قبل اعتماد البعثة السورية اليابانية المشتركة كهف "دودرية" للعمل فيه لم يكن الكثيرون يعرفون شيئاً عنه سوى بعض القرى المجاورة له حيث كان الرعيان يستخدمونه اسطبلاً لماشيتهم، ولكن هذا الكهف المجهول دخل التاريخ من أوسع أبوابه منذ العام

/1993/ حيث تم فيه اكتشاف هيكل عظمي لطفل "نياندرتالي" عمره عامان ويعود تاريخه إلى حوالي /100/ ألف سنة.

للكهف بابان أحدهما شمالي ويشرف على الوادي عرضه ثمانية أمتار وارتفاعه خمسة أمتار، والباب الثاني جنوبي مفتوح باتجاه السماء وكأنه مدخنة

ولمعرفة المزيد حول هذا الكهف التاريخي التقى مراسل موقع eSyria في مدينة "حلب" بالأستاذ "زكريا الحصري" مدرّس مادة التاريخ وعضو في الجانب السوري في البعثة التي نقّبت في الكهف في بداية التسعينيات من القرن الماضي وسأله في البداية عن موقع الكهف فأجاب بالقول: «يقع كهف "دودرية" الشهير في منتصف الانحدار الغربي لجبل "ليلون" المعروف بجبل "سمعان" حيث ينحدر وادي "دودرية" غرباً بحافتين شاهقتين وذلك في الجهة الشمالية الغربية من مدينة "حلب" بنحوخمس وأربعين كيلو متراً وإلى الجنوب من مدينة "عفرين" بنحو خمسة عشر كيلو متراً، وتحديداً بالقرب من قرية "برج عبدالو" التي هي قريتي ويرتفع الكهف بمقدار /450/م عن سطح البحر».

من مواسم التنقيب في الكهف

وأضاف: «في هذا الموقع حيث توفرت الظروف المناسبة للسكن البشري منذ أقدم الأزمنة كالأرض خصبة والمياه والحماية من الحيوانات المفترسة أقام الإنسان منذ حوالي مائة ألف سنة خلت، فوادي "عفرين" الواقع في النهاية الشمالية القصوى للانهدام السوري –الإفريقي اعتبره المؤرخون الممر الطبيعي الذي سلكه النياندرتاليون في تحركاتهم من قارة "إفريقية" نحو قارتي "آسية" و"أوربة"».

وتابع كلامه متحدثاً عن مواصفات الكهف:

الأستاذ زكريا الحصري

«للكهف بابان أحدهما شمالي ويشرف على الوادي عرضه ثمانية أمتار وارتفاعه خمسة أمتار، والباب الثاني جنوبي مفتوح باتجاه السماء وكأنه مدخنة».

وختم بالقول: «يُعتبر الكهف ذو أهمية كبيرة من الناحيتين التاريخية والسياحة فقد قدم للعالم هيكلاً عظمياً لطفل نياندرتالي بعمر السنتين هو الأول من نوعه في "سورية" والأكمل في جميع أنحاء العالم، ومن الناحية السياحية فإنّ الكهف سيكون موقعاً سياحياً وأثرياً هاماً وذلك بعد الانتهاء من العمل فيه وتأهيله لاستقبال الزوّار، حيث يمكن الوصول إلى الموقع عبر ثلاثة طرق هي: "حلب" –"دارة عزة" –قلعة "سمعان" –قرية "برج عبدالو" والثاني "حلب" –"عفرين" –قرية "الباسوطة" –قرية "برج عبدالو"، والطريق الثالث هو "حلب" –قرى "العقيبة" و"ليمار" و"الباسوطة" و"برج عبدالو"».

كتاب (جبل ليلون في مرآة التاريخ)

وعن الكهف أيضاً يقول الأستاذ "مروان بركات" في كتابه "جبل "ليلون" في مرآة التاريخ" ما يلي: «تم اكتشاف الكهف في العام /1978/ وبعد مرور ستة عشرعاماً من التنقيب والعمل فيه وبشكل متقطع من قبل فريق سوري-ياباني مشترك وتحديداً في /23-8-1993/ تم اكتشاف بقايا مستحاثة إنسانية في الكهف، تبيّن بنتيجة البحث والتحليل بنّها عظام تنتمي إلى إنسان النياندرتال الذي عاش في العصر الحجري المتوسط أي بين /200 -400/ ألف سنة قبل الميلاد وقد تم تقدير عمره بحوالي السنتين، وهو معروض في جناح ما قبل التاريخ في المتحف الوطني في "حلب"».

ويضيف الأستاذ "مروان": «عمق الكهف ستون متراً وأقصى عرض له أربعون متراً، وله بابان الشمالي وهو الكبير والثاني الجنوبي وهو أصغر من الأول وشبيه بفتحة المغاور الآرامية التي كانت تُستخدم للإنارة أي شبيهة بالمدخنة ولكنهه طبيعية، أما مساحة الكهف التقريبية فهي: /60 ×40 =240 /متر مربع وهو بالتالي أعمق وأكبر مغارة من العصر الحجري المبكر».