دخل المعهد الرياضي بعد سنوات من لعب كرة القدم في نادي "الحرية"، وولج عالم التحكيم من بابه الواسع بشهادة الراحل "عدنان بوظو" ليخوض رحلة طويلة في الملاعب العربية والدولية، ويترك بصمته الخاصة امتداداً لفترة عريقة للتحكيم السوري.

كان والد "نزار وتي" يرغب أن يرى ولده يتابع تحصيله العلمي بعيداً عن الرياضة حتى حضر في أحد الأيام بطولة "حلب" للمدارس التي كان ولده لاعباً فيها، ونال فريق مدرسته الكأس، فتحول من معارض إلى داعم دائم.

كان متعاوناً ومتفهماً لمهامه الإدارية والتحكيمية، فقد كلفته بمهام المدير للمنتخب السوري في تصفيات عام 2006، وكذلك كرئيس للجنة حكام "سورية"، وفي كلتا المهمتين كان بارزاً وموجوداً بهمة ونشاط، ومتابعاً لجميع الأمور، وعاملاً إيجابياً في عمل الاتحاد ومسيرة الكرة السورية

وعن بداية رحلة التحكيم في ملاعب كرة القدم التي بدأت مبكراً، تحدث الرياضي "نزار وتي" لمدوّنة وطن "eSyria" قائلاً: «بعد نجاحي بالفرع الأدبي ذهبت إلى مدينة "دمشق" للدراسة في المعهد الرياضي، وهناك انتسبت لعالم التحكيم وقام بفحصي الراحل "عدنان بوظو"، وبعد قيادة مباراة اختبارية أمامه قال لي بالحرف الواحد (لديك مستقبل مشرق في التحكيم استمر ولا تتوقف). بعد التسريح من خدمة العلم تفرغت لممارسة التحكيم، ونجحت في اختبارات الدرجة الأولى عام 1980 بعد أن قدت مباراة نهائي "درع حلب" بين "الأهلي"، و"العربي"، وبالفترة نفسها قدت عدة مباريات هامة في الدوري السوري حتى نلت اللقب الدولي بعد قيادتي لمباراة بين فريق "الجيش" السوري أمام فريق "الجيش" الألماني بحضور رئيس الاتحاد السوري لكرة القدم بوقتها العميد "فاروق بوظو" الذي رشحني مباشرة على اللائحة الدولية مع الزملاء "فايز بيطار"، و"قيس العبدالله"».

قيادة ناجحة لمباريات الدوري

شارك ببطولة "آسيا للشباب" في مدينة "الدمام" السعودية، وتم هناك تقليده الشارة الدولية عام 1983، وكلف بقيادة مباراة الافتتاح، وهو ما جعله من الحكام الثقة على المستوى العربي. ويضيف: «تابعت مشواري التحكيمي بكأس العرب في "الطائف" و"الأردن" والدورة العربية في "دمشق"، و"بيروت"، وبطولة "أمم أفريقيا" في "السنغال"، وفي سجلي قيادتي للمباراة الهامة بين منتخبي "مصر" و"كولومبيا"، وحظيت هذه المباراة باهتمام إعلامي منقطع النظير وتم تكريمي من قبل وزارة الرياضة المصرية، كما شاركت في التحكيم بدورة "مرديكا" في "ماليزيا"، وبطولة "آسيا" في "الصين"، وكذلك مباريات كأس "الأفروآسيوية" التي استضافتها "إيران"، وبدورة "ألعاب البحر الأبيض المتوسط" عام 1987 التي استضافتها مدينة "اللاذقية"، وقدت مباريات في الدوري الإماراتي واللبناني كحكم محترف لمدة خمس سنوات، ونهائي كأس "آسيا" للأندية، وكانت أصعب المباريات التي قدتها بين ناديي "السد" القطري و"المحرق" البحريني، وكذلك المباراة الهامة بين منتخبي "إيران" و"الجزائر" أمام مئة وخمسين ألف مشجع في استاد "أزادي" بـ"طهران"، وآخر المحطات التحكيمية الهامة في نهائيات "كأس العالم للناشئين" عام 1991 التي أقيمت في "إيطاليا"، وفيها قدت بنجاح ثلاث مباريات للساحة، وواحدة كحكم مساعد في مباراة الختام، وكنت الحكم العربي الوحيد الذي يكلف بهذا الكم من المباريات، ما جعل رئيس لجنة الحكام الاسكتلندي "دفيد ويل" ورئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم البرازيلي "جواو هافيلانج" يقدمان التهنئة لي على نجاحي، وترشيحي للتحكيم في نهائيات "كأس العالم للرجال" التي أقيمت في "أمريكا"، ولأسباب خاصة لم يتم ترشيحي ما ترك في نفسي غصة على ضياع فرصة ذهبية لن تتكرر».

أعلن اعتزاله التحكيم عام 2000، وخضع بعدها لدورات مكثفة في الاتحاد الآسيوي لاعتماده كمحاضر آسيوي، وتفرغ للعمل الإداري، وبات عضواً في اتحاد الكرة لدورتين، ورئيساً لمكتب الألعاب الجماعية في فرع "حلب" للاتحاد الرياضي العام، ثم رئيس لجنة حكام "سورية"، ومديراً للمنتخب السوري عام 2006، وعدة مهمات أخرى قبل أن يدخل الإعلام الرياضي، حيث قال عن هذه الرحلة: «عملت في فترات محدودة مراسلاً رياضياً بجريدة "تشرين"، وكلفت بنقل مباراة منتخب "سورية" مع "طاجكستان" على أثير إذاعة "دمشق" من مدينة "دوشنبه" التي فزنا فيها، وتم اعتمادي محللاً تحكيمياً لمباريات الدوري السوري في التلفزيون السوري، وعملت لمدة أربع سنوات في إذاعة "شهبا اف أم" لبرنامج "يالله نحكي رياضة"، وحالياً أنا مقيّم لحكام مباريات الدوري السوري لكرة القدم».

قيادة مباراة بين قطر والبحرين

وعن مكانة حكام "سورية" بين الماضي والحاضر أوضح "وتي" بأن الماضي كان أنصع وأكثر ثقلاً، حيث كان التحكيم السوري رائداً على مستوى الساحة العربية والآسيوية من خلال وجود نخبة حكامها الذين قادوا أهم المباريات الدولية بنجاح ملفت، وبما امتلكوا من خبرة وعدالة وحياد، وخير مثال على ذلك الحكم الدولي "جمال الشريف" الذي شارك بثلاث نهائيات لكؤوس العالم، بفضل دعم الخبرة العالمية للحكم الدولي "فاروق بوظو" الذي طوّر التحكيم السوري والعربي والآسيوي في المحافل العالمية، «بينما الوضع الحالي يعتمد على إشراقات وحالة فردية»، كما قال.

وصفه معلمه العميد "فاروق بوظو" بالحكم الناجح في كافة المهام التي كلف بها، حيث أعطى انطباعاً مريحاً عن الكفاءات السورية، معتبراً أنه واحدٌ من أهم الحكام في تاريخ الكرة السورية بما امتلكه من فهم وحياد وقيادات ناجحة في الملاعب العربية والآسيوية، مضيفاً أنه نال أفضل العلامات التي جعلته حكماً مطلوباً لكافة المسابقات والأنشطة.

محللاً رياضياً مع الزميل "عبد الله مروح"

فيما أثنى عليه رئيس اتحاد كرة القدم السابق الدكتور "أحمد جبان" عندما عملا سوية باتحاد كرة القدم وأضاف: «كان متعاوناً ومتفهماً لمهامه الإدارية والتحكيمية، فقد كلفته بمهام المدير للمنتخب السوري في تصفيات عام 2006، وكذلك كرئيس للجنة حكام "سورية"، وفي كلتا المهمتين كان بارزاً وموجوداً بهمة ونشاط، ومتابعاً لجميع الأمور، وعاملاً إيجابياً في عمل الاتحاد ومسيرة الكرة السورية».

الجدير بالذكر أنّ الحكم الدولي "نزار وتي" مواليد مدينة "سلقين" التابعة لمحافظة "إدلب" عام 1948.

اللقاء تمّ في منزله بحي "الفرقان" في "حلب" بتاريخ 10 تشرين الثاني 2020.