لأربعينية الشتاء في بلدنا طقوس وتقاليد خاصة توارثها الناس منذ القدم وما زالوا يمارسونها في حياتهم اليومية إلى اليوم.

قبل التعرّف على أهم هذه الطقوس الاجتماعية دعونا أولاً نتعرف على الأربعينية من الناحية العلمية من المهندس "محمد مجد الصاري" رئيس اللجنة الفلكية في نقابة المهندسين بحلب الذي التقاه موقع eAleppo بتاريخ 19/12/2011.

يصوم أبناء الديانة الإيزيدية خلال فترة الأربعينية فيما يسمى صوم الأربعين وهو على نوعين صوم أربعينية الشتاء وصوم أربعينية الصيف وذلك لمدة أربعين يوماً ويبدأ من أول يوم من دخول الأربعينية، وبعد الانتهاء من الصيام في نهاية الأربعينية يقدم الصائم قرباناً في آخر يوم منه ويدعو إليه الأقارب والجيران ويسمى اليوم الذي يلي الصيام "عيد الأربعينية"

يقول الأستاذ "الصاري": «يبدأ فصل الشتاء في نصف الكرة الأرضية الشمالي مع بداية الانقلاب الشتوي والذي يوافق هذا العام 22/12/2011 ويستمر لمدة ثلاثة أشهر حسب التقويم الشمسي، وتنتج الفصول الأربعة عن ميلان محور دوران الأرض على مستوي دورانها حول الشمس.

المهندس محمد مجد الصاري

يقسم العرب فصل الشتاء إلى قسمين، الأول ويسمونه "الأربعينية" والثاني يسمونه "السعودات"، وبذلك يكون يوم الخميس الموافق 22/12/2011 هو أول أيام أربعينية الشتاء والتي تستمر أربعين يوماً وتنتهي في يوم الثلاثاء 31 كانون الثاني من العام 2012، وهي من أكثر أيام السنة برودة.

أما "السعودات" فهي تعقب الأربعينية وتمتد لخمسين يوماً تبدأ في الأول من شهر شباط وتتألف من أربعة سعودات مدة كل واحد منها اثنا عشر يوماً ونصف اليوم وهي: "سعد الذابح" وسمي بذلك كناية عن شدة البرد خلاله، "سعد بلع" وسمي بذلك لأن الأرض تبلع الماء خلاله، "سعد السعود" وسمي بذلك كناية عن عودة الدفء للطبيعة، "سعد الخبايا" وسمي بذلك لأن الزواحف المختبئة خلال فترة البيات الشتوي تبدأ بالظهور».

تغير الفصول علمياً

وفي منطقة "عفرين" التقينا السيد "منير محمد" وهو مزارع ليحدثنا عن أهم الطقوس الاجتماعية في أربعينية الشتاء فقال: «الأربعينية هي أكثر الفترات برودة من السنة وتبدأ في 22 كانون الأول وكامل كانون الثاني من كل عام وباعتباره يقع في الكانونين فقد قال أجدادنا وآباؤنا قديماً: "كانون لا تطلع من بيتك يا مجنون" كناية عن شدة البرد ففيها تهطل الثلوج بغزارة يرافقه الصقيع ويشتد البرد، والجدير ذكره هنا أن "أربعينية الشتاء" يوازيها في كل عام "أربعينية الصيف" حيث ترتفع درجات الحرارة إلى أعلى مستوياتها.

بالنسبة للمزارعين فإنهم يفضلون مرور الأربعينية جافاً أي دون هطول مطر وثلوج وبذلك تكون السنة سنة خير أما إذا هطلت الأمطار والثلوج فإنّها تكون سنة نحس والسبب في هذا المعتقد الشعبي هو أنّ فترة الأربعينية من كل عام هو موسم الفلاحة وحراثة الأرض وزرع البذار وهطول الأمطار والثلوج يعرقل كل ذلك وللمزارعين في ذلك قول شائع حيث يقولون "إذا سمعت صوت الرعد في فترة الأربعينية فهو نذير الشؤم"».

صلاح حسو

وأضاف: «بشكل عام كان جو الأربعينية قبل حوالي 50 عاماً أقسى مما هو عليه اليوم فنزول الثلج وهطول المطر كان يستمر أشهراً دون توقف ومازلت أتذكر عندما كنت طفلاً كان والدي يدخل معه الرفش إلى داخل المغارة لكي يقوم صباحاً بإبعاد الثلج عن الباب ليتسنى لنا الخروج، والكثير من المعمّرين ما زالوا يتذكرون العام 1909 حيث استمر نزول الثلج فيه لمدة أربعين يوماً دون انقطاع فسمي ذلك العام ثلجة الأربعين وأصبح تقويماً محلياً للناس».

وقال "محمود مستو" مزارع: «التحضير للأربعينية يكون من خلال حياكة الملابس الصوفية التي تقي من بردها القارس وخاصة للأطفال وتأمين كمية كافية من الحطب للبيوت لاستخدامه في إشعال المدافئ الحطبية في الريف ولذلك ترى الناس منهمكون هذه الأيام في قطع وكساحة أشجار الزيتون ونقل الحطب للبيوت استعداداً للأيام القاسية في الأربعينية، وخلال الأيام التي تسبق فترة الأربعينية تنتعش تجارة الحطب في المنطقة بشكل كبير لأن أهل الريف بشكل عام يركّبون مدافئ الحطب في بيوتهم فهي الوحيدة القادرة على حمايتهم من قساوة الجو.

في ليالي الأربعينية يجتمع الناس في أحد البيوت وبشكل دوري ضمن سهرات اجتماعية جميلة ليبدأ أحد الحاضرين بقص أجمل الحكايات الشعبية- الأسطورية للحاضرين أو يقوم شخص بأداء أجمل الأغاني التراثية بمرافقه آلة الطنبور المحبوبة جداً في المنطقة بينما تقوم النسوة بإعداد الحلويات الريفية التقليدية ومن أهمها مزج الثلج بدبس العنب وتناوله، ليستمر السهر حتى ساعات الصباح الأولى قبل أن يذهب كل شخص إلى مغارته ليطعم الماشية والدواب وينام».

وأخيراً قال "صلاح حسو" وهو من أبناء الديانة الإيزيدية: «يصوم أبناء الديانة الإيزيدية خلال فترة الأربعينية فيما يسمى صوم الأربعين وهو على نوعين صوم أربعينية الشتاء وصوم أربعينية الصيف وذلك لمدة أربعين يوماً ويبدأ من أول يوم من دخول الأربعينية، وبعد الانتهاء من الصيام في نهاية الأربعينية يقدم الصائم قرباناً في آخر يوم منه ويدعو إليه الأقارب والجيران ويسمى اليوم الذي يلي الصيام "عيد الأربعينية"».