الأمطار الغزيرة التي شهدتها محافظة "حلب" مؤخراً أدخلت الفرح إلى قلوب المزارعين عموماً، ومنهم "خليل عبدو" من منطقة "عفرين" الذي يعد هطول "مطرة نيسان" حدثاً مهماً للغاية في الدورة الزراعية السنوية.

وحول أهمية "مطرة نيسان" تحدث المزارع "خليل عبدو" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 23 نيسان 2015، قائلاً: «خلال عملنا الطويل في الزراعة اكتسبنا خبرة كبيرة ومتوارثة، تراكمت عبر الزمن لتمثل بمجملها مفكرة خاصة بالمزارعين تنتقل جيلاً بعد جيل، وتعتمد على العلاقة بين الطقس وعملنا اليومي كالفلاحة والحصاد والتقليم وغيرها. ومن الأحداث الطقسية المهمة في هذه المفكرة "مطرة نيسان" ذات الأهمية الكبيرة في حياتنا الاقتصادية والاجتماعية؛ حيث تؤثر فيها مباشرة عبر زيادة المحصول ووفرة الإنتاج وبالتالي الاستقرار الاجتماعي.

رغم الأهمية الكبيرة لأمطار شهر نيسان على الفلاحين إلا أنها تحمل بعض الأضرار للخضراوات كالبندورة والخيار والقرع والكوسا والبطيخ وغيرها؛ لأنها تساهم في ظهور مرض خاص بها يسمى شعبياً "زنك"، وهو مرض خطير يصيب أوراق النباتات وييبسها إن لم تتم مكافحته دوائياً، ونتيجة الخبرة تعلمنا أن نقوم بتغطية النباتات بواسطة النايلون الشفاف خلال مدة الهطول لحمايتها من هذا المرض، كما أن هطولها الغزير يؤدي إلى تكسر سنابل القمح والشعير وبالتالي التأثير في كمية المحصول وجودته

تتمثل أهميتها في أنها تأتي مع دخول الأشجار المثمرة والمحاصيل الزراعية المتنوعة مرحلة النمو، فتساعد في الحفاظ على رطوبة التربة أطول مدة ممكنة، خاصة أن الشهر التالي هو أيار ويعد في أعراف الفلاحين من أشهر فصل الصيف الحارة، كما أنها تأتي في فترة يستعد فيها المزارعون للبدء بعمليات الري وخاصة بالنسبة للقمح والشعير.

خليل عبدو

عندما تهطل "مطرة نيسان" فإن سنابل القمح والشعير "بتخلّص حالا" كما يقول المزارعون بالعامية، أي إنها لم تعد بحاجة إلى السقاية، وبالتالي توفر آلاف الليرات من المصاريف والنفقات فيكون المحصول وفيراً والسنة سنة خير».

ويضيف: «بالنسبة للزيتون فإن لمطرة نيسان دوراً كبيراً في نمو الأشجار سواء في سنوات التقليم أو في سنوات حمل الثمار، فالمعروف أن المزارعين يبدؤون تقليم أشجارهم التي حملت الثمار في الموسم الماضي مع بداية فصل الربيع، حيث تتوقف الأمطار وتتراجع حدة البرد، ولذلك فإن تلك الأشجار بحاجة ماسة إلى هذه المطرة لتبدأ أغصانها النمو، أما الأشجار الحاملة للثمار في الموسم التالي فهي تحتاج إلى "مطرة نيسان" التي تمنحها القوة والحيوية فتساعدها في الاحتفاظ بأكبر كمية ممكنة من الثمار.

بنفش حمو

إضافة إلى ذلك فهي تؤمن للمزارعين مكافحة طبيعية للديدان والحشرات الضارة من خلال القضاء عليها وإبادتها، فأغصان أشجار الزيتون خصوصاً تتعرض خلال شهري آذار ونيسان إلى هجمات الحشرات والديدان المختلفة وأكثرها شيوعاً "العنكبوت الأحمر" الذي ينسج خيوطه حول الأوراق الناعمة التي نمت حديثاً ويتغذى عليها بالتالي تعرقل نموها، وللقضاء على هذه الحشرة يستعمل المزارعون الأدوية الكيماوية أو ينتظرون "مطرة نيسان" التي تبيد مختلف أنواع الحشرات».

وختاماً، قال "خليل": «رغم الأهمية الكبيرة لأمطار شهر نيسان على الفلاحين إلا أنها تحمل بعض الأضرار للخضراوات كالبندورة والخيار والقرع والكوسا والبطيخ وغيرها؛ لأنها تساهم في ظهور مرض خاص بها يسمى شعبياً "زنك"، وهو مرض خطير يصيب أوراق النباتات وييبسها إن لم تتم مكافحته دوائياً، ونتيجة الخبرة تعلمنا أن نقوم بتغطية النباتات بواسطة النايلون الشفاف خلال مدة الهطول لحمايتها من هذا المرض، كما أن هطولها الغزير يؤدي إلى تكسر سنابل القمح والشعير وبالتالي التأثير في كمية المحصول وجودته».

"مطرة" نيسان تنعش القمح والشعير

وتقول "بنفش حمو" من سكان "عفرين": «بالنسبة لأمطار نيسان فإن لها أهمية كبيرة في الدورة الزراعية السنوية لدرجة أن الفلاحين في المنطقة يقولون عنها حكماً وأمثالاً، وتساعد في إطالة عمر "الخبيزة" ومنعها من الجفاف، فتبقى طرية وخضراء بوجود الرطوبة التي توفرها "مطرة نيسان"، والمعروف أن "الخبيزة" من أهم وألذ الأكلات عند سكان الريف خلال فصل الربيع.

كما أنها تساعد في النمو السريع لأوراق العنب والتأثير في جودتها، وأوراق العنب كما هو معروف أحد أهم مصادر الدخل الموسمي في الريف من خلال بيعها في الأسواق، ولكن إن رافقها نزول البَرَد فذلك يلحق ضرراً فادحاً بالأوراق لأنها تحدث فيها ثقوباً».