امتاز بالفكر الثاقب الرفيع، ونبالة الأسلوب، والقدرة الخارقة على التخيّل، اختار الأدب فاختارته الفلسفة، كيف لا وهو المعلم والخطيب المفوّه والمستشار الأمين، ابن مدينة "حمص" العالم والفيلسوف "دنيسيوس لينجينوس".

مدوّنةُ وطن "eSyria" في سعيها الدائم للبحث عن الإيقونات السورية، التقت بتاريخ 5 تموز 2020 الباحث "أيهم حمدوش" ليحدثنا عن الأديب والفيلسوف "لينجنوس" فقال: «ولد هذا الفيلسوف الأديب في مدينة "حمص" التي كانت تسمى "أميسيا" سنة 213 ميلادي، واسمه "دنيسيوس لينجنوس"، أما "كاسيوس" فهو لقب حصل عليه إبان رحيله إلى "أثينا"، وظهرت بوادر النبوغ منذ يفاعته، لذلك اهتم به عمه أحد علماء البلاغة في "أثينا"، ومعلمها الأول "فرونتو الحمصي"، وبات عالماً من علماء البلاغة ذاك الوقت؛ حتى ذاع صيته، وبات خطيباً مفوهاً ومشهوراً، وأوصى عمه "فرونتو" وهو على فراش الموت بأن يكون "لينجنوس" المعلم الأول للبلاغة في "أثينا".

نستطيع القول أنّ الفيلسوف "لينجنوس" مات شهيداً لأنّ الأمبراطور "أورليان" أثناء غزوه لمملكة "تدمر" وتدميره لها ألقى القبض على العالم الكبير "لينجنوس" ومعه بعض المستشارين والعلماء في البلاط التدميري، وأعدمهم؛ لمعرفته بان "لينجنوس" كان له تأثير كبير في قرار الملكة "زنوبيا" الإنفصال عن الإمبراطورية الرومانية، لذلك عدّه المؤرخون شهيداً قضى نحبه في الدفاع عن وطنه، أما حياته الشخصية فلم تذكر الكتب عنها شيئاً

وخلال وجوده رفقة عمه درس علوم البلاغة، واحتك مع علماء الفلسفة، فأخذ منهم وأخذوا منه، ثم قرر الرحيل إلى "الإسكندرية" ليكمل علمه عند مؤسس الفلسفة الأفولطونية المحدثة العالم السكندري "أمنيوس ساكس" معلم "أفلوطين"، ثم ما لبث أن عاد إلى "أثينا" وأخذ يعلم تلاميذه النقد والخطابة والعلوم النحوية والبلاغية، وفلسفة "أفلاطون" الأصلية التي بقي وفياً لها رغم تلقي علومه على يد معلمين اعتنقوا المدرسة الأفلاطونية المحدثة، ولأنه صاحب عقل تجريبي، وتعليقاته تتسم بالمادية أكثر منها روحية؛ عدّه "أفلوطين" عالماً أكثر منه فيلسوف».

أيهم حميدوش

أما عن عودته إلى الديار، فيقول "الحمدوش": «ثلاثون عاماً قضاها في الغربة يدرس ويعلم ويؤلف، لكن الحنين إلى مرابع الصبا والأهل غلبه، فكانت عودته إلى "حمص"، وهناك سمعت بقدومه الملكة "زنوبيا"؛ وهي التي تعلم قدره وعلمه الجم، وكانت تريد أن تزين بلاطها بالعلماء والفلاسفة، فدعته إلى بلاطها، وهناك أعجبها منطقه وعلمه، فعينته مستشاراً لها، ومعلماً لابنها "وهب اللات"، وبحكم عمله أشار "لينجنوس" وشجع الملكة "زنوبيا " على الانفصال عن الإمبراطورية الرومانية وتأسيس مملكة "تدمر" التي ذاع سيطها وباتت تصل حدود حكمها إلى مشارف "آسيا الصغرى"، وحدود الدولة المصرية.

أما أعماله التي لم يصلنا منها إلا القليل، والتي لاقت مصير أعمال الكبار نفسه، فنجد أن له كتاباً عن شروحات "أفلاطون"، وله كتاب شهير يسمى "المسامرات اللغوية" وهو كتاب يبحث باللغة والنحو والبلاغة جعل أقرانه من العلماء والأدباء بصفونه "الفقيه اللغوي"، وله كتاب يسمى "فن الخطابة" والذي ربط فيه بين الفلسفة والخطابة.

زنوبيا

يبقى "لينجنوس" أيقونة سورية لها بالغ الأثر في تاريخ الفلسفة والعلوم اللغوية والخطابة، وكذلك السياسة، وتذكر كتب التاريخ أنّ وفاته كانت في "تدمر" سنة 273 ميلادي، وقيل أنه دفن فيها».

"عبد الرحمن السيد" مدير الثقافة بـ"الحسكة" يقول عنه: «نستطيع القول أنّ الفيلسوف "لينجنوس" مات شهيداً لأنّ الأمبراطور "أورليان" أثناء غزوه لمملكة "تدمر" وتدميره لها ألقى القبض على العالم الكبير "لينجنوس" ومعه بعض المستشارين والعلماء في البلاط التدميري، وأعدمهم؛ لمعرفته بان "لينجنوس" كان له تأثير كبير في قرار الملكة "زنوبيا" الإنفصال عن الإمبراطورية الرومانية، لذلك عدّه المؤرخون شهيداً قضى نحبه في الدفاع عن وطنه، أما حياته الشخصية فلم تذكر الكتب عنها شيئاً».