تقع "المدرسة الأتابكية" خارج أسوار دمشق القديمة بجادة حي المدارس بمنطقة الصالحية، أنشأتها "تركان خاتون" زوجة السلطان الملك "الأشرف الأيوبي" سنة 640 هجري / 1243م.

وللتعرف أكثر على هذه المدرسة التاريخية " eDamascus " وبتاريخ 24/1/2012 التقى السيد "أحمد الملك" أحد قاطني الحي ومهتم بقراءة تاريخ دمشق الحضاري، وعن هذه المدرسة وموقعها يقول: «تعد المدرسة "الأتابكية" أو المدرسة "التابتية" من المدارس الشافعية الهامة، وهي تقع خارج أسوار دمشق القديمة بجادة حي المدارس بمنطقة الصالحية، يحدها غرباً المدرسة "المرشدية" ودار الحديث الأشرفية المقدسية، ويحدها شرقاً حمام "العرائس" و التربة الخاتونية التي يفصل بينهما الطريق أو زقاق صغير هو زقاق الأتابكية ، وهي أي "المدرسة" أصبحت اليوم مصلى الأتابكية، وقد شيدت هذه المدرسة الأميرة الفاضلة "تركان خاتون" بنت السلطان "عز الدين مسعود بن مودود أبن أتابك زنكي بن آق سنقر أمير موصل" زوجة الملك الأشرف "مظفر الدين أبو الفتح موسى ابن الملك العادل "582هـ/ 1176م، والتي توفيت سنة 600 هـ / 1203م، وتشير المصادر التاريخية أن تاريخ بناء هذه المدرسة كان مواكباً لبناء مدرسة "دار الحديث الأشرفية المقدسية الحنبلية البرانية" التي تعد أيضاً من المدارس الشافعية في مدينة "دمشق القديمة"، وتطل المدرسة اليوم على الطريق من الجهة الشمالية بواجهة صغيرة عبارة عن مدخل بعد أن بني على جدار الصحن الشمالي من جهة الطريق مخازن أدت إلى إغلاق النوافذ الثلاثة التي كانت عليه، ويتعالى في الزاوية الشمالية الغربية للمبنى مئذنة مربعة».

يتم الوصول إلى الجامع عبر مدخل غائر يتم النزول إليه بسبع درجات وهو الأجمل في البناء، وقد بني من الحجر الأبلق، ويعلوه مقرنص ذو حنايا تتشكل من خمسة صفوف ينفرد الصف الثالث فيها بحنايا محززة، وعلى جدار الباب الأيمن توجد لوحة رخامية تحتوي على نص تأسيسي بخط ثلث يتضمن كتابة نصها "المدرسة الأتابكية أنشأتها "تركان خاتون" زوجة السلطان الملك "الأشرف الأيوبي" سنة 640 هجري / 1243م"

ويتابع: «يتم الوصول إلى الجامع عبر مدخل غائر يتم النزول إليه بسبع درجات وهو الأجمل في البناء، وقد بني من الحجر الأبلق، ويعلوه مقرنص ذو حنايا تتشكل من خمسة صفوف ينفرد الصف الثالث فيها بحنايا محززة، وعلى جدار الباب الأيمن توجد لوحة رخامية تحتوي على نص تأسيسي بخط ثلث يتضمن كتابة نصها "المدرسة الأتابكية أنشأتها "تركان خاتون" زوجة السلطان الملك "الأشرف الأيوبي" سنة 640 هجري / 1243م"».

المدخل الرئيسي

كما التقينا السيد "مازن عبدوش" مهندس مدني و باحث تاريخي فقال عن هذه المدرسة التاريخية: «تعد المدرسة "الأتابكية" من أهم المدارس التاريخية والشافعية في "دمشق القديمة" والتي بنيت خلال العهد المملوكي، وقد تخرج منها العديد من العلماء في العلم الإسلامي، وهي عبارة عن فسحة سماوية يتصدرها من الجهة الجنوبية مصلى مستطيل يجاوره من الشرق فراغ مربع كان سابقاً قبة، وقد أعيد بناؤها في عام 2006م، أما صحن المدرسة فهو ذو شكل شبه منحرف، أرضيته من بلاط الموزاييك الحديث، ويظهر تغير في وظيفته من مساحة مكشوفة على فراغات مغطاة تستخدم للصلاة، ويطل على هذا الصحن المصلى وفراغات مخصصة للوضوء، وجدار المدرسة مبني من الحجارة، متوج بطنف حجري ثقيل، يليه أبواب من الحجارة المشغولة ذات أقواس مدببة، والباب الرئيسي للمدرسة مثل باب غيرها من مدارس الأمراء مزخرف أعلاه بالحجر المعجن قائم على صفة محراب ، وباب الدخول في الوسط له شكل جميل ومزخرف، وقد بنيت لها منارة يتم الصعود إليها بسلم من الحجر عليه آثار أقدام».

يواصل "عبدوش" حديثه: «يستطيع المرء مشاهدة القبة الباقية من المدرسة بكل واضح، وهي عبارة عن قبة كبيرة الحجم ذات رقبتين، الرقبة السفلية مكونة من ثمانية أضلاع متساوية في كل ضلع منها أقواس فيها نوافذ صماء ونوافذ توأم ضمن القوس المذكور بدون صدفات في الأقواس الصماء، أما الرقبة العلوية فهي مكونة من 16 ضلعاً متساوياً في كل ضلع منها أقواس مدببة تحتوي على محاريب صماء وأخرى صدفية، ونوافذ مزخرفة من الداخل بمشغولات خشبية جميلة الصنع».

المئذنة

كما التقينا السيد "محمد الأحمد" مدرس التربية الإسلامية في المدرسة، فأضاف: «مصلى المدرسة بسيط، تبلغ أبعاده "5.5 × 6م"، موضوع على جداره الجنوبي محراب بسيط وكتبية ذات ساكف قوسي مدبب، وفي الزاوية الشمالية الغربية للصحن درج حجري يوصل إلى شرفة خشبية تستند على جدار الغربي حيث يوجد باب درج المئذنة وهو ذو جذع مربع بأبعاده "3.9× 3.9 م"، مصنوع من الآجر وقد استخدمت الطينة العربية والكلسة في إكساء المئذنة وهي بارتفاع إجمالي 27يبلغ مترا تقريباً، وقد رممت أكثر من مرة وخصوصاً إثر زلزال "دمشق" الشهير سنة 1173 هجري/ 1759م أيام السلطان العثماني "عبد الحميد الأول"، كما تم ترميم وتأهيل المدرسة في عام 2006م، حيث شمل إعادة بناء القبة وفق الشكل الأصلي وترميم المئذنة وعمليات إكساء وإضافة وتأهيل أماكن للخدمات العامة».

كما التقينا مدرس التاريخ السيد "حسام بوغاوي"، وحول أهم المفكرين الذين درسوا في هذه المدرسة يقول: «لقد درس وتخرج من هذه المدرسة الفاضلة العديد من العلماء والمفكرين، ومن أهمهم "تاج الدين أبو بكر بن طالب" المعروف بالاسكندري وبالشحرور وهو أول من درس في هذه المدرسة، و "نجم الدين إسماعيل" المعروف بالمارداني، كذلك تخرج فيها كل من "القزويني, أبن الجزري, البصروي، العلامة صفي الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم بن محمد الهندي الأرموي الشافعي، تقي الدين السبكي، أحمد بن صصري، أحمد ابن حجي واحمد بن علي الدلجي المصري"، وغيرهم الكثير من المفكرين في العالم العربي والإسلامي».