هانئة هادئة؛ تمكث "مغر المير" في أحضان جبل الشيخ؛ متوسطة قراه، مستعيرةً من المكان جمال الطبيعة، ومن الجبل شموخاً وعزةً.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 19 تشرين الأول 2014، الأستاذ "نعيم انديوي" الذي قال عن قريته: «"مغر المير" الضيعة الهادئة، التي قالوا إن اسمها المركب أتى من طبيعة تلة تجثم عليها القرية، تعددت مغاراتها الطويلة كأنفاق صنعتها الطبيعة لحاجة ما فوقها من السكان لإيواء محاصيلها وحيواناتها، وكانت ملكية القرية تتبع لأمير في غابر الزمان، بما فيها مجموعة المغارات التي في القرية، إذ جمعت لتصبح مغارات صاحبها الأمير فأصبح الاسم "مغر الأمير" الذي تحول لسهولة اللفظ إلى "مغر المير"».

الفرح للجميع، ويشارك كل أهل القرية بعضهم بعضاً في مناسبات الزواج والأعياد وأعياد الميلاد والولادات والعودة من السفر والنجاح والتفوق، وفي الأتراح يقف الجميع صفاً واحداً كوقوفهم في حالات المرض والملمات والظروف الصحية السيئة لبعضهم والأحداث المؤسفة المفاجأة، فيكون الأهالي جسماً واحداً بكل ما تحمله الكلمة من معنى

ويتابع: «استقر سكانها فيها في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي، حين قدم بعضهم من قرية جبلية اسمها "عين الشعرة"، وكان لهم ملكيات في قرية تسمى "دورين" الواقعة على الطريق الواصل لمحافظة "القنيطرة" في منطقة وعرة، و"مغر المير" تقع وسط الطريق بين "دورين" و"عين الشعرة"، وبعضهم الآخر قدموا من قرية جبلية قريبة منها تسمى "حينة"، وشكلوا مجتمعاً صغيراً لا يتجاوز تعداده المئة نسمة، وعملوا في سهولها المملوكة من غير قرى، إلى أن اشترى ميسورو الحال قسماً منها وبدؤوا ينتفعون من خيرات أرضها، في حين عمد بعضهم لاستئجار الأراضي من أصحابها غير القاطنين أصلاً في القرية، ثم باع أهل القرية ممتلكاتهم في "دورين" واشتروا ملكيات في قريتهم، وأصبح عدد سكانها حالياً ما يقارب الستمئة نسمة، ويغادرها الكثيرون من شبابها بعد الزواج ويقطنون في ضواحي العاصمة لارتباطهم بأعمالهم الحكومية، أما بالنسبة للعائلات المتواجدة في القرية: "حمدان، عمار، راضي، انديوي، أبو حامد، جبر، حامد، بركة، نصرالدين، مزهر، حسون، شديد، أبو دقة"».

الأشجار المثمرة حول القرية

ويضيف: «تقع قرية "مغر المير" على تلة متوسطة الارتفاع، تحيط بها سهول القرية من الجهات الأربع وتتوسط قرى المنطقة، حيث يحدها من الغرب قرية "مزرعة بيت جن"، ومن الشمال قرية "حينة"، ومن الشرق قرية "بيت سابر" و"بيتيما"، وقرية "كفرحور" من الشمال الشرقي، ومن الجنوب قرية "خان المقروصة"، ووجود البساتين حولها جعلها مرجاً أخضرَ طوال العام».

وحين أردنا الغوص في تفاصيل الحياة الاجتماعية؛ كان المختار "سلمان أبو حامد" خير محدثٍ لنا عنها؛ إذ قال: «الفرح للجميع، ويشارك كل أهل القرية بعضهم بعضاً في مناسبات الزواج والأعياد وأعياد الميلاد والولادات والعودة من السفر والنجاح والتفوق، وفي الأتراح يقف الجميع صفاً واحداً كوقوفهم في حالات المرض والملمات والظروف الصحية السيئة لبعضهم والأحداث المؤسفة المفاجأة، فيكون الأهالي جسماً واحداً بكل ما تحمله الكلمة من معنى».

نعيم أنديوي

أما بالنسبة للخدمات المتواجدة في القرية يتابع المختار: «شقت الدولة الطريق الذي يشطر القرية إلى نصفين، أحدهما في الأعلى، والآخر جانب النهر؛ وذلك عام 1963، وتم تعبيده حتى قرية "سعسع" وجدد لأكثر من مرة، وزودت القرية بخدمة الاتصالات الأرضية من عام 1975، حين كان المقسم نصف آلي؛ وبقي حتى عام 1995، حيث تم تحديث المقسم الآلي في قرية "حينة" المجاورة فاستفادت منه القرية، أما بالنسبة للمياه الصالحة للشرب فوجدت عام 1963 كمنهل واحد فقط في القرية، كما نفذت شبكة الصرف الصحي ما بين عامي 1987_1989 وخدَّمت جميع بيوت القرية، كما قامت القرية بإنشاء جمعية فلاحية متعددة الأغراض في عام 1974، وأمنت لفلاحي القرية البذار والأسمدة والمراقبة من الوحدات الإرشادية للمحاصيل، وتنعم القرية منذ التسعينيات بمواصلات معقولة المستوى واتصالات متميزة، وخدمة في شبكات المياه والصرف الصحي ممتازة».

وحول عمل الأهالي؛ حدثنا ابن القرية السيد "نعيم يوسف": «يعتمد أهل القرية على زراعة الحبوب والمواسم الشتوية، إذ يروي نهر الأعوج المار بمحاذاة القرية معظم سهولها، ويقع جوارها ثلاثة ينابيع؛ اثنان منها دائمان، وهما: "السيوف، والطماثية"؛ ويرويان قسماً قليلاً من أراضيها، ونبع "الأعوج" الموسمي الذي يروي معظم أراضيها قبل الشهرين الأخيرين من فصل الصيف، ومنذ عقدين من الزمن زرع فلاحو القرية الأشجار المثمرة، واعتنوا بها حتى أصبحت تمثل مورداً جيداً للرزق، فتحسن مستوى أبناء القرية المعيشي، وعملوا على تحديث العمل في الزراعة معتمدين على الآلات الحديثة».

صورة جوية

ويتابع: «أثَّر تحسن مستواهم الاقتصادي في وقوفهم إلى جانب أولادهم ودعمهم في تحصيلهم العلمي، حتى ارتفعت نسبة خريجي الجامعة والمعاهد والثانوية لأعلى نسبة في القرى المحيطة نتيجة لإحصائيات موثقة، وحصل الكثيرون من أبنائها على شهادات الدكتوراه والماجستير والإجازات العلمية في تخصصاتهم، حيث أهتم أهل قرية "مغر المير" بالتعليم، خاصة أن المنافسة بين الأسر حامية الوطيس، لذا ترى الجميع مهتمين باتباع الدورات الصيفية، وخاصة ما قبل مرحلة الثالث الثانوي، وكانت النتيجة طالبين دراسات عليا كبعثات في "لندن" و"باريس"، وستة أطباء، وثلاثة صيادلة، وثمانية مهندسين، وستة محامين، والقائمة تطول من خريجي المعاهد والجامعات بجميع الاختصاصات».

وأضاف: «على اعتبار أن القرية حديثة العهد (تاريخياً) لم نعثر فيها حتى الآن على أي دلالات أثرية، عدا بعض المغارات وأبوابها وعتباتها الحجرية المستطيلة؛ متوسطة الحجم، ويروى أن نبع "تل السيوف" تكون ونبع من دخول رجل ناقة سيدنا "علي بن أبي طالب" في الصخر ثم خروجها فأصبح النبع على شكل قدم، والتل جانب النبع مقسوم لأربعة أقسام متساوية يحكى أنها نتيجة لتقطيع هذا التل بالسيف، وهكذا نقلت هذه المعلومة مشافهة، إلا أن الثابت في الموضوع أن الماء صاف؛ بارد جاهز للشرب طوال أيام الصيف وبقية الفصول، وأنشئ حديثاً مشروع سياحي على النبع؛ ارتاده الكثيرون من الزوار والضيوف لكثافة الأشجار حوله، وخاصة الجوز، ولدوام الماء فيه؛ بارداً مستساغاً، وتبقى تلك القرية رافدة للوطن بإنتاجها المادي والمعنوي من الشباب المثقف الواعد المعطاء في جميع المجالات».