عشق الفن وأنغامه، فاقتحم عالمه الجميل بشغف كبير، غنّى ولحّن العديد من المقطوعات الموسيقية الموريتانية، كما قدم فنه وعلمه لنشر الموسيقا في "موريتانيا" أثناء إعارته إليها، قدم رسالته الإنسانية بالتدريس بكل أمانة وصدق بهدف خلق جيل واعٍ، وحاز عدة جوائز.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع الباحث في التربية وعلم النفس والفنان "فريد حسن" المقيم في "بلجيكا"، بتاريخ 19 آذار 2019، ليحدثنا عن مسيرته الفنية بالقول: «نشأت وترعرعت في مدينة "جسر الشغور" بحكم عمل والدي، ففيها أبصرت عيناي النور عام 1945، وبعد عدة سنوات عدت إلى مدينتي التي أعشقها وأنتمي إليها "حلب"، وتابعت مسيرة حياتي بها، ففي عام 1960، درست الموسيقا في الشعبة الموسيقية لدار المعلمين لمدة ثلاث سنوات، ولحّنت عدة ألحان وأنا طالب، وقد نالت إعجاب مدرّسي المعهد السوريين والمصريين في ذلك الوقت وشجعوني على الاستمرار بالتلحين، وفي عام 1964 درست الثانوية العامة دراسة حرّة، وسجلت في قسم الدراسات الفلسفية والاجتماعية في جامعة "دمشق" وتخرجت فيها عام 1969، وبقي الفن يرافقني، فسجلت سبعة ألحان في إذاعة "حلب" ونالت استحسان كادر الإذاعة ولجنة الاستماع فيها، وعلى رأسهم الباحث الموسيقي المرحوم "ممدوح الجابري"، الذي كان لا يعجبه لحن بسهولة».

هو فنان موهوب، امتلك أكثر من موهبة، وأبدع في العديد من المجالات، حيث ابتدأ في "سورية" الغناء والتلحين والعزف على العود، ونقل حسّه الفني وألحانه بعد سفره إلى "موريتانيا"، واستطاع أن يستوعب الموسيقا الموريتانية ويسهم بألحان جميلة، أضافت إلى الغناء الموريتاني نكهة جميلة ومميزة

وعن رحلته إلى "موريتانيا" قال: «أتيت إلى "موريتانيا" في سبعينات القرن الماضي بمهمة تدريس في إطار إعارة من بلدي "سورية"؛ بهدف دعم المسار التعليمي وإكمال النقص الذي تعانيه في مدرّسي العلوم الحديثة مع بداية انتهاج البلاد لسياسة التعريب الجزئي. جذبني الوسط الفني الموريتاني وموسيقاه وألحانه، على الرغم من اختلاف خصوصيته وآلاته عن الآلات الشرقية، فقد حاولت اكتشافها ودراستها وإدخال الألحان إليها، كما أنني لحّنت للعديد من المطربين الموريتانيين، منهم: "ديمي بنت آبه"، و"محجوبة بنت الميداح"، وسجلت نحو ستين لحناً وأغنية قمت بغناء معظمها وحدي، وبعضها بمشاركة كبار مطربي ومطربات "موريتانيا"، وغنيت الأغنية الوطنية والشعبية والعاطفية والقصيدة وأغاني الطفل والمناسبات، وشاركت بنشيدين مع مطرب ومطربة موريتانية كانا يذاعان يومياً في برنامج عن "حرب الصحراء"، التي كانت تشارك فيها "موريتانيا" مع بعض الدول العربية؛ وهو ما قرّب النشيدين إلى قلوب الشعب والفرقة العسكرية التي حفظتهما وعزفتهما وصارا يعزفان في استقبال الملوك والرؤساء؛ لكونهما يعبّران عن "موريتانيا"، وعند حدوث انقلاب في "موريتانيا" عام 1978، أذيعت موسيقاهما كمرش عسكري قبل وعقب إذاعة البلاغات العسكرية، وصار أحدهما من ذلك اليوم لأربع سنوات بعدها مقدمة لنشرة الأخبار بخمس لغات، أربع منها لمكونات الشعب الموريتاني، والخامسة اللغة الفرنسية، كما سجلت أغنيتين موريتانيتين في إذاعة "حلب ودمشق"، وسجلت إحدى عشرة أغنية موريتانية على حسابي الشخصي باستوديو "سمير كويفاتي"، وصورتها "فيديو كليب" بواسطة الفنان "عمر كراد"».

درع تكريمه من "المركز العربي الموريتاني" للإعلام والتنمية

وتابع: «أنهيت إعارتي إلى "موريتانيا" عام 1983، وعدت لتدريس الفلسفة والاقتصاد وعلم الاجتماع في ثانويات "حلب"، ثم درست في دار المعلمين التربية وعلم النفس، فدرست بعد ذلك دبلوم تأهيل تربوي في جامعة "حلب"، وحصلت عليه عام 1984، وانتقلت إلى العمل بعد ذلك في التدريب المستمر في مديرية تربية "حلب"، وبعد ذلك تقاعدت من العمل بهدف فتح روضة للأطفال، حبي للأطفال واطلاعي على مشكلاتهم جعلني أتبع أسلوب الدراسات الميدانية في الروضة؛ بهدف الوصول إلى حلول وطرائق لتربية الأطفال وتعليمهم، وخلق جيل واع ومنفتح، كما أنني ألّفت العديد من الكتب عن المشكلات السلوكية والنفسية، ومشكلة الدلال أو القسوة وأثر ذلك في مستقبل الطفل، ونشرت سلسلة "كيف نربّي أطفالنا"، وكتبت المئات من المقالات التربوية والنفسية في الصحف اليومية وعلى رأسها صحيفة "الجماهير" في "حلب"، إضافة إلى أنني كتبت بحثاً جديداً لم يتطرق إليه أحد بعنوان: "نظرية الأيام المحيرة في الغضب والعدوان"، حيث قمت بدراسة ميدانية عن طريق إحصائيات من قيادة شرطة "حلب" وفرع مرورها وهيئة الأرصاد الجوية بـ"دمشق"، وألّفت بهذه الدراسة كتابين تبنت جامعة "حلب" بكلية الهندسة المعلوماتية نتيجة البحث لتجعله أطروحة الدبلوم للطالبة الأولى في الدبلوم "رفاه مختار"، التي درستها عاماً لتبرمجها بعد ذلك، وتتمكن بواسطة البرنامج من توقع مسبق للأيام التي ستزداد أو تنقص فيها الأحداث مثل حوادث السير، والمشاجرات، وجرائم القتل، وجرائم الانتحار، ثم ترجم الكتاب إلى الإنكليزية، والكتاب الثاني ناقشته كل من جامعتي "بون وبروكسل"، لكن القدر وضع حدّاً لهذه النجاحات وتعرضت مدينتي "حلب" للهجمات الإرهابية الشرسة وتوقفت عن العمل بسبب سكني في المناطق الساخنة، فاضطررت للسفر إلى "بلجيكا" حيث يقيم ابني منذ ربع قرن، وبعد ذلك قمت بزيارة "موريتانيا" وسط تكريم كبير من قبل رئيس الجمهورية، ومدير الإذاعة الوطنية ورئيس المركز العربي الأفريقي "محمد سالم ولداه" ورئيس اتحاد الصحفيين الحالي، ومن قبل أصدقائي والجمهور الموريتاني، وحالياً أكتب قصة حياتي ومذكراتي».

حدثنا عنه "صادق العبسي جديد" (مدير مركز ثقافي سابق في "حلب") بالقول: «عرفت الفنان والباحث "فريد حسن" منذ أكثر من أربعين عاماً، ومنذ نشأته أحب الموسيقا، ثم أبدع في أدائها وتلحينها، وله نشاطات واسعة في إذاعة "حلب" أداءً وتلحيناً، كما عرفته "موريتانيا" القطر العربي الشقيق مطرباً وملحناً متميزاً، وله تسجيلات عديدة في إذاعتها الرئيسة، وله أيضاً اهتمامات إبداعية موسيقية للأطفال والفرق الوطنية السورية، وامتلك الفنان والباحث "فريد" سمعة حسنة بين الناس، وهو مهذب وخلوق ووطني ومخلص في أدائه، ووفيّ لفنّه وأصدقائه».

شهادات التكريم والاستحقاق من الحكومة الموريتانية

تحدث "عبد الحليم حريري" (رئيس نقابة الفنانين في "حلب") عن الفنان والباحث "فريد حسن" بالقول: «هو فنان موهوب، امتلك أكثر من موهبة، وأبدع في العديد من المجالات، حيث ابتدأ في "سورية" الغناء والتلحين والعزف على العود، ونقل حسّه الفني وألحانه بعد سفره إلى "موريتانيا"، واستطاع أن يستوعب الموسيقا الموريتانية ويسهم بألحان جميلة، أضافت إلى الغناء الموريتاني نكهة جميلة ومميزة».

مجموعة من إصداراته