تقع قرية "بيت الشيخ يونس" غربي مدينة "صافيتا" بحوالي 3,5 كم، وتتميز بالأحراش وأشجار "السنديان" التي كانت تغطي كامل مساحتها قبل أكثر من قرنين من الزمن.
القرية التي زارها "موقع طرطوس" بتاريخ 15/7/2009 تعد من أكبر قرى بلدة "صافيتا" إن لم تكن أكبرها، أمّا تاريخها فيروي عنه أبناؤها وأكثرهم معرفة بماضيها.
استوطن القرية عائلات وأفراداً قدموا تباعاً للسكن فيها من مناطق مختلفة، فبعضهم من مارس الأعمال الزراعية، وبعضهم المهن اليدوية أو الأعمال التجارية
"بيت الشيخ يونس"؛ عندما سألنا عن الاسم كانت الإجابة أنه قديم قدم القرية، فهذا ما شرح عنه السيد "عبد الحميد عبد الحميد" وهو أحد أكثر الملمين بقصة نشوئها، حيث قال: «كانت القرية عبارة عن أحراش قبل حوالي 220 سنة، وجاء إليها الشيخ "ياسين ياسين" وبنى منزله، فرزق بولدان هما "يونس" و"غانم"، وسميت القرية باسم ابنه الأكبر "يونس" فيما بعد وتوسعت وامتدت».
حكاية تروى في القرية ويتناقلها الأبناء عن الآباء والأجداد لما تعبّر عن الإيثار والتضحية، يرويها قائلاً: «كانت الحياة في تلك الأيام صعبة والناس يعتمدون على بقايا الحصاد من "القمح"، وكان "غانم" و"يونس" يجمعان هذه البقايا ولا يزالان صغيران.
في أحد المرات وبعد انتهاء فترة جني المحاصيل وبينما كانا عائدين إلى القرية بما جمعاه من القمح، صادفا عجوزاً في طريقه لجمع نصيبه منه، فأخبراه بأنه لا يوجد ما يستحق العناء فقد تم جمع ما تبقى، وعلما بعد ذلك أنه صاحب أسرة مؤلفة من 12 شخصاً وجميعهم كانوا مرضى، فلم يتمكن من مغادرة البيت من أجل الحصول على حاجتهم من بقايا القمح، وبعد أن تركهما وتابع طريقه تشاورا وقررا اقتسام ما جمعاه معه».
الشهرة التي ميزت القرية عن غيرها من قرى بلدة "صافيتا" على مر السنين ليست بحديثة العهد وقد تجاوزت بها حدود محافظة "طرطوس"، فكما يفسر السيد "عبد الحميد": «ما يميز القرية على مستوى القطر هو اهتمام شيوخها بالعلوم الدينية والأحكام الشرعية، وأشهرهم الشيخان "غانم ياسين" و"يونس ياسين"، "عبد الحميد يونس"، الشيخان "ياسين يونس" و"سليم غانم"، الشيخ "محمد ياسين" وغيرهم، وفي زمانهم لم يكن هناك شاعر إلا ومدح قرية "بيت الشيخ يونس" ومناقب مؤسسيها وآبائهم».
خدمات حظيت بها القرية باكراً بتعاون أبنائها وتكافلهم، ومنها يذكر: «تمّ استجرار المياه عام 1958 من عين القرية إلى خزان تم بناءه قرب المسجد، وفي نفس العام أيضاً تم تعبيد أول طريق إلى القرية ولم تكن متوفرة لمثل هذه القرى، أما الإنارة فكانت سنة 1976 وهي من أوائل القرى التي تمت إنارتها».
عن قصة النشوء والتزايد السكاني في القرية كان للحج "محمد ياسين" مداخلة يقول فيها: «استوطن القرية عائلات وأفراداً قدموا تباعاً للسكن فيها من مناطق مختلفة، فبعضهم من مارس الأعمال الزراعية، وبعضهم المهن اليدوية أو الأعمال التجارية».
ويقول عن بدايات التعليم فيها: «افتتح الشيخان "يونس ياسين" و"غانم ياسين" مدرسة "شيخ الكتاب" مجانية التعليم فقدم العديد من الأولاد بغية التعلم واستقرّ العديد من اليتامى في القرية، وقد بلغ عددهم 15 تلميذاً من القرية والقرى المجاورة ولاحقاً من مناطق مختلفة، وكان يتم استقدام المعلم تلو المعلم من ذوي المقدرة على التعليم».
اهتمام أبناء القرية بالعلوم الدينية من الأجداد حتى الآباء هو أيضاً بشهادة المحامي "يونس عبد الحميد" الذي قال: «كان يتم تعليم القرآن الكريم في عهد الشيخ "محمد ياسين" المجاهد العلامة الذي كان من حفظة القرآن، حيث أسس مدرسة سماها "مدرسة الأيتام" يدرّس فيها القرآن الكريم والعلوم الشرعية، وكان الشيخ "محمد ياسين" يقدم للطلاب في هذه المدرسة كل ما يحتاجونه من طعام ولباس ونفقات، على أن يتعلموا ويلتزموا بالتعاليم الدينية.
أول مدرسة ابتدائية رسمية كانت سنة 1916 وعام 1920 درّس فيها العلامة الشيخ "عبد الرحمن الخيّر"، وأسست مدارس التعليم الأساسي والثانوي لاحقاً في القرية».