استمرت العروض المسرحية التي قُدِّمت على مسرح "قصر الثقافة" في مدينة "حمص" لمدَّة أسبوع كامل، وذلك ضمن احتفالية "يوم المسرح العالمي" الذي يصادف موعده بتاريخ 27 آذار من كلِّ عام.

تمَّ الإعداد لهذه الاحتفالية والتعاون في تنفيذها بين فرع "نقابة الفنانين" و"مديرية الثقافة" وكذلك "مديرية المسارح والموسيقا"، والهدف منها هو النهوض بالحركة المسرحية في محافظة "حمص" كما ذكر "أمين رومية" رئيس فرع النقابة في المدينة خلال حديثه مع مدوّنة وطن "eSyria" والعروض التي شاهدها الجمهور على مدار أسبوع كامل هي لفرق مسرحية حديثة النشأة وجلُّ أعضائها من الممثلين الهواة، وبرأيه فإن تلك العروض سوف تترك أثرها في حوارات المسرحيين بين بعضهم، وحتى بينهم وبين الجمهور الذي تابعها، وعن غياب روّاد المسرح القدامى عن الخشبة وعن الجمهور أيضاً تابع قائلاً: «لم يتقدَّم أحد من هؤلاء -وهم في جلِّهم أعضاء في النقابة- بفكرة عمل مسرحي رغم التمني عليهم، ليستفيد الهواة الشباب الذين شاهدناهم مع فرقهم المشاركة بالاحتفالية من خبراتهم، إلاَّ أنَّ لكلًّ منهم ظروفه الخاصة، أمَّا بالنسبة لجمهور "حمص" فإنَّ متابعته الدؤوبة، والحاشدة لكل الأعمال الفنِّية على اختلاف أنماطها، تشهد له بالذائقة الخاصة التي يتمتع بها عن سواه في المحافظات الأخرى، ونفتخر بوجود هكذا جمهور في مدينتنا».

ما شاهدته من عروض يستحق منَّا كمسرحيين قدامى، أن نشكر هؤلاء الممثلين الشباب على ما قدموه من جهد ومحبة للمسرح الذي يعطون أملاً باستمراريته في مدينة "حمص"، والأهم في هذه الاحتفالية وغيرها من المهرجانات هو دورها في تعزيز ما يمكن تسميته بالتنمية الثقافية

"تمَّام العواني" الممثل والمخرج المسرحي هو من ألقى خلال حفل الافتتاح كلمة "يوم المسرح" العالمي، التي كتبتها لهذا العام الممثلة البريطانية "هيلين ميرين"، حيث عبَّر عن سعادته لاختياره من قبل مجلس إدارة فرع "نقابة الفنانين" لتلك المهمة وفق ما قاله خلال حديثه لمدوّنة وطن "eSyria" بعد انتهاء العرض المسرحي الأول لهذه الاحتفالية، والذي قدَّمته فرقة "اشبيليا" التابعة لفرع "نقابة المحامين" في "حمص" وحمل عنوان "العرس" عن نصٍّ للكاتب الروسي "انطوان تشيخوف" وإخراج "فهد الرحمون"، حيث اعتبر ذلك تشريفاً وتكريماً له عن مسيرته الطويلة على خشبة المسرح وما قدَّمه من أعمال خلالها، أضف على ذلك اعتماده ضمن لجنة مشاهدة العروض التي أقرَّت الأعمال المشاركة في الاحتفالية، والمقيِّمة لها بعد عرضها، ومدى استمتاع الجمهور بأيِّ عملٍ مسرحي يشاهده، هو دليل نجاح لذاك العمل بحسب رأيه.

الجمهور في اليوم الأول من الاحتفالية

زميله الآخر في لجنة المشاهدة والتقييم "حسن عكلة" صاحب الباع الطويل على خشبة المسرح منذ أكثر من خمسين عاماً صرّح لمدوّنة وطن "eSyria" خلال لقائها معه، بأنَّ مدينة "حمص" تختلف عن غيرها بمدة الاحتفالية التي استمرت لمدة أسبوع خلافاً لغيرها من المدن والتي اكتفت بيوم واحد، وهذا ما يميز المسرح وجمهوره فيها عن سواها، والعروض المشاركة لم تُلحظ فيها فروقاً واسعة، الباب كان مفتوحاً لجميع من يرغب بالمشاركة والغاية كانت استكشاف المواهب الشابة المحبَّة للمسرح، والعمل على تأسيس حركة مسرحية جديدة في المدينة وخاصة بعد سنوات الحرب التي شهدتها، وهناك اطمئنان لمستقبل المسرح المشرق كما هو ماضيه العريق.

"سامر ابراهيم" مخرج مسرحية "حمص مدينة مطرزة بالحكايات" التي عُرضت في اليوم الرابع من الاحتفالية، تحدَّث عن العمل بأنَّه نتيجة عمل جماعي من أعضاء الفرقة البالغ عددهم 17 ممثلاً وممثلة بأعمار مختلفة، حيث قام كلُّ منهم بكتابة نص صغير هو عبارة عن ذكرى خاصة به في هذه المدينة، جمعت هذه النصوص وتمَّ اختيار أفضلها لتتم صياغتها ضمن النص النهائي الذي توَّلت كتابته "ندى السلامة" مع أربعة شباب من الممثلين، المشاهد تمَّ عرضها بأسلوب الحكواتي، والقصد منها كان إنعاش ذاكرة الجمهور القريبة مع ذكريات مدينتهم، والإخلاص الذي يكنُّه العاملون في المسرح وجمهوره له يستحق هكذا احتفاليات.

الممثل والمخرج المسرحي سامر ابراهيم

من الحيوي جداَ أن تقام هكذا أنشطة باستمرار وألا تكون موسمية في إقامتها، لأنها تخلق حالة جماهيرية مملوءة بالدفء الاجتماعي كما قال "زيناتي قدسية" الممثل والمخرج المسرحي في حديث خاص لمدوّنة وطن "eSyria" أثناء اليوم الأخير من الاحتفالية وأضاف: «ما شاهدته من عروض يستحق منَّا كمسرحيين قدامى، أن نشكر هؤلاء الممثلين الشباب على ما قدموه من جهد ومحبة للمسرح الذي يعطون أملاً باستمراريته في مدينة "حمص"، والأهم في هذه الاحتفالية وغيرها من المهرجانات هو دورها في تعزيز ما يمكن تسميته بالتنمية الثقافية».

أخيراً نذكر بأنَّ الاحتفالية اختتمت نشاطاتها بتاريخ 2 نيسان الجاري بالعرض المسرحي "نساء لوركا" الذي قدَّمته فرقة "المسرح القومي"، وقبلها بيوم واحد شاهد الجمهور عرض "مونودراما" لفرقة "غسان كنفاني" بعنوان "حال الدنيا" لمؤلفه "ممدوح عدوان" وإخراج وتمثيل "حسين عرب"، اليوم الخامس شهد تقديم العمل المسرحي "الرهان الأخير" المقدَّم من فرقة "سوا" الذي أعدَّه وأخرجه "رواد ابراهيم"، سبقه في ثاني أيامها، عرض مسرحي خاص بالأطفال حمل عنوان "شمس الليل" وهو من تأليف "نور الدين الهاشمي" وإخراج "أفرام دافيد".

الفنان زيناتي قدسية