحصول عليه .