كان بوابة "دمشق" الشمالية، وسبيلاً يتبعه الجميع نظراً لعدم وجود البديل، يتصل بنهايته بشارع "بغداد" الذي يودي إلى قلب العاصمة، هو شارع "حلب" المجاور لساحة العباسيين.

مدونة وطن "eSyria" زارت الشارع بتاريخ 15 تشرين الثاني 2014، والتقت السيد "جرجي شدياق" مختار حي "القصاع" الذي حدثنا عن تاريخ هذا الشارع بالقول: «شق الفرنسيون الطريق بعد دخولهم "سورية" ضمن مخطط تنظيمي لمدينة "دمشق" بكاملها وضعه الفرنسي "إيكوشار"، وقد تم فتح الطريق في العشرينيات من القرن الماضي، إذ يبدأ من شارع "بغداد" إلى شارع "حلب"؛ وصولاً إلى طريق "حلب"، شقه الفرنسيون لخدمة مصالحهم العسكرية، وقد كان بمنزلة شريان حيوي بين المحافظات، ومن هنا أتى سبب تسميته "شارع حلب"؛ نسبة لمدينة "حلب" الشهباء».

سكنت هنا في العام 1969، حين تزوجت، في منزل أهل زوجي الذين كانوا يسكنون هذا الشارع منذ عشرين عاماً، ولم يكن هناك أي عمران في الشارع الخلفي حين سكنوا، فقد كان عبارة بساتين خضراء، ولم يكن هناك خدمات في الشارع، إذ كنا نتوجه إلى منطقة "برج الروس" لشراء ما نحتاجه من خضار وفواكه

ويتابع السيد "جرجي شدياق" قائلاً: «كانت هذه المنطقة عبارة عن بساتين ضمن غوطة "دمشق" التي كانت تصل حد منطقة "القصاع"، وشارع "حلب" كان من ضمن هذه البساتين.

من ساحة العباسيين

إذ كان هناك ملعب رياضي وسط الشارع يتبع لنادي الغساني الذي كان موجوداً في منطقة "القصاع"، حيث كان رائجاً في تلك الفترة انتشار العديد من النوادي ويتبع لكل نادٍ ملعب خاص به».

وعن كيفية التنقل في الماضي يخبرنا السيد "جرجي شدياق": «قبل رواج السيارات كان التنقل يعتمد على العربات التي شقت بدورها معظم الطرق التي نراها اليوم، ثم قامت شركة بلجيكية بإنشاء (الترامواي) وهوعبارة عن قاطرة تسير على الكهرباء، كان أحد خطوط الترامواي يصل بين منطقة "المرجة" ومنطقة "القصاع"، حيث كان ينطلق من "باب توما" إلى شارع "الملك فيصل"، ثم إلى ساحة "المرجة" ومن ثم يعود.

درج الغساني

وكان هناك خط (ترامواي) آخر يصل من "المرجة" إلى منطقة "دوما"، حيث ينطلق من "المرجة" إلى "برج الروس" ثم إلى "القصاع" فساحة "العباسيين"، ومنها إلى "جوبر" وبعدها لباقي المناطق وصولاً إلى منطقة "دوما"».

"أنيسة إسحاق" إحدى السيدات اللواتي قضين عمراً في هذا الحي، زرناها لتحدثنا عن ذكرياتها في هذا الشارع قائلة: «سكنت هنا في العام 1969، حين تزوجت، في منزل أهل زوجي الذين كانوا يسكنون هذا الشارع منذ عشرين عاماً، ولم يكن هناك أي عمران في الشارع الخلفي حين سكنوا، فقد كان عبارة بساتين خضراء، ولم يكن هناك خدمات في الشارع، إذ كنا نتوجه إلى منطقة "برج الروس" لشراء ما نحتاجه من خضار وفواكه».

المختار جرجي شدياق

تضيف السيدة "أنيسة إسحاق": «هذه الأبنية التي نراها اليوم عمرها من عمر الشارع؛ فهي متواجدة منذ أن بدأ العمران فيه، والبعد فيما بينها حدد عرض الشارع منذ البداية.

إلا أنه في الماضي لم يكن هناك منصف يفصل خط الذهاب عن خط الإياب، رغم أن الطريق كان يسير بالاتجاهين، وهذا ما كان يزيد من حوادث السير.

ولكن اليوم وبعد التنظيم الذي شمل الشارع أصبح يتمتع بمنصف يفصل خط الذهاب عن خط الإياب، وتقف أشجار النخيل شامخة على طول منصفه، كما تتوزع على جنباته أزهار الياسمين الدمشقي».

يصنف الشارع إدارياً ضمن منطقة "ساروجة"، ويقع في منطقة مميزة نوعاً ما، فهو صلة الوصل بين ساحة "العباسيين" وساحة "التحرير"، حيث يبدأ من ساحة "التحرير" التي تصله بعدة شوارع مثل شارع "بغداد"، وشارع "الملك فيصل"، وشارع "المنامة"، وشوارع أخرى.

هذا ما أضافته "إسحاق" لدى سؤالها عن موقعه وتفاصيله، وتكمل: «في بدايته بني جامع "الفردوس" الذي يعود تاريخ بنائه لعام 1963، ثم يسير الطريق مستقيماً إلى أن تتفرع منه يساراً حارة صغيرة ضيقة تصل إلى شارع "أحمد شاكر كرامي"، وبعدها يتفرع عن الشارع من جهة اليسار شارع "مرشد خاطر"، ويتابع شارع "حلب" طريقه متجهاً نحو ساحة "العباسيين" ماراً بعدد من الحارات التي تصل إلى حي "جناين الورد"، وحي "القصاع"، وساحة "جورج خوري"، إحدى هذه الحارات تسمى حارة "سحبان بن إياس"، وبعدها حارة "مارسيل كرامة"، وتنتهي هذه الحارات بدرج الغساني، ويواجهه تماماً مفرق الغساني الذي يقودنا لحي "الغساني"، ثم بعد موقف الغساني يكمل شارع "حلب" مسيره حتى يصل لمحطة وقود "ديوانة".

وعند ذلك يكون قد وصل لنهايته عند ساحة "العباسيين" التي تعد من أهم ساحات العاصمة "دمشق" وفيها يلتقي شارع "حلب" بعدد من الشوارع منها شارع "القصاع"، وشارع "الزبلطاني"، والشارع المؤدي إلى "جوبر"، وشارع "فارس الخوري" والمعروف أيضاً باسم شارع الكراجات؛ ومن بعدها الأوتوستراد الدولي ومنطقة "برزة"، كما يرتبط شارع "حلب" عبر ساحة "العباسيين" بكورنيش التجارة وشارع "القصور".

وقد سكنته عائلات دمشقية معروفة، منها: "الحايك، الريس، شاوي، فرح، بادي، الزعيم، شمشيخ، الجد، ديوانة، نحات، شاغوري"، ولا يوجد الآن عائلات محددة تقطنه».

يحتوي الشارع على عدد من المحال التجارية وعيادات الأطباء والمخابر والصيدليات والمزينين النسائيين، كما يحوي مركزاً لشركة الاتصالات (سيريتل)، إذ يغلب عليه الطابع السكني، ويعد من الأحياء الدمشقية الراقية، معظم مبانيه ثلاثية الطوابق، وسكانه خليط من كل المكونات والمدن السورية.