استطاعت الفنانة "سناء قولي" أن تواجه كل الصعوبات، لتخطّ طريقها في عالم الفن، من خلال تجسيدها لرؤيتها الفنية عبر خطوطها الملونة وبساطة فكرتها، حيث دمجت بين التطبيقي والتشكيلي لتنتج لوحات حملت في طياتها رسائل فنية لنشر القيم الجمالية في عالم الطفولة.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 31 تشرين الأول 2017، الفنانة "سناء قولي"، وقالت: «الفن بحر واسع ليس له قرار، ومن يبحر فيه يجب أن يعطيه كل ما لديه، ويظل يبحث عن كل جديد ويسعى إلى تطويره، فهو سلاحنا لمواجهة الصعوبات التي تعترضنا. أما الرسم، فهو فن يعتمد الصور الحياتية التي يعيشها الإنسان ويعبر من خلالها عن مكنوناته وأفكاره بطريقة مفهومة بسيطة وسهلة، باعتباره إحدى وسائل التعليم الفنية الراقية».

الفن بحر واسع ليس له قرار، ومن يبحر فيه يجب أن يعطيه كل ما لديه، ويظل يبحث عن كل جديد ويسعى إلى تطويره، فهو سلاحنا لمواجهة الصعوبات التي تعترضنا. أما الرسم، فهو فن يعتمد الصور الحياتية التي يعيشها الإنسان ويعبر من خلالها عن مكنوناته وأفكاره بطريقة مفهومة بسيطة وسهلة، باعتباره إحدى وسائل التعليم الفنية الراقية

عن بداياتها بالرسم تقول: «الرسم هوايتي منذ الصغر، حتى إنها كبرت معي ورافقتني بمراحل طفولتي وحياتي، فأنا أرسم منذ صغري، فمتعته الخاصة مكنتني من رؤية الواقع بنظرة مختلفة تبرز الجمال في كل مشهد أقوم بتجسيده، وطوال مراحلي الدراسية كنت مميزة برسوماتي التي نالت الإعجاب من أهلي وأصدقائي والمدرّسين، حتى إنني كنت أصنع بطاقات المعايدة يدوياً وأوزعها على صديقاتي. وما دفعني إلى المتابعة في هذا المجال أن إخوتي ووالدتي كانوا من هواة الرسم، لكنني لم أدرس في كلية الفنون الجميلة، ودخلت كلية العلوم في جامعة "دمشق"، وتخرجت فيها عام 1978، لكن الفن بقي هاجسي وشغفي بالحياة، فدرسته دراسة خاصة لصقل موهبتي، وبرأيي إن الموهبة والممارسة الطويلة هما الأساس في تميز وإبداع الفنان، لكن صقلها بالدراسة واجب، فهي تعلم الفنان كيفية استخدام أدواته بطريقة مبتكرة، أضف إلى أن بعض أعمالي في الرسم كانت لكتاباتي الشعرية التي بدأت بها في الثمانينات من القرن الماضي، لكنني لست شاعرة محترفة».

أعمالها بالخط العربي

وتابعت: «اخترت الرسم للأطفال لصدق مشاعرهم وبراءتهم وإقبالهم على الحياة، وخصوصاً أن الأطفال هم الجيل الذي يبني الوطن، فلا بد من توجيههم بطريقة صحيحة وتنمية حسهم وتذوقهم الفني منذ سنوات عمرهم الأولى للارتقاء بإحساسهم الفني الذي يساهم في رقي المجتمع بهدف اللحاق بركب الحضارة، وتجربتي معهم امتداد لطفولتي، فحين أرسم للأطفال أستفيد من طريقة مخاطبتهم بلغتهم وأسلوبهم، فمن خلال تجربتي شعرت بأنني مازلت طفلة تحب البساطة، لذلك كانت معظم رسوماتي تعتمد الخطوط البسيطة، كالأشكال الهندسية الأساسية والألوان المفرحة التي تجذب وتدخل السرور إلى قلوب الأطفال، من خلال إيجاد الموضوع المناسب لاهتمام الطفل في كل مرحلة من مراحل حياته، كالأسرة والمدرسة والأم والوطن، ولا بد من إعطاء كل مرحلة حقها من الفن».

وعما قدمه لها الفن، أضافت: «برأيي الفن يتحول إلى إبداع في الظروف الصعبة، فهناك مثل شعبي يقول: (إن الزيتون لا يخرج الزيت إلا بالرص)، وأنا ببداية حياتي أصبت بشلل الأطفال، وعندما كنت بعمر الخامسة والعشرين، وبعد كفاحي مع المرض وتغلبي على الإعاقة، بدأت معاناتي الجديدة بسبب الحرب، فخلال هذه السنوات العجاف خسرت بيتي وممتلكاتي، فاحترفت فن رسم قصص الأطفال من خلال الإنترنت لأعيل نفسي مادياً، حيث أصبح مصدري الوحيد للرزق، والفائدة انعكست إيجابياً عليّ، فقد لمع اسمي على مستوى دور النشر التي صارت تستعين بي في رسم أعمالها، وبرأيي إن الفن بوجه عام هو سلاحنا لمواجهة الصعاب».

من رسوماتها

وعن نشاطاتها، قالت: «في السنوات الأخيرة رسمت نحو 25 كتاباً للأطفال لدور نشر مختلفة في البلدان العربية، ووزارة الثقافة السورية وبعض الكتاب، وآخرها قيد الطباعة للشاعر "محمد منذر زريق"، إضافة إلى رسوماتي في مجلات عديدة للطفل في "سورية"، كـ"أسامة"، و"الطليعي"، و"النيلوفر"، و"شامة"، و"المهندس الرقمي الصغير"، وفي مجلات عربية منها "العربي الصغير"، ومجلة "أحمد"، و"توتة"، و"مهدي" في "لبنان"، إضافة إلى أنني أعمل في تصميم الإعلانات، وأغلفة الكتب، وبطاقات الأعياد بطريقة الكولاج. وشاركت في الكثير من المعارض الرسمية والجماعية لنقابة الفنون الجميلة، وشاركت في معارض سنوية للجمعية السورية لذوي الإعاقة، وحصلت على الجائزة الأولى عام 1995، وشاركت في الأسواق الخيرية خاصة في أسرة "الإخاء السوري للمعوقين"، وبعض المعارض الفردية للأطفال».

الدكتور "فواز بكدش" رئيس قسم النحت في كلية الفنون الجميلة، قال عنها: «استطاعت الفنانة "سناء قولي" عبر تجربتها الفنية أن تمتلك أسلوباً فنياً تتميز به عن غيرها من الرسامين الذين يرسمون للأطفال، باستخدامها الألوان ذات الدرجات الفاتحة والزاهية التي تعطي إحساساً بالإشراق، كالأزرق والأخضر الذي يعطي احساساً بالاتساع والشعور بالخير والأمل، وكذلك الألوان الساخنة، مثل: الأحمر، والبرتقالي، التي تعطي إحساساً بالنشاط والتفاؤل والفرح، وهي ألوان محببة لدى الصغار الذين ينجذبون إلى الألوان الزاهية والبراقة، كما أنها عبر تجربتها عبرت بكل صدق عن جمال الإنسان والحياة والطبيعة».

أعمالها بالكولاج

الشاعر "محمد منذر زريق" حدثنا عن تجربته الفنية مع "قولي"، بالقول: «تعرّفت إليها من خلال رسوماتها المميزة التي قدمتها للعديد من مجلات الأطفال السورية والعربية، ولفتني تميّز أسلوبها الذي يقوم على استخدام الكولاج، وروعة ألوانها القريبة من عالم الطفل، فقررت التعاون معها لإنجاز مجموعة من قصص الأطفال، وقد أنجزت بالفعل ثلاث قصص، وهي: "النهر الصغير"، و"الخنفساء الحمراء"، و"نمولة"، وكانت النتيجة مذهلة بجمال الشخصيات التي صورتها، وسحر ألوانها وانسجامها مع النص المكتوب، لتضيف إليه الكثير من الحياة والروعة».

يذكر أن الفنانة "سناء قولي" من مواليد "دمشق" عام 1954، عضو في نقابة الفنون الجميلة منذ عام 1993.