كان الماء سبباً كافياً لأهالي "الصبورة" لتعبيد طريق "البجاع"، حيث شاركهم أهالي قرية "البجاع" أيضاً في تعبيده، بهدف بيع منتجاتهم وتسوق حاجياتهم الضرورية التي لا تتوافر في القرية.

مدونة وطن "eSyria" زارت "الصبورة" بتاريخ 30 تموز 2014، والتقت أحد معمري القرية؛ السيد "هاشم بلان"، الذي حدثنا عن تاريخ الطريق: «إن أساس تشكل هذا الطريق قديم جداً، وأستطيع القول إنه بدأ مع وجود القريتين؛ أي قبل 250-300 عام، فقرية "البجاع" صغيرة نسبياً، تعتمد على "الصبورة" لتسويق منتجاتها الزراعية وشراء ما ينقصهم من مواد غذائية وغيرها، وفي ذات الوقت كان في قرية "البجاع" آنذاك نبعٌ أخذ اسمه من اسمها، يعد أحد الموارد المائية الضرورية لكلا القريتين، فكنا نقطع المسافة بينهما على الأقدام بغية استجرار المياه منه، وكذا تم تعبيده البدائي بواسطة خطواتنا، أذكر ذلك جيداً، إذ كنت أبلغ من العمر آنذاك أربعة عشر عاماً، وأنا اليوم تخطيت الثمانين، إذ كنت وأبناء جيلي نعمد إلى نقل المياه بطريقة بدائية جداً، وذلك بواسطة بعض الأواني أو الأدوات القديمة، ويمضي اليوم جيئة وذهاباً إلى أن ننتهي من هذه المهمة الشاقة، وكان هذا النبع يفيض كل عشرة أعوام تقريباً مشكلاً نهراً يصب في نهر العراد، إلا أن الجفاف نال من النبع منذ فترةٍ سابقة نتيجة لكثرة الآبار في المنطقة».

تملك عائلتي أرضاً على جانب هذا الطريق، كانت قديماً مهملة بعض الشيء نتيجة صعوبة الوصول إليها، إلى أن جاء العام 1975 وتم تعبيد الطريق بين القريتين، ما انعكس إيجاباً على أصحاب هذه الأراضي المترامية على الجانبين، فقبل تعبيده كانت تمر أعوام كثيرة دون أن نستفيد من الأرض بأي شيء لدرجة تهددت فيها صلاحيتها للزراعة، فأتى هذا الطريق منقذاً لما تبقى من الأراضي بعد الاستملاك، وكان عاملاً مساعداً لنا في إنشاء مزرعة صغيرة أصبحت اليوم تضم أكثر من 100 شجرة زيتون ومثلها فواكه متنوعة، تجتمع العائلة في هذه المزرعة أيام العطل لقضاء بعض الوقت في أحضان الطبيعة بعيداً عن القرية التي فقدت إلى حد ما شيئاً من هدوئها

ولاستكمال الحديث كان لنا لقاء آخر مع السيد "أحمد تلجي"، إذ أفادنا ببعض المعلومات عن الطريق قائلاً: «بعد أن أصبح الطريق بين القريتين شبه معبدٍ بفعل كثرة المرور؛ سواء مشياً أو بسبب انتشار السيارات والآليات الزراعية، كان لا بد من مبادرةٍ من البلدية لتسهيل عملية التنقل وتبادل الخدمات، وفعلاً تم ذلك في العام 1975، حين عبدت البلدية هذا الطريق بشكل رسمي، فأصبح صالحاً للاستخدام وقدم للناس ما هو مناط به من تبادل خدمي وتجاري بين القريتين، كما لعب دوراً اجتماعياً بين الأهالي الذين تربطهم علاقات قرابةٍ قديمة، كما كان له انعكاس اقتصادي مهم، إذ انتشرت على جانبيه المزارع الصغيرة لأهالي القريتين، وكثرت الأراضي المزروعة بالمحاصيل الموسمية، في حين توجه بعضهم إلى زراعة الأشجار المثمرة كالزيتون وغير ذلك، كما لجأ بعضهم إلى إنشاء حظائر لتربية الحيوانات كالأغنام والأبقار بعيداً عن المناطق السكنية، وقدم هذا الطريق خدمة جلية لأهالي "البجاع" إذ تم وصله بأتوستراد المتحلق الشمالي الواصل إلى مجمع "صحارى" السياحي ومنه إلى طريق "دمشق"».

المزارع على جانبي الطريق

كما التقت مدونتنا مع أحد المستفيدين من الطريق، وهو السيد "أيمن العبد الله" الذي حدثنا عما قدمه له الطريق، فقال: «تملك عائلتي أرضاً على جانب هذا الطريق، كانت قديماً مهملة بعض الشيء نتيجة صعوبة الوصول إليها، إلى أن جاء العام 1975 وتم تعبيد الطريق بين القريتين، ما انعكس إيجاباً على أصحاب هذه الأراضي المترامية على الجانبين، فقبل تعبيده كانت تمر أعوام كثيرة دون أن نستفيد من الأرض بأي شيء لدرجة تهددت فيها صلاحيتها للزراعة، فأتى هذا الطريق منقذاً لما تبقى من الأراضي بعد الاستملاك، وكان عاملاً مساعداً لنا في إنشاء مزرعة صغيرة أصبحت اليوم تضم أكثر من 100 شجرة زيتون ومثلها فواكه متنوعة، تجتمع العائلة في هذه المزرعة أيام العطل لقضاء بعض الوقت في أحضان الطبيعة بعيداً عن القرية التي فقدت إلى حد ما شيئاً من هدوئها».

وللعلم؛ فإن البلدية قامت بتخديم هذا الطريق بعد تعبيده بإيصال الماء والكهرباء ومد شبكة الصرف الصحي للمزارع وإنارة الطريق، إلا أنه يعاني اليوم من بعض الحفر والتشققات الناتجة عن مرور الآليات الزراعية والثقيلة عليه، فلم تتم صيانته منذ تسع سنوات، ويصل امتداد هذا الطريق قرية "البجاع" بقرية "جديدة الوادي" عبر تفريع ترابي، كما يصل إلى "البجاع" طريق آخر تم تعبيده في العام 2007، متفرع من طريق "قرى الأسد" مقابل معمل الرخام.

هاشم بلان
صورة للطريق من غوغل إيرث