أرادت من روايتها "حين ينضج التمر" أن تصلح لكل زمان ومكان من خلال الانتقال بين مشاعر تلك الحسناء العربيّة وخلجات نفسها المضطربة وبين قساوة الحياة الطبيعيّة والاجتماعيّة لحياة الباديّة، التي اقتحمها فارس الأحلام الغريب عن طبيعة ذلك المجتمع وعاداته، هكذا أرادت الكاتبة "فاديا سليمان" من تجربتها الروائيّة الثانية، التي جرى حفل توقيعها في الندوة التي عُقدت لهذا الغرض في "المركز الثقافي العربي" في مدينة "صافيتا" بتاريخ 15/9/2010 بحضور ممثلي وزارة الثقافة وعدد من الكتّاب والنقّاد من أصدقاء الكاتبة.
وفي حوار لموقع eSyria مع الكاتبة "فاديا سليمان" أجابت عن تساؤلاتنا بشأن روايتها الأخيرة.
نعم لأنّك عندما تحب.. تملك الطاقة والقدرة على تغيير ظروفك وإمكاناتك فتخرج مكنونات روحك بصخب وبتوجيه نحو الخير والإعمار
فأجابت الكاتبة: «في ربّة العشق المحرّم انتهت الرواية بخاتمة مفتوحة تركت للقارئ حريّة وضع النهاية التي يراها، بينما في رواية "حين ينضج التمر" كانت النهاية بنصرة الحب والمحبّ بعد انتظار طويل وقاسي للبطلة ضمن بيئة قاسية طبيعيّاً واجتماعيّاً، وفكرة الرواية أنّ اختلاف البيئات الثقافيّة والاجتماعيّة والدينيّة لا يقف عائقاً أمام الحب الطاهر الذي يتفجّر كشلاّل في مجرى الحياة، وقد اعتمدت في الرواية طريقة الخطف خلفاً حيث يبدو في النهاية أنّ البطلة كانت تحكي أحداث الرواية لأطفالها وكأنّه حلم مرّ في حياتها ضمن أسلوب رومانسي».
لمسنا في الرواية دعوة للتمرّد على الحياة والعادات السائدة في المجتمع، تقول عنها الكاتبة: «نعم هناك دعوة حقيقيّة لكل شخص أن يُخرج ما بداخله، شرط أن ينسكب بعفويّة وصدق وأن نحطّم العادات البالية التي لا تتماشى مع تطوّر الحياة، لأن بداخل كل منّا شخصاً مبدعاً إذا توافرت له الظروف، وكانت قصّة زهرة البنفسج الطموحة خير مثال على ذلك».
** «تدفّقت الرواية بعفويّة وانسياب تبعاً لمشاعر البطلة وخلجات نفسها المضطربة فكأنّها تأخذنا معها في بحر مشاعرها مدّاً وجزراً تدفّقأ وانبعاثاً بقوّة الأمواج وتلاطمها».
** «بما أنّ الحب الطاهر والصادق هو العنصر المحرّك لأحداث الرواية وأشخاصها فإنّه يفوق حدود كل الأمكنة ويتجاوز الزمان ويجد لنفسه بقعة الضوء التي يستقرّ فيها وينشر نوره على الآخرين».
وحول الآراء التي دارت بشأن مضمون الرواية يقول الصحفي والناقد والناشر الأستاذ "علاّم عبد الهادي": «في البداية أنا كناشر عندما يُعرض عليّ كتاب لنشره أقوم بقراءته بطريقة تختلف عن قراءة الكاتب والقارئ العادي من موقعي كناشر وكناقد، وانطلاقاً من رؤيتي في العمل عندما أرى في الكتاب خطأ أنبّه صاحبه إليه وأقدّم وجهة نظري وغالباً ما يترك لي الكاتب حريّة التصرّف انطلاقاً من الثقة المتبادلة ووفق المعايير العلمية والموضوعية والفنيّة في إنتاج الكتاب ونشره، وجيل الرواة الحديث الذي تنتمي إليه الكاتبة "فاديا سليمان" لا يمتلك في معظمه تقنيات العمل الروائي المتكامل بالتالي فإنّ معظم ما يكتبونه أقرب إلى أسلوب الحكايات منه إلى عالم الرواية، وتغلب عليه النزعات الذاتية ما يعني أنه بعيد عن علم السرد والسرد الزمني إضافة إلى العناصر الثلاثة التي تكوّن أي عمل إبداعي "المثير والانفعال والتشكيك"، وبالوقت نفسه هناك أقلام روائية وقصصيّة جديرة بالتقدير والاحترام أمثال "نهلة البدوي" و"نجلاء علي" و"فؤاد معنّا" كقاصّ ومسرحي، أمّا الكاتبة الروائيّة "فادية سليمان" وهي محور حديثنا فقد قلت رأيي في أعمالها الروائيّة خلال الندوة وذكرت أنها تنتمي إلى التصنيف الثالث "المابيني" وهو الجنس الروائي الكامل، ورواية "حين ينضج التمر" أقرب إلى "السيرة الذاتية"، وكان واضحاً فيها السرد الزمني المتقطّع، إلا أنّ "فاديا" تمتلك إمكانات تمكنّها من دخول عالم الرواية بجدارة ويمكن اعتبارها إحدى كاتبات "الحب الروائي"، وبرأيي هذا لا يُلغي كثيراً من الجوانب الفنيّة الواجب توافرها في العمل الروائي وهي جوانب تتوافر في الروية الأخيرة».
وعن آراء الحاضرين لحفل التوقيع سألنا الصحفي الأستاذ "علي نفنوف" عن رأيه برواية "حين ينضج التمر"، فقال: «لا أعرف من أين أبدأ.. من الرواية التي عشقتها كعشق أبطالها أم من الكاتبة التي أعتبر شهادتي بها مجروحة لكونها صديقتي، ولكونه لابد من بداية فلتكن مع الروائية التي أعرف عنها رقّتها اللامتناهية في استدراج المفردات الناعمة وغربلتها من تعقيدات اللغة.. رغم أنها لغوية بامتياز، وتأتي أهميتها في اللغة الناعمة التي استخدمتها لتوظيف أفكارها، ولاسيما أن محور روايتها هو الحديث عن الحب وليس أي حب، إنه حب الأنثى التي تذوب برقّة وتعشق برقّة وتضمحلّ ذوباناً في الحب برقّةٍ أيضاً، في حين أنّ روايتها الأولى "ربّة العشق المحرّم" التي سمّيتها آنذاك رواية أنثوية بامتياز مع طغيان عالم الشعر عليها هي قصيدة مغنّاة بأغاني الحب وقصّة قصيرة بقالب روائي لطيف، وفي الرواية الأخيرة تحريض كبير للعودة إلى عفوية الحب وعفوية العلاقات الصادقة، ولكنّ الروائيّة تمكّنت بأسلوبها اللعوب من التمرّد على القارئ، ففي خاتمة الرواية تنتهي القصّة بأنها مجرّد حلم تمثّل في الوصول إلى النتيجة بالقول إن الأبطال تزوّجوا وأنجبوا صبيانا وبناتا رغم أن القارئ المسكين كان ينتظر أن يعرف مصير قصّة العشق التي عاشتها على مدار 125 صفحة من الرواية، وفي النهاية أقول إنّ رواية "حين ينضج التمر" ستجد لها موقفاً مميّزاً على خارطة الأدب وستتيح لها المكتبات مكاناً يليق بها كما القلوب».