قواسم عديدة تجمع بين محافظتي "دمشق" و"طرطوس"، ومنها في مجال الأدب نخبة من الأعلام التي أضفت لوناً مميزاً يظهر في أعمالهم الأدبية بقوام من التاريخ، الحضارة والطبيعة، فوحدها عناوينهم تكفي لتعرّف بهم لدى الكثيرين.
"دمشق يا سفر الأنبياء"، "نور الفجر" وغيرها هي بعض تلك المؤلفات التي استوقفت "موقع eTartus" بعد أن تعرّف على الأديب "وضاح الجبل" في إحدى المناسبات الأدبية، فكان لنا لقاء جديد معه بتاريخ 1/10/2009، لمعرفة المزيد عنه والحديث عن الواقع الثقافي في محافظة "طرطوس" في هذا الحوار.
الشعر هو روح الشعوب والمعبّر عن إحساساتها المختلفة
** «البدايات كانت مع والدي الذي كان يقرأ دواوين الشعراء الفحول لأمتنا العربية (امرؤ القيس، عنترة، المتنبي، أبي فراس وغيرهم كثر).
لا ريب أنّ المكان الذي يعيش فيه الإنسان يلعب دوراً كبيراً منذ البداية وحتى اللحظة.
وكان وجودي مع والدي في "دمشق" بحكم وظيفته قد لعب دوراً هاماً في التأثير والتأثر بهذه المدينة التاريخ وما تحمله من عبق الياسمين الخالد».
** «إن مفردات الشعر هي خلق وإبداع وامتداد نور، وهذا يعني أنها تبحر بنا إلى آفاق الوطن وعمق الإنسان، وامتداد طبيعة وهاجس أمة وزمن نأمل أن يعطينا المزيد من الرؤيا، وبالنسبة للبيئة الساحلية حيث لغز البحر، وامتداد أمواج سكانها نوارس لا تعرف النوم إلا على ظهر موجة لذا حياتهم قلق بقلق، وهذه البيئة ببساطتها ولّدت إبداعاً نأمل أن يكون ويصبح بصمة حياة لأفق لا يغيب».
** «النشاطات الأدبية في المحافظة مقنعة إلى حدٍ ما، والواقع الثقافي رغم تنوعه لا يصل إلى حالة الإبداع الحقيقي رغم وجود بعض اللمحات في هذا الواقع، أما الجمهور فيكاد يكون مكرراً ومحدداً من حيث النوعية والكمية.
إنّ جمهور الشعر الحقيقي متراجع حقاً، وبرأيي الشخصي سبب التراجع هو نوعية من يأتون إلى وراء المنابر، وليسوا مقنعين لجمهور الشعر الحقيقي.
الحلّ الحقيقي والجذري يكمن في معجزة بظهور نابغة جديد يستطيع أن يعيد الجمهور إلى مكانه الصحيح».
** «نؤيد شريطة أن تكون نوعية ومختارة ومنتقاة بدقة بالنسبة للمشاركين، وألا تكون فيها المجاملات، والاعتبارات الشخصية التي تسيء للمناسبة والأدب».
** «الشعر القديم يبقى له الأثر الكبير في النفس العربية لما له من إيقاع وجرس موسيقي يحلق بك إلى فخامة الأدب.
بالضرورة لا، لأن مسيرة الأدب طويلة وشاقة ويلزمها المزيد من التجربة والعمق وبعد الرؤيا».
** «من المفترض أن يعبر عن الواقع وما وراء هذا الواقع وما يرمز إليه هذا الواقع وتجلياته، نعم يكون أقل أهمية إن لم يعبر عن ذلك».
** «لا يمكن أن يكون الإبداع عابر سبيل ولا يمكن أن يكون الإبداع إلا لمصلحة الوقت وإلا فهو أصعب أنواع الموت».
** «عندما يصبح الشعر يحاكي الإنسان كإنسان وتصبح القصيدة وطناً له تعبر عنه، فعندها تلغى الحدود والحواجز ويصبح ذلك شعر الرؤيا (قضايا الناس...) له دور هام ومحوري في التوجيه والإرشاد والدراسة الشمولية لمعطيات العصر بما يخدم الشعوب وقضاياها».
** «إن لغتنا العربية لغة حضارية استوعبت كل العلوم ولا يحق لنا إلا أن نكرّمها ونعتني بها ونحافظ على بنيانها من كل الشوائب التي لا تليق بكيانها السامق.
وبالنسبة لمناهجنا بشكل عام لا بد من إعادة نظر وتصميمها بشكل يتماشى مع تطورات العصر وجمالية لغتنا التي هي لغة أهل الجنة.
من حيث إضافة لغات أجنبية إلى المناهج الدرسية يعطي إضافة ثقافية لأبنائنا شريطة أن تكون ممنهجة وبعيدة عن السكب الذي لا يرسخ علماً أو منهجاً».
** «لكلّ خاصيّته لكن يبقى الشاعر الحقيقي من يجعل الناس يستمعون لكلماته وحينئذ يبحثون عن كتابه».
نذكر أن للأديب عدة دواوين شعرية منها "دمشق يا سفر الأنبياء"، "نور الفجر"، "الزيتون يبكي دماً"، ومجموعة قصصية بعنوان "عفواً أيها الشرف"، إضافة إلى عددٍ من الدواوين الشعرية قيد الطباعة، لكنه يضيف: «الشعر هو روح الشعوب والمعبّر عن إحساساتها المختلفة».
في قصيدته "دمشق يا سِفر الأنبياء" يقول:
سفرٌ على وجه الوجود أيا دمشق
أنت الزمان عبادةً
وصلاته حبٌ وعشق
أنت الورود على دروب الغار حقٌ
والياسمينُ، وقاسيونُ المجدِ أفقُ...
والأنبياء تناقلوا
سفرَ الشآمِ وسجّلوا
للشمس تاريخاً لها في العين نطقُ...
وعلى ضفافِ الخلد يا بردى الهوى
قلبٌ تراقص نبضه الشّاكي على وجعٍ يزغرد يا دمشقُ...
وهناك بين عيونها كتب الزمانُ بحارهُ
وأضاء في ليل الدّجى
نورُ الحقيقةِ قائلاً:
أنت الكنوزُ، وسِفرُها
وسماؤها وعدٌ وصدقُ
بوركت شمساً فالضّياءُ على جبينكِ يا دمشقُ...!