هو ملاذ لقاصدي المدينة في العمل أو الدراسة، فتوضع غرفه بجانب بعضها بعضاً والفسحة السماوية فيما بينها أعطته إيحاء المنزل الدمشقي.
حيث إن هذا الخان القديم الذي سمي خان "الأرمن" ومن ثم خان "بيت جبور" سكن بين جدران غرفه المنتشرة على محيط حوالي /1000/ متر مربع الكثير من العائلات وطالبي العمل والعلم على المحبة والصدق والمودة، منتعشين باستنشاق الهواء البحري والمنظر الخلاب لأمواج البحر وهي تتلاطم مع الصخور، وهنا تقول الآنسة "عليا أحمد" لموقع eSyria بتاريخ 18/12/2011 وهي أحد قاطني هذا الخان مع أسرتها في سنوات سابقة: «ما يعطي هذا المكان قيمة مضافة الروح التي تنبعث من بين حجارة جدرانه وتهيم بين غرفه المتعددة والمتلاصقة مع بعضها بعضاً وكأنها منزل دمشقي تعج فيه الحياة وذكريات الكثير من الناس الذين قضوا فيه الوقت الكثير كعائلة واحدة، وهذا ما يدفعني لزيارة المكان بين الحين والآخر لأعيد قراءة ذكرياتي وذكريات من سبقوني في الحياة هنا.
يعز عليّ بعد هذا العمر الطويل الذي قضيته في هذا الخان والذكريات التي تحملها لي حجارته الرملية أن يبقى منزلا مهجورا دون حياة، لذلك لا أنفك أزرع الخضار المنزلية المتنوعة ضمن فسحته السماوية، لإعطاء الروح المتجددة للمكان
فأنا أذكر أن الدقة في تنظيم المكان كانت أساس العيش بهناء حيث إن لكل شخص غرفته الخاصة التي كانت تعطى له وتقدر مساحتها بتقدير عدد الأفراد المقيمين فيها، فمن المقيمين هنا أصحاب عائلات كبيرة مؤلفة من عدة أشخاص، ومنهم من هم أشخاص منفردين بسكنهم».
أما السيد "نافذ عزيز أحمد" المقيم في "خان بيت جبور" حتى الآن فيقول: «لقد كان هذا الخان بمثابة فندق يقصده كل من يعمل في المدينة أو من قصدها لمتابعة تحصيله العلمي، وقد أطلق عليه في السابق اسم "خان الأرمن" لإقامة الأرمن فيه ردحاً من الزمن، ومع بداية الخمسينيات سكن والدي الخان وأصبح القائم على أعماله وتعرف على جميع المقيمين هنا، ونشأت فيما بيننا علاقات اجتماعية رائعة وكأن الجميع أسرة واحدة.
كان يطلق على عائلتنا اسم "بيت جبور" ما أضفى على الخان ذات الاسم وهو مستمر حتى الآن، فأصبح الخان يعرف ب"خان بيت جبور"، وبالعودة إلى الحالة الاجتماعية التي سكنت هذا المكان الرائع، يمكنني القول وبلا مبالغة إنه كان أشبه بالمنازل الدمشقية القديمة من حيث البناء والتنظيم والروح الطيبة التي هامت فيها، وأعتقد أنه أنشئ في نفس الفترة الزمنية، فرغم تعدد العائلات والأشخاص الذين أقاموا في الخان فإن المحبة والود والنزاهة هي التي ربطت بين الجميع، فكنت ترى في الخان أشخاصاً من مختلف المناطق والمحافظات يعيشون وكأنهم أسرة واحدة، يطمئن كل فرد فيها على الآخر في حال غيابه أو تأخره أو مرضه، فلا ينقص أحداً منا شيء لأنه قد يجده عند جاره».
ويتابع في حديثه: «يقدر عمر الخان بمئات السنين، فأحجاره الرملية البحرية ما تزال تحكي حكايا سكانه الأولين الذين أقام بعض منهم في الطبقة الأولى من الخان والبعض الآخر في الطبقة الثانية، فمثلاً عائلة "أم غطاس" وابنها أقاموا في الغرفة الغربية الشمالية من الطبقة الأولى والتي تعبر أول غرفة عند دخول الخان، والسيد "جميل مرعي" في الغرفة التي تليها والسيد "محمود عزيت" الذي حضر من قرية "القمصية" في الثالثة.
فقد تتالت العائلات التي سكنت الخان ومن أقدمها بيت "حنا بركات" وبيت "شحادة زهرة" وبيت "سليم زويد" من قرية "عين التينة" في محافظة "اللاذقية"، والسيد "أسعد متواري" أبو عصام والسيد "إبراهيم شاهين" أبو العبد من قرية "الجويبات"، ومنهم من أقام عدة سنين ومنهم من أقام سنوات طويلة».
وختم حديثه بالقول: «يعز عليّ بعد هذا العمر الطويل الذي قضيته في هذا الخان والذكريات التي تحملها لي حجارته الرملية أن يبقى منزلا مهجورا دون حياة، لذلك لا أنفك أزرع الخضار المنزلية المتنوعة ضمن فسحته السماوية، لإعطاء الروح المتجددة للمكان».
وللوقف على تاريخ الخان وتصميمه الإنشائي التقينا المهندس "مروان حسن" مدير دائرة آثار "طرطوس" حيث قال: «بعد إنشاء دراسة متخصصة ببناء الخانات تبين لنا أن البناء مكون من طابقين أرضي وأول في الجزأين الغربي والشرقي، أما في الجزء الشمالي والجنوبي فهو عبارة عن طابق واحد فقط، والمسقط الأفقي للخان هو عبارة عن مستطيل مدخله الرئيسي من جهة الغرب، وهو يؤدي إلى فسحة سماوية مستطيلة الشكل وتحيط بها أجزاء المبنى، ويوجد في الجهة الغربية للفسحة درج حجري يوصل إلى الطابق الأول».
وعن مادة البناء يقول السيد "مروان": «جدران البناء مبنية من الحجر الرملي المنحوت، أما أسقفه الأصلية فهي عبارة عن قضبان وألواح خشبية تعلوها صبة من المونة التقليدية، وفي البعض الآخر تم استبدال الأسقف الخشبية بأسقف بيتونية، كما توجد بعض الإضافات من البلوك الإسمنتي وإكساء البعض الآخر من الجدران بالمونة الإسمنتية».
وفي توصيف الحالة الحالية للبناء قال: «أسقف الغرف الواقعة في الجزء الشمالي من الواجهة الغربية للخان منهارة بالكامل للطابقين، وبعض الغرف مغلقة بشكل عام لم يتسنّ لنا الدخول إليها لدراستها وإجراء القياسات اللازمة والدراسات الميدانية لها، وهنا اعتمدنا على الرسم التقريبي لها».
يشار إلى أن خان "بيت جبور" يقع في مركز مدينة "بانياس" وعلى شاطئ بحرها مباشرة.