يستمر الموسيقيون السوريون باستثمار كل فكرة من شأنها بثّ روح التجديد في الموسيقا، ومشروع "شماليات" للعازف "إياد عثمان" واحد من هذه المشاريع الموسيقية التي تستهدف آلة البزق.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 10 أيلول 2018، مع العازف "إياد عثمان" ليحدثنا عن مشروعه بالقول: «"شماليات" هو ألبوم موسيقي لآلة البزق يقدم ألواناً من النسيج التراثي الشعبي الموسيقي الغنائي لشمال "سورية" يمثل جغرافية الشمال المتنوعة (فراتي، سهلي، جزراوي)، والنسيج الحضاري (عربي، كردي، سرياني، مارديني، آشوري)، طرحه يتم من خلال توزيع موسيقي يتضمن الآلات والجو الموسيقي الخاص لكل نمط من حيث المقامات والإيقاعات وطريقة الأداء، فالبزق هو الآلة الشعبية التي تجمع كل الألوان الموسيقية وتتمتع بأصوات شعبية، واستخدامها أساسي ومهم في تراثنا، وهي من الآلات التي يجب أن يتم تسليط الضوء عليها في التسجيلات، والمشروع يحاول تقديم التنوع الذي يتمتع به شمال "سورية" من سهل ووادٍ موحداً بين كل الأطياف السورية من (عرب، كورد، سريان، آشوريين، تركمان)؛ من خلال لوحات موسيقية تكون بها البزق متفردة بأداء اللحن المنفرد بكل أغنية أو رقصة أو نمط موسيقي المستند على أرضية موسيقية غنية بـ"الأكوردات" والتكنيك الموسيقي للبزق، والإيقاعات الخاصة بكل نمط من هذه الأنماط التي هي تراث فلكلوري تُؤدى في طقوس الأعراس بكل منطقة، كما يمثل المشروع خصوصية شعبية يمكن أن توحد قلوب السوريين؛ من خلال بناء جسر موسيقي يصل بين كل الحضارات التي مرت على الأرض السورية ومحيطها وبيئتها؛ فمنطقتنا تتميز بغناها الجغرافي والتاريخي والحضاري، وعليه تنوع إيقاعاتها ومقاماتها والآلات الموسيقية الشعبية، وأحاول جاهداً أن أُقدم موادي من الموسيقا الشعبية الغنائية والراقصة والموارد المتنوعة و"الأثينة" المتعددة والإيقاعية؛ فمن "اللكّاحي، السويحلي، النايل" بمنطقة "الفرات" إلى "الموليّا" شرقاً "ديرالزور"، إلى المردليّة والسريانية والآشورية أقصى الشمال الشرقي، انتهاء بمنطقتي "جرابلس" التي كانت نقطة اتصال ووصل بين كل هذا».

أحد أهم الأسباب التي تميز "إياد" في التوزيع الموسيقي اختياره أنواعاً غريبة وغير نمطية من "الأكوردات"؛ وهو ما يؤدي إلى التوصل إلى صورة جميلة ورؤية جديدة بدمج الموسيقا التراثية أو القديمة بالموسيقا المعاصرة، والأهم من ذلك استخدامه لآلة البزق على أنها آلة مرافقة، إضافة إلى كونها آلة أداء منفرد؛ وهو ما يعطي مجالات أوسع لأداء هذه الآلة، وهذا ما لاحظناه من قبل مما سمعناه منه وما سنلاحظه في ألبومه الجديد "شماليات"، الذي يتضمن هذا النوع من الأداء، إضافة إلى تصوير تراث وأغاني الشمال السوري بطريقة مبهرة وغير مسموعة من قبل

ويكمل حول أهداف المشروع: «الهدف من "شماليات" تعريف المستمع العربي بخصوصية آلة البزق في "سورية"، وأنماط الموسيقا الشعبية والتراثية السورية لجميع شرائح المجتمع السوري، وإنقاذ التراث السوري من الاندثار والتشويه والحفاظ على أصالته، كما أنه يهدف إلى إقامة صلة وصل بين جميع الحضارات التي مرت على الأرض السورية والمحيط الجغرافي، والتأكيد من خلال العمل الموسيقي على هوية كل منطقة من الشمال السوري، وتقديم رؤيتي الشخصية للأعمال الموسيقية كافة من خلال التوزيع الموسيقي مع الحفاظ على هوية الأعمال، بطرح عرض موسيقي جديد يخرج عن المألوف بطريقة استخدام آلة البزق كآلة "أكوردات" إلى جانب كونها آلة عزف منفرد، وما يميز المشروع جرأته في طرح فكرة جديدة بالاستخدام الجديد للبزق، مع الحفاظ على هوية الآلة الأساسية بعزف اللحن الأساسي، وتأتي جرأة البزق من أدائها للمرافقة الهارمونية، حيث يكمن دورها عبر التكتيك الموسيقي في العزف من خلال دوزان مختلف ومغاير لآلة شرقية وشعبية يمكّنها من أداء "أكوردات"؛ إذ إن لتلك "الأكوردات" على آلة البزق بُعدها الخاص في لمعان الصوت وكشف حساسيته؛ وهذا ما يميز صوت وتر آلة البزق عن الآلات الوترية الأخرى، لكون أوتارها معدنية؛ وهو ما يعطي للصوت طنيناً أطول وأكثر وضوحاً، وأيضاً يتميز في رؤيته الفنية من خلال (هرمنة) الموسيقا العربية عبر "أكوردات" آلة البزق ذات الربع صوت، ومن هنا تفعل البزق فعلتها الدلالية والجمالية في التعويض عن آلة الغيتار».

الموسيقي "نذير سلامة"

عنه يقول الموسيقي "نذير سلامة" وهو أحد المطلعين على مشروع "شماليات": «أحد أهم الأسباب التي تميز "إياد" في التوزيع الموسيقي اختياره أنواعاً غريبة وغير نمطية من "الأكوردات"؛ وهو ما يؤدي إلى التوصل إلى صورة جميلة ورؤية جديدة بدمج الموسيقا التراثية أو القديمة بالموسيقا المعاصرة، والأهم من ذلك استخدامه لآلة البزق على أنها آلة مرافقة، إضافة إلى كونها آلة أداء منفرد؛ وهو ما يعطي مجالات أوسع لأداء هذه الآلة، وهذا ما لاحظناه من قبل مما سمعناه منه وما سنلاحظه في ألبومه الجديد "شماليات"، الذي يتضمن هذا النوع من الأداء، إضافة إلى تصوير تراث وأغاني الشمال السوري بطريقة مبهرة وغير مسموعة من قبل».

يذكر أن "إياد عثمان" من مواليد مدينة "جرابلس" في محافظة "حلب"، عام 1985.