يعد شاطئ "بانياس" مورد رزق لعدد من سكانها، ممن يمارسون الصيد البحري الذي توارثوه عن أجدادهم، ويستمر الكثيرون في الاعتماد عليه كمهنة أساسية أو إضافية.
eTartus قام بجولة في 12/1/2009 في القسم الموازي لشاطئ البحر في "بانياس"، حيث التقى بعدد من سكانها الذين يمارسون هذه المهنة.
"مصطفى عبد الرحمن" الذي تعلم الصيد من والده يخبرنا عن هذه المهنة: «لقد عملت طوال حياتي في الصيد، أغلب الصيادين هنا تعلموا الصيد من آبائهم الذين تعلموه بدورهم من أجدادنا، في هذه المناطق السكنية القريبة من الشاطئ، "الرملة" و"قصر تحوف"، والتي تعد أول المناطق السكنية في "بانياس"، كان البحر يصل إلى حدود المنطقة السكنية، وكان كثير من الناس يضطرون إلى إعادة بناء منازلهم بعد تخريب البحر لها في فصل الشتاء، صحيح أنها كانت أبسط وأقل غرفاً، لكن بعضهم لم يكن لديه خيار آخر.
من المناطق المجاورة لنا أيضاً "القبيات"، وهناك نسبة من سكان هذه المناطق قد تصل إلى 50% يعتمدون على الصيد في حياتهم، لكن نصف من يعملون بالصيد لديهم وظائف أخرى، فهو لا يكفي لوحده في أيامنا هذه لتدبر أمور العائلة، وتلبية كافة الاحتياجات. لم يكن جميع الصيادين يملكون قوارباً، وأحياناً يكون القارب ملكاً لعدة صيادين، حيث لم تكن مكلفة كما في أيامنا هذه.
ويتابع "مصطفى": في فصل الصيف تكون الأمور أيسر، لكن في فصل الشتاء يكون الطقس في أحيان كثيرة غير مناسب للصيد، فكما ترى الآن أجهز الطعم للخروج مساءً، وهناك أيام في مثل هذا الفصل قد أضطر لعدم النوم أكثر من ساعتين».
وعن أنواع السمك المفضلة يقول "مصطفى": «هناك سمك "البلميدا"، وهو نوع معروف عالمياً، و"السرغوس" و"الفرفور"، وهناك السمك الشعبي وهو الأكثر وفرة، و"السملين" و"السلمورة"، ولكن الكميات قلت كثيراً عما كانت عليه قبل عشرين عاماً مثلاً. يعود ذلك إلى زيادة التعداد السكاني، إضافة إلى زيادة وتحديث وسائل الصيد، كذلك ظهور مستثمرين جدد في هذا المجال لديهم إمكانيات مادية أكثر لشراء التجهيزات، بالرغم من أنها ليست مهنتهم الأساسية. ظهرت أيضاً القوارب الأكبر حجماً، حيث كان يعادل مردودها عدة قوارب صغيرة، لكن منع الصيد في المياه الإقليمية منذ حوالي العام، أصبح عائقاً أمام القوارب الكبيرة، فاعتمادها على الصيد في مياهنا لا يكفي حتى لثمن وقودها، كما أن الصغيرة منها والكبيرة تحتاج إلى صيانة دورية، لأن هيكلها السفلي يهترئ ما لم يتم طلاؤه بشكل دوري».
"محمد كروم"، رئيس جمعية الصيادين في "بانياس"، التي تعد حلقة الوصل بين الصيادين والسلطات المختصة، تحدث عن أنشطة هذه الجمعية لمساعدة الصيادين قائلاً: «بدأنا بتنفيذ مشروع لصيانة الزوارق، وتم جمع تبرعات بقيمة رمزية من جميع الصيادين للبدء به، حيث أنه يوفر على أصحاب الزوارق الكثير من الجهد والوقت، إضافة إلى الطريقة الملائمة لعملية الصيانة، حيث إن الزوارق تكون في مأمنٍ تام من أي ضرر. وقد تم فعلياً البدء بهذا المشروع الذي تواصل لمدة تقارب تسعة أشهر، حيث وجب توقفه بسبب مشروع توسيع أرصفة الميناء الذي شارف على الانتهاء».
ويضيف "محمد كروم" عن دور وزارة الزراعة في حماية الثروة السمكية: «هناك أنواع موسمية من السمك، يتم صيدها بواسطة الشباك، وقد قامت وزارة الزراعة بمنع أنواع الشباك التي تتسبب في خسارة أعدادٍ كبيرة من السمك الصغير».
رئيس مركز ترشيد الصيد البحري في "بانياس" المهندس "يوسف عثمان" أخبرنا عن دور هذا المركز قائلاً: «أحدثت هذه المراكز التي يبلغ عددها خمسة في محافظة "طرطوس" نتيجة لمشروع تطوير الثروة السمكية الذي تم في إيطاليا سنة 2004 بالتعاون مع منظمة "فاو" في إيطاليا، حيث ضمّ دولاً من محيط البحر الأبيض المتوسط. كما صدر في نهاية العام 2008 قانون يقضي بإحداث الهيئة العامة للثروة السمكية بمقرها الرئيسي في مدينة "جبلة"، من أجل حماية الثروة السمكية وتطويرها، وسيكون دور هذه المراكز ضمن أولوياتها، كما ترتبط هذه الهيئة بوزير الزراعة والإصلاح الزراعي».
تختلف أسعار السمك بحسب توفره وفوائده، وعن تجارة الأسماك وأنواعه العديدة أخبرنا "خالد خليل": «عملت لسنوات عديدة في الصيد، وفي السنوات الأخيرة تحولت إلى تجارة السمك، لأن الصيد البحري هو أحد أكثر المهن صعوبةً، ومن أكثر الأنواع رواجاً السمك الشعبيٍ، لاعتدال سعره، مثل "غبص"، "سكمبري"، "عصيفر"، "أم عين" (تونة)، "سلمورة"، "زمريدة"، وأهمها "البلميدا" و"السردين" لغناها باليود.
بعض الأنواع ذات الأسعار الأكثر ارتفاعاً هي: "غزال"، "سرغوس"، "جراوي"، "تريخون"، "سفرنة"، "مليفة"».
أما من الأنواع ذات الأسعار المرتفعة فهناك: «"لقص رملي"، "لقص صخري"، "فريدة"، "سلطاني"، وهناك أيضاً "القريدس"».
أكثر زبائن مادة السمك يشترونه من أسواقه المعروفة بدلاً من العربات المتنقلة، مثل "عماد سليمان" الذي أخبرنا: «أسكن في منطقة "القدموس"، وأفضل شراءه من هنا في "بانياس" حيث مكان عملي، ومن السهل دوماً الحصول على أسماكٍ طازجة هنا، وهي من المواد المرغوبة والهامة لدى أسرتنا، وهناك خيار بين أنواع متعددة معتدلة الأسعار».
كما شرح الدكتور "شادي الفقيه" في كتابه "الغذاء أفضل دواء"، أنّ الأسماك تعد أحد أهم عناصر الطعام المتوازن، لأنها غنية بالبروتين الكامل والأحماض الأمينية الأساسية التي تلزم لتصنيع البروتين واستخدامه في النمو.
ويضيف المؤلف في هذا السياق: «إن تناول السمك بصورة منتظمة يجنب الإنسان مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية، إضافةً إلى احتوائها على عناصر متعددة مثل الفوسفور والكالسيوم والمغنيزيوم والكبريت».
وينصح الكاتب في كتابه لحسن اختيار السمك، «أن تكون السمكة كاملة، وذات عينين صافيتين، ومنتفختين، وبراقتين، وجلد ناعم، ويجب أن يكون لحمها رطباً ومغطى بلمعانٍ شفاف».