عالم سوري حقق إنجازات علمية في بلاد المهجر، واستطاع الحصول على براءات إختراع عالمية، إنه الدكتور المخترع " علاء الدين سبيعي"

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 12 شباط 2016؛ عبر الشبكة العنكبوتية مع الدكتور والمخترع "علاء الدين سبيعي" (من مواليد دمشق 1983) في مقر إقامته الحالي في "نيويورك"، وقال: «ولدت ضمن أسرة تعد العلم أهم الأمور في الحياة، فأنا وجميع إخوتي تخرجنا في الجامعة بتخصصات مختلفة، وكل منا شق طريقه بنفسه، لوالدي أثر كبير في تكوين شخصيتي ودفعي إلى الاعتماد على نفسي لتحقيق أهدافي، وما تحمله ذاكرتي أنني في السنة الجامعية الثانية أخبرته عن رغبتي الشديدة بمتابعة دراستي في الخارج، وأن أصبح باحثاً عالمياً بمجال الكيمياء، أخبرني وقتها أنه ليس لديه القدرة المادية ليتكفل بدراستي في الخارج، ولو رغبت بتحقيق هدفي علي الاعتماد على نفسي، وبالتأكيد كانت هذه النصائح سبباً رئيساً لجعلي أدرس وأتفوق بالمرحلة الجامعية، ومن ثم تابعت دراساتي العليا بمنح خارجية من السعودية وكندا وأميركا».

هو شخص طموح، معرفتي به تعود إلى أكثر من ستة عشر عاماً بجامعة "دمشق"، كان من المتفوقين بكل مراحل دراسته، وكان يقول لي: "إنه يريد أن يترك بصمة بعلم الكيمياء"؛ وبالفعل حقق ذلك

وعن اختياره لاختصاص الكيمياء يضيف: «منذ الصغر كانت لدي ميول للمختبرات العلمية، كنت أحب شكل أدوات الكيمياء؛ حتى إنني اشتريت بعض الأدوات الزجاجية المستخدمة في المختبرات الكيميائية ووضعتها بغرفتي، إضافة إلى ميولي للاختراع منذ المرحلة الابتدائية، فكنت أحب العبث بالأدوات الكهربائية، وأحاول صنع أجهزة كهربائية صغيرة تعمل بالمحركات التي كنت آخذها من الأجهزة الكهربائية الأخرى، لكن أحد أهم الأسباب لاختياري تخصص الكيمياء هو أن أحد أخوالي يحمل درجة الدكتوراه في الكيمياء العضوية من فرنسا، ونجاحه الكبير ومركزه الاجتماعي المتميز بحكم تخصصه كان يدفعني إلى جعله قدوتي منذ الصغر».

الدكتور علاء الدين سبيعي يجري بعض الأبحاث

حصل الدكتور "سبيعي" على عدة شهادات، فكان من الخمسة الأوائل في قسم الكيمياء بجامعة "دمشق"، وفي عام 2008 حصل على منحة لدراسة الماجستير بجامعة "الملك فهد للبترول والمعادن" بالسعودية في اختصاص "تصنيع عضوي"، وكان ترتيبه الأول، بعدها حصل على منحة لدراسة الدكتوراه في "كندا" بالكيمياء العضوية وتكنولوجيا النانو بجامعة "ألبرتا" ومركز الأبحاث القومي الكندي لتكنولوجيا النانو، وحصل عليها عام 2013 بدرجة الشرف، ومنذ عامين انتقل للعمل بجامعة "كورنيل" بالولايات المتحدة الأميركية كباحث بقسم الكيمياء والبيولوجيا بتخصص البولميرات وتكنولوجيا النانو.

عن اهتمامه بعلم الفيروسات الطبية وأهم أبحاثه العلمية يقول: «قمت في مرحلة الماجستير بتطوير طرائق جديدة لتصنيع بعض المواد الدوائية، ونتائجي كانت مهمة جداً ونشرتُ ثلاثة أبحاث علمية بمجلات عالمية، كما قمت بمرحلة الدكتوراه بالعديد من الأبحاث المهمة لتطوير مواد عضوية نانوية مشتقة من الحامض النووي الوراثي (الدنا) بهدف علاج كسور العظام وأمراض ترقق العظام، ولي أبحاث تطوير مواد بولميرية نانوية تزيد من ثباتية وفعالية بطاريات الليثيوم المستخدمة بالأسواق، ومؤخراً تمثل إنجازي بتصنيع "بولمير نانوي" يستطيع إزالة الشوائب العضوية من المياه بسرعة غير مسبوقة وفعالية كبيرة، إضافة إلى إنجاز تطوير مواد نانوية توقف تماماً الصدأ على أنابيب النفط، وتقلل من مشكلات تسرب البترول».

في مختبره

نشر "السبيعي" بحثاً بمجلة "نيتشر"؛ وهي أهم مجلة علمية في العالم يعدّ النشر فيها أهم إنجاز يسعى إليه كل الباحثين المتميزين على مستوى العالم، وهي الخطوة الأولى للحصول على جائزة "نوبل"، وعن أهم مشاركاته يقول: «أنا عضو في عدة أكاديميات عالمية، مثل: "الجمعية الكيميائية الكندية، والجمعية الكيميائية الأميركية"، وعضو باحث في مركز أبحاث أميركي، قمت بتحكيم العديد من الأبحاث العلمية التي تم إرسالها إلى بعض المجلات العلمية العالمية في التخصصات المختلفة بالكيمياء، وشاركت بإلقاء محاضرات علمية في أكثر من عشرة مؤتمرات عالمية في كندا وأميركا، وفي شهر آذار سأنتقل للعمل كباحث في أحد مراكز الأبحاث والتطوير في شركة "أركيما"، وهي من أكبر الشركات العالمية الرائدة في تصنيع المواد الكيميائية والبوليميرية لتطبيقات مختلفة، منها تنقية المياه وخلايا الطاقة الشمسية ومواد الطلاء والمواد اللاصقة».

للكتاب أهمية خاصة بالنسبة له، يقول عن أهمية الثقافة والكتاب بحياته: «أقرأ الكثير من الكتب المتخصصة في التخطيط والتطوير الذاتي والبرمجة اللغوية العصبية، وكان لهذه الكتب أثر مهم بتكوين شخصيتي ومساعدتي على تخطي الصعاب، وتوجيه قدراتي للوصول إلى أهدافي والوقوف بعد الفشل في بعض الأوقات، كنت أقرأ أيضا كتباً عن سيرة الباحثين المتميزين مثل البروفيسور "أحمد زويل" الحاصل على جائزة "نوبل" في الكيمياء وأتعلم من مسيرة حياتهم».

الدكتورة سحر الحريري

وعن أثر الاغتراب بحياته يقول: «السفر والاحتكاك بالثقافات المختلفة كان له دور كبير في الخبرات التي حصلت عليها، فكل بلد له بيئته العلمية الخاصة وطرائقه المختلفة في البحث العلمي؛ وهذا سبب التنوع في مصادر المعرفة لدي والمرونة في منهجي العلمي، وساعدني كثيراً على التفكير بطرائق وأساليب غير مألوفة لتخطي الصعوبات التي كنت أواجهها باستمرار في أبحاثي».

ويختتم حديثه عن طموحاته المستقبلية قائلاً: «كل باحث سوري في المغترب يحلم بالعودة يوما ما إلى بلده ليوظف خبراته فيه، وأنا شخصياً كنت أثناء دراستي للدكتوراه أخطط لتأسيس مركز أبحاث لتكنولوجيا النانو فيه، وكنت أرغب بالعودة بعد الدكتوراه مباشرة، وأعتقد أن البيئة الحالية غير مناسبة للبحث العلمي، لما يتطلب من إمكانيات مادية كبيرة وبيئة علمية مستقرة ومحفزة، لكنني بالتأكيد أنتظر الفرصة السانحة حتى أعود وأساهم في نهضته بمجال كيمياء البوليمرات وتكنولوجيا النانو».

عنه قال الدكتور "لؤي السمان" الباحث بمجال النانو بجامعات "ألمانيا": «هو شخص طموح، معرفتي به تعود إلى أكثر من ستة عشر عاماً بجامعة "دمشق"، كان من المتفوقين بكل مراحل دراسته، وكان يقول لي: "إنه يريد أن يترك بصمة بعلم الكيمياء"؛ وبالفعل حقق ذلك».

بدورها الدكتورة "سحر الحريري" مدرّسة مادة الكيمياء بجامعة "دمشق" قالت: «كان طالباً مجتهداً ومثابراً بطلب العلم، وقد درّسته بالسنة الثالثة بالعملي؛ الصناعات العضوية، وقد لمع كثيراً بالجزء العملي بإتقانه إجراء التجارب العملية، وفي السنة الرابعة بمادة كيمياء البوليمرات بجزأيها النظري والعملي، وأتذكر أنه كان لحوحاً لفهم المعلومة العلمية، وأؤكد أن تفوقه الأكاديمي نابع من امتلاكه للأنا التميزية، وقد تميز بعمله الفردي وإتقانه له، إضافة إلى شخصيته الاجتماعية المحببة والخجولة نوعاً ما، جمع ما بين أخلاقه العالية والعلم، ولا أستغرب أنه أبدع بمجال كيمياء البوليمرات».