دفعها حبّها للغة العربية لأن تكون واحدة من المبدعات بتعليمها، وترك بصمات حضورها الأكاديمي على كافة الفئات العمرية، إلى جانب اهتمامها بالطفولة، ولا سيما ذوي الاحتياجات الخاصة، وسعيها إلى تعليمهم اللغة العربية بأبسط الطرائق، ودمجهم مع بقية الأطفال.

مدونة وطن "eSyria" التقت "دينا فارس" بتاريخ 3 كانون الثاني 2018، وعن بداية مشوارها الأدبي، قالت: «نشأتُ في عائلة متواضعة تهوى وتشجع الثقافة والفن والمطالعة. كنا نجلس مع والدي -رحمه الله- فيحدثنا عن الفن والجغرافية والتاريخ والأدب، بدأت رحلتي معه بحفظ الشعر قبل دخولي المدرسة، وتابعت الدعم أمي التي كانت تربط لنا الحلوى بقراءة كتاب أو رسم لوحة، كان حلمها أن يكون لديها طفل فنان وأديب، نمت البذور في نفسي شيئاً فشيئاً. بدأت الكتابة منذ الثامنة، ونشرت أول قصيدة لي في العاشرة عن "غزة" وحصارها آنذاك، ثم بدأتُ كتابة القصة القصيرة، حيث أربط الأحداث حولي بالخيال والواقع، وأرمز إلى قضية وطني بالطيور في معظم الحكايات، فكانت أولى قصصي عن "ريتا والعصفورة" في عمر العاشرة، تابعتُ اهتمامي بالقراءة والكتابة، فكان "جبران" صديق الطفولة، لتتعدد المشارب وتلم بمختلف أنواع الأدب، حتى وصلتُ الجامعة، وقد اخترت دراسة اللغة العربية عن حب، وعشقت البلاغة والنقد والأدب الأندلسي والصوفي، وبرزت ميولي بالكتابة الرمزية والمسرحية، أميل إلى القصة كجنس أدبي، حيث أجد نفسي فيه، وقد صدرت لي مجموعتان قصصيتان؛ الأولى اجتماعية بعنوان: "سين وياسمين حكاية حب وحرب"، والثانية دعوة إلى حب اللغة العربية، وهي: "حكاية لغة". وقد حصدت عدة جوائز من اتحاد الكتاب العرب، والمركز الأول لأدباء الأطفال في وزارة الثقافة.

شاركت ابنتي الكفيفة "أبرار الحموي" بإحدى دورات اللغة العربية التي تشرف عليها المدرّسة "دينا فارس"، وخلال الدورة لاحظنا أنها استطاعت دمج كافة الطلاب المبصرين والكفيفين بعضهم مع بعض، إلى جانب استخدامها أسلوباً مبسطاً لتعليمهم اللغة العربية الفصحى، وتشجيعهم على التعبير عما يجول بخاطرهم من أفكار، وترك ذلك أثراً إيجابياً وحافزاً معنوياً بحياة ابنتي، وكان لذلك انعكاس على نفسيتها، حيث بدأت تقوم بتأليف بعض القصص، إضافة إلى حبها للتكلم باللغة العربية الفصحى مع العائلة

أحبّ الرواية، وحالياً أنا في طور إعداد روايتي الأولى، وأطمح إلى عمل أدبي يمثل وطني وطفولتي ويحقق النفع للإنسانية. دراستي للغة العربية زادتني حرقة على واقع أدبها، فنحن بحاجة إلى العناية بها ودعمها وإحيائها في نفوس أبنائنا، وإحياء طرائق تعليمها أيضاً، وتجلت متابعتي من خلال اهتمامي بأدب الطفل والدورات المطورة للغة العربية فيه».

خلال إحدى الورشات مع الأطفال

وتتابع: «صاحب سنوات دراستي -التي طالت- عملي مع الأطفال والتعليم والتطوع والفن، فعشتُ حلمي الثلاثي الأبعاد (أدب، طفولة، تدريس)، محوره الأول الإبداع والخروج عن النمطية، وخطوة وراء خطوة كان النجاح شيئاً فشيئاً، تطوعـتُ في جمعية "حقوق الطفل" مع بداية الأزمة السورية، ومازلت فيها، وقد أصبح الأدب والفن أعمالاً تطوعية برعاية الجمعية وكتابتي مسرحيات فيها، إلى جانب مشاركتي في أنشطتها الصحية والثقافية والترفيهية الداعمة من معارض وندوات ومناسبات ودعم مهجرين منذ 2011 حتى الآن، وكان للعمل معها دور في صقل تجربتي؛ وهو ما شجعني على اتباع العديد من الدورات التدريبية الخاصة بالطفل».

وتضيف عن مهارات اللغة العربية: «بدأتُ حقيبتي التدريبية الخاصة لتنمية مهارات اللغة العربية بطريقة الحوار والتعلم التفاعلي مع الأطفال والكبار في المراكز الثقافية، وأبرزها المركز الثقافي بـ"كفر سوسة" وعدد من الجمعيات كجمعية "الغادة" في مبادرة جديدة رعتها وهي الأولى من نوعها لتشجيع القراءة وإنشاء أول مكتبة للأطفال المكفوفين، وتجربتي في التدريس التفاعلي برزت في دراستي للدبلوم والدورات التدريبية التي يعدها قسم اللغة العربية في معهد اللغات، قمتُ بتطوير الفكرة إلى ورشات تعلم تفاعلي، ولم يقتصر اهتمامي بتدريس اللغة العربية على الأطفال، بل تعداه ليشمل الكبار وحتى الفئة الجامعية، أهتم بتفعيل دور اللغة العربية بطريقة جديدة تفاعلية تدمج الأطفال من كل الشرائح المجتمعية بعضهم مع بعض، ودمج ذوي الاحتياجات الخاصة مع غيرهم، في ضوء الدعوة إلى حب اللغة العربية وتطبيقها، وبناء جيل يتكلمها بالفطرة، ويكتبها بحب. وتمثل الجانب الجديد بعملي بتدريب المدرّسين على التعليم التفاعلي، وخاصة مدرّسو اللغة العربية، وقد حزتُ شهادة في تدريس غير الناطقين بالعربية وتأهيل المدرّسين من جامعة "دمشق" "معهد اللغات". أطمح إلى تأسيس مركز تفاعلي للغة العربية يستقبل جميع الفئات (أطفال، كبار، مختصون، غير مختصين، موهوبون، هواة)، برؤية جديدة للغة أعمل على تطبيقها من خلال الورشات الصغيرة داخل المراكز الثقافية وبعض الجمعيات. يتمثل "التعليم التفاعلي للغة العربية" بثلاثة اتجاهات، وهي: إعداد معلمي اللغة العربية وتدريبهم، وورشات تفاعلية للأطفال، وورشات هواة».

خلال إحدى مشاركاتها الأدبية

عنها قالت الدكتورة "جيهان الزعبي" أستاذة بطرائق التدريس في جامعة "دمشق": «"دينا" شخصية تجمع ما بين الحب والحنان ومحبة الآخر والإحساس بمعاناته، تسعى جادة إلى مساعدته، وإدخال الفرح والسرور إلى قلبه، إنسانة متفانية في عملها، مهتمة به إلى أبعد الحدود، قادرة على أن تحوّل الواقع المرّ إلى حلم رائع، تابعتها في دبلوم التأهيل التربوي، وقد لفتني مدى اهتمامها بما تقدم من مادة علمية، وما لديها من فكر مبدع لتضيف إلى المحتوى العلمي لمسة إنسانية تجعلنا نتفاعل مع كل ما قيل، ونعيش بين سطور ذلك المحتوى من خلال ما تقدمه لنا من صور إنسانية مفعمة بالحياة، لبقة جداً في حوارها، متفوقة في اختصاصها، متعاونة مع رفاقها وكل من حولها، لها نشاطات إنسانية متعددة مع الأطفال، إذ تسعى دائماً إلى نشر ثقافة الإبداع لديهم، وتعمل جاهدة على دفع الأهل إلى التعاون معها بمحبة ورضا تام».

وأضافت "روعة رنكوسي" والدة إحدى طالباتها: «شاركت ابنتي الكفيفة "أبرار الحموي" بإحدى دورات اللغة العربية التي تشرف عليها المدرّسة "دينا فارس"، وخلال الدورة لاحظنا أنها استطاعت دمج كافة الطلاب المبصرين والكفيفين بعضهم مع بعض، إلى جانب استخدامها أسلوباً مبسطاً لتعليمهم اللغة العربية الفصحى، وتشجيعهم على التعبير عما يجول بخاطرهم من أفكار، وترك ذلك أثراً إيجابياً وحافزاً معنوياً بحياة ابنتي، وكان لذلك انعكاس على نفسيتها، حيث بدأت تقوم بتأليف بعض القصص، إضافة إلى حبها للتكلم باللغة العربية الفصحى مع العائلة».

من مطبوعاتها

يذكر أن "دينا فارس" من مواليد "دمشق"، عام 1987.