مركز إشعاع فكري في منطقة "الخوابي"، انطلق منه العلم إلى أرض منبسطة أحاطت بها المياه الجارية فروت العقول العطشى للعلم والثقافة.
إن "الثانوية المحمدية" التي بدأ العمل ببنائها مع بداية عام /1923/ بمبادرة شخصية، حظيت بالرغبة الشعبية والمساعدة الأهلية من أبناء المنطقة، وهذا ما أكده السيد "معين الحارة" أحد أبناء قرية "خربة الفرس" الذين نهلوا العلم والمعرفة في "الثانوية المحمدية"، لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 12/11/2013، وهنا قال: «لقد لاقت فكرة بناء "الثانوية المحمدية" على نفقة الآغا خان "سلطان محمد شاه الحسيني" في منطقة "الخوابي" رضا وقبول جميع أبناء المنطقة ما دفعهم إلى تقديم الجهد العضلي الذي يملكونه للمساعدة في مراحل البناء التي استمرت ست سنوات متتالية نتيجة عدم توافر وسائط النقل وطرق المواصلات لإيصال مواد البناء إلى الموقع المحدد، حيث كانت عمليات نقل المواد والمؤن الإنشائية تتم على أكتاف أبناء المنطقة المتطوعين للعمل في بنائها، والشغوفين بنهل العلم والمعرفة، ما أضفى عليها الصفة الشعبية الأهلية فزاد من فكرة وجودها ثراء».
لقد ساهمت هذه المدرسة بمختلف مراحلها بنشأة أبناء منطقة الخوابي ومحيطها بما تحتويه من قرى وعائلات متعددة، فكرياً وثقافياً واجتماعياً واقتصادياً بعد مرحلة الظلام الدامس الذي حل عليها خلال فترة الاحتلال العثماني
وتابع في حديثه ليوضح أهمية وجود "الثانوية المحمدية" في تلك الفترة الزمنية: «لقد ساهمت هذه المدرسة بمختلف مراحلها بنشأة أبناء منطقة الخوابي ومحيطها بما تحتويه من قرى وعائلات متعددة، فكرياً وثقافياً واجتماعياً واقتصادياً بعد مرحلة الظلام الدامس الذي حل عليها خلال فترة الاحتلال العثماني».
وعن موقعها الجغرافي قال الأستاذ "معين": «خضع موقع المدرسة خلال مراحل البحث عنه إلى دراسات عدة لاختيار الأنسب والأفضل، وبعد جهد جهيد تم اختيار موقعها الحالي وهو الأكثر تميزاً بين بقية المواقع لتوفر عدة ينابيع مياه دائمة الجريان، ما أضاف برأي جميع أبناء المنطقة تميز يحتسب لمصلحة الثانوية».
الدكتور "نسيم الحارة" من أبناء القرية قال: «بنيت "الثانوية المحمدية" فوق أرض منبسطة ضيقة العرض ترتفع عن مجرى نهر "الخوابي" ما يقارب مئة متر، وهي تقع إلى الشرق من قرية "بيت ديبة" لكنها تتبع إدارياً إلى قرية "خربة الفرس" وتحيط بها مجموعة من القرى، وهي مغطاة بالأشجار الدائمة الخضرة كالسنديان وغيرها من الأشجار المعمرة، ناهيك عن الينابيع دائمة الجريان التي خصصت لها مجاري "أقنية" أسمنتية تسهل حركة المياه منها حول محيط الثانوية لتصب في مجرى النهر».
وأضاف الدكتور "نسيم" عن أهمية "الثانوية المحمدية" من وجهة نظره الشخصية: «لقد خلقت "الثانوية المحمدية" جيلاً مؤمناً بالعمل المبدع والخلاق، وأنشأته نشأة صحيحة، فأخرجت البيئة الاجتماعية من ظلام الجهل إلى نور المعرفة والعلم والحضارة، فكان من أبنائها الأطباء والمهندسون والمختصون العلميون والموظفون الناجحون، ما انعكس على طبيعة الحياة في المنطقة وحسنها وجعلها مصدرة للعقول النيرة والمفكرين البنائين».
الأستاذ "خضر قاسم حسين" مدير سابق للثانوية قال: «بدأ العمل ببناء "الثانوية المحمدية" عام /1923/ وفق نظام البناء الفاطمي، بمساهمة فاعلة من أبناء المنطقة كلٌ وفق إمكانياته وجهده العضلي لنقل مختلف مواد البناء، والمفارقة أن مراحل بناء الكتل الحجرية الإنشائية استمر ست سنوات نتيجة لكثافة المياه الجوفية المحيطة بالموقع، التي أدت إلى حفر أساسات كبيرة في باطن الأرض.
وفي عام /1929/ تم الانتهاء من بناء المدرسة وتم تدشينها في عام /1931/ على يد الأمير "علي خان" والد الإمام الحاضر "كريم آغا خان"، إلا أنه تم تأجيل العمل فيها حتى عام /1942/ لظروف قاهرة منها وفاة المسؤول الأول عنها الشيخ "عبد الله المرتضى"، وقد بلغت كلفة البناء حوالي /3000/ ليرة ذهبية».
وعن نظام التعليم في "الثانوية المحمدية" قال الأستاذ "خضر": «لقد عملت المدرسة "المحمدية" بنظام تعليمها وفق نظام التعليم الداخلي، فهي تضم القاعات التدريسية وغرف الإقامة للمعلمين والطلاب البعيدين عنها، كما تضم غرفتي مطبخ ومؤونة وغرفة طعام، وكانت حينها عبارة عن طابق وحيد.
ومع تزايد عدد الطلاب الوافدين المقبلين على التعلم وعدم قدرة الثانوية على استيعابهم، ألحق بالبناء ملحق ضخم ضم خمس قاعات تدريسية لزيادة القدرة الاستيعابية».
أما عن بدايات التعليم فيها فقال الفنان "نوار حمود" من أبناء القرية: «بدأت "المحمدية" استقبال طلاب المرحلة الابتدائية ثم تدرجت إلى استقبال المرحلة الإعدادية وبعدها الثانوية، وقد مر التعليم في "المحمدية" بمرحلتين الأولى منها مرحلة التعليم المجاني على نفقة "الآغا خان" الثالث "سلطان محمد شاه الحسيني" وهو مؤسس المرحلة الثانوية، أما المرحلة الثانية فكانت بأقساط رمزية من الطلاب للمساهمة في تغطية جانب من ميزانية الثانوية، علماً أن أبناء الفقراء كانوا معفيين ويتلقون علمهم مجاناً».
وختم حديثه بالقول: «في عام /1967/ ومع إلغاء التعليم الخاص تم استئجار "الثانوية المحمدية" من قبل مديرية التربية بـ"طرطوس" وزودتها بكل متطلبات التعليم من جديد، لإدراكها قيمتها الفكرية والإنجازات العلمية التي حققها في المكون الوطني السوري ورفده بالخبرات والعقول النيرة».