عامٌ من الجهود الكبيرة والمهمات المتعددة، والكثير من التدريبات الشاقة التي نفّذها في سبيل تحقيق حلمه، ليكون السوري الأول الذي يتسلّق قمة "إفريست"، ليوصل رسالته إلى العالم؛ أن "سورية" بلد السلام.

مدونة وطن "eSyria" التقت المغامر "سامر عقاد" بتاريخ 3 حزيران 2019، ليحدثنا عن رحلة الوصول إلى القمة الأعلى في العالم، حيث قال: «منذ الصغر امتلكت روح المغامرة، التي بدأت تتوضح معالمها أكثر بعد أن تسلّقت جبل "فوجي" في "اليابان"، وكان ذلك عام 2000، وقد تطور هذا الشغف والحلم ليأخذ أقصى حدوده في تسلق أعلى وأخطر جبال العالم "إفريست". في رحلتي هذه كان تخطي أي عقبة في الحياة يأتي في الدرجة الأولى من الإيمان بذاتي وقدراتي، ففي قاموسي لا وجود لكلمة مستحيل، لأنه لا مستحيل مع الإيمان».

منذ الصغر امتلكت روح المغامرة، التي بدأت تتوضح معالمها أكثر بعد أن تسلّقت جبل "فوجي" في "اليابان"، وكان ذلك عام 2000، وقد تطور هذا الشغف والحلم ليأخذ أقصى حدوده في تسلق أعلى وأخطر جبال العالم "إفريست". في رحلتي هذه كان تخطي أي عقبة في الحياة يأتي في الدرجة الأولى من الإيمان بذاتي وقدراتي، ففي قاموسي لا وجود لكلمة مستحيل، لأنه لا مستحيل مع الإيمان

في طريق الوصول إلى سقف العالم كان لا بد من اجتياز العديد من المراحل والخطوات، عنها يقول: «لتسلّق "إفريست" لا بد من العمل والكثير من التدريب، وقد كانت البداية في شهر نيسان عام 2018، حين أتممت مهمتي في تسلّق جبل "لابوتشي" على سلسلة جبال "الهملايا" البالغ ارتفاعه ستة آلاف ومئة وتسعة عشر متراً عن سطح البحر، وكانت هذه المرة الأولى التي أصل فيها إلى ارتفاع كهذا، لقد كانت مهمة شاقة بالفعل، واجتيازها كان تحدياً مهماً بالنسبة لي، ومنه انطلقت إلى التحضير لتنفيذ المهمة الثانية، وهي تسلّق القمة الثانية على سلسلة "هملايا"، قمة يتجاوز ارتفاعها خمسة آلاف وثلاثمئة متر، ومع أنها أقل ارتفاعاً من قمة "لابوتشي"، إلّا أنها أكثر صعوبةً، ومنها انتقلت إلى تنفيذ مهمتي الثالثة، فبعد اجتيازي بنجاح لدورة غطس للتأقلم على استعمال الأكسجين، نفّذت مهمتي في رفع علم الجمهورية العربية السورية على عمق عشرين متراً في الخليج العربي في دولة "الإمارات"».

المغامر سامر عقاد

ويكمل: «في الثاني من نيسان 2019، توجهت من مطار "دمشق" الدولي" إلى "كاتماندو" عاصمة "نيبال"، وفي السادس من الشهر ذاته وصلت إلى قرية "لوكلا"، القرية الأخيرة التي يمكن أن تصل إليها طائرة، وقد كانت نقطة البداية في طريق الوصول إلى الحلم، وبعد تسعة أيام من المسير وصلنا إلى المخيم الرئيس لـ"إفريست" على ارتفاع خمسة آلاف وستمئة وخمسة وأربعين متراً، أقمنا هناك مدة اثنين وأربعين يوماً، قمنا فيها بالكثير من التدريبات الشاقة للتأقلم على المرتفعات الشاهقة، إضافة إلى التدريب على كيفية استعمال المعدات الخاصة والأوكسجين، وفي السابع عشر من أيار انطلقنا إلى القمة في طريق شاق وخطر، ووصلت القمة بتاريخ الحادي والعشرين من شهر أيار، لأكون بذلك السوري الأول الذي يتسلّق قمة "إفريست"، والعربي الأول الذي وصل إليها هذا العام، ومن هناك قلت السلام لـ"سورية" أرض المحبة. ثم عدنا إلى المخيم بعد مسير ست وعشرين ساعة متواصلة صعوداً ونزولاً متحدياً الكثير من الصعوبات المرتبطة بما يسمى جبل الموت، وهو أكبر تحدٍّ بين الإنسان والطبيعة، واجتيازه حتم عليّ المرور بجانب اثنتي عشر جثةً لمتسلّقين لقوا حتفهم هناك هذا العام، وهذا بحدّ ذاته تحدٍّ كبير لإرادتي وعزيمتي».

"ديما عقاد" رئيس مجلس إدارة الجمعية السورية للسياحة المستدامة "الفينيق المستدام"، الداعم اللوجستي للمغامر "سامر"، قالت: «من أهداف الجمعية إظهار الوجه الحقيقي لـ"سورية" في الخارج، وأي سوري خارج بلده هو سفير لنا بما يظهره من أخلاق ومبادئ وقيم عالية، وقد جاءت تجربة المغامر "سامر" في هذه الظروف القاسية والظالمة التي يمرّ بها بلدنا، لتظهر المعدن الحقيقي للمواطن السوري، المحب لتاريخه والوفي لأرضه، والمتطلع إلى مستقبل أفضل، وبالفعل أثبت أنه على قدر كبير من المسؤولية، من خلال تنفيذه العديد من المهمات التي سبقت إنجازه الأخير، لهذا رأينا أنه من واجبنا دعم هذه التجربة».

ديما عقاد

الوصول إلى سقف العالم وما يرافقه من مخاطر تهدّد البقاء على قيد الحياة؛ من أبرز الصعوبات التي تواجه عائلة المتسلّق، وعن هذا تقول زوجته "ندى المرير": «كثيرة هي مشاعر الخوف والقلق، لكنها بالتأكيد لن تكون العائق الذي يمنعه من تحقيق حلمه والوصول إلى هدفه، وبقلب يرتجف خوفاً وفرحاً قلت له: (أنت قدها)، فارجع لنا سالماً مرفوع الرأس. وفي هذا الدعم لم أكن الوحيدة، بل تشجيع العائلة والأصدقاء كان كبيراً عبر مختلف وسائل الاتصال التي أتيحت لنا أثناء تنفيذه لمهماته، وخاصة المهمة الأخيرة التي لم تتح التواصل معه إلا عبر الرسائل، وعلى الرغم من الخوف الكبير والأفكار السيئة التي أقلقتني منذ أن بدأ تسلّق القمة وانقطاع الاتصال معه في الكثير من الأوقات، إلا أن ثقتي وإيماني بحلمه وإمكاناته كانت السبيل للتخفيف من ذلك، وبالفعل كان على قدر المسؤولية ورفع رأسنا كعائلة وأصدقاء، والأهم من ذلك رفع اسم بلده في أعلى نقطة في العالم».

يذكر، أن المغامر "سامر عقاد" من مواليد "حلب" عام 1978، مجاز في الأدب الياباني من جامعة "أوكازاكي" للعلوم الإنسانية في "اليابان".