تمكّنت من احتلال الصدارة في حرفة الفسيفساء الحجرية من دون منازع؛ إذ استفادت من المدارس القديمة في طريقة الصنع، وشقت طريقها وسط الزحام لتقدم فناً قديماً بصورة متجددة.

الأنثى الوحيدة في "سورية" التي مازالت تزاول حرفة الفسيفساء الرخامي، الفنانة "وفاء علي حسان" التي حافظت على الحرفة التي اكتسبت مهارتها من معلمها، على الرغم من كل المتاعب والصعوبات التي واجهتها، وصغر سنها في ذلك الوقت، مدونة وطن "eSyria" التقتها بتاريخ 13 شباط 2018، فحدثتنا قائلة: «قبل عشرين عاماً بدأت تعلم حرفة الفسيفساء، وكنت أقول: كيف لهذه المكعبات الصغيرة أن تصبح لوحة فنية تسر الناظر إليها؟ إلى أن أصبحت من المتمرسات في رصف تلك المكعبات، وأصبحت من هواة تقليب قطع الرخام وانتقاء الألوان المميزة منها لتخدم لوحاتي، ووضعت نصب عيني أنني سوف أكون من المتميزات في هذه الحرفة الرائعة، بعد أن خصني بالاهتمام الفنان التشكيلي "حسان حلواني"؛ إذ أنني درست من المرحلة الابتدائية إلى الثانوية الفنية في مدارس محافظة "طرطوس"، ثم انتقلت إلى "دمشق" وبدأت في هذه المدينة المبدعة احتراف الفسيفساء».

الفسيفساء فن وحرفة صناعة المكعبات دقيقة الحجم واستخدامها في زخرفة الفراغات الأرضية والجدارية، وتزينيها بالأشكال المتنوعة والألوان، ويمكن استخدام مواد معينة في تلك الصناعة، مثل: الزجاج، المعادن، الأصداف، الحجارة، حيث توزع الحبيبات المصنوعة من تلك المواد بشكل فني لتكون ذات أسلوب مؤثر ومعبر عن القيم الفنية الثمينة، وبالنسبة لي، فأنا أعمل في الحبيبات المصنوعة من حجارة الرخام، فأرى فيه المتانة والقوة اللتين تضفيان على اللوحة جمالية أكثر

أضافت "وفاء": «الفسيفساء فن وحرفة صناعة المكعبات دقيقة الحجم واستخدامها في زخرفة الفراغات الأرضية والجدارية، وتزينيها بالأشكال المتنوعة والألوان، ويمكن استخدام مواد معينة في تلك الصناعة، مثل: الزجاج، المعادن، الأصداف، الحجارة، حيث توزع الحبيبات المصنوعة من تلك المواد بشكل فني لتكون ذات أسلوب مؤثر ومعبر عن القيم الفنية الثمينة، وبالنسبة لي، فأنا أعمل في الحبيبات المصنوعة من حجارة الرخام، فأرى فيه المتانة والقوة اللتين تضفيان على اللوحة جمالية أكثر».

لوحة الشهيد

وقالت: «هذا النوع من الفن كان سائداً في الحضارات السورية قديماً، وقد استفدت الكثير من المدارس القديمة، لكن مع بعض التجديدات الفنية على الحرفة، وفي لوحاتي وثقت الكثير من الوقائع التي تميزت عبر التاريخ لتبقى صورة حيّة متجانسة، وتنوعت الأغراض التي قدمتها، فتارة كنت أرصف الطبيعة الصامتة، وتارةً أخرى الشخصيات العالمية، إضافة إلى الأحداث السياسية والتاريخية التي مرت في حياتنا قديماً وحديثاً، ومنها لوحتي المميزة والأقرب إلى حس "وفاء" لوحة الشهيد "يزن عادل جنود"، التي خلّدت ذكرى صورته».

عن عملية تنفيذ لوحة الفسيفساء، تقول "وفاء": «بداية يتم انتقاء الموضوع أو الصورة المراد تنفيذها، التي أستوحيها من المناظر الطبيعية الحية أو الثقافة التاريخية؛ إذ أستنبط منها فكرة وأحولها إلى لوحة فينة غنية تأخذ مكانها على الجدران أو الأرضيات، فتكون تحفة تمنح المكان قيمة وأصالة، ثم يتم رسم الصورة أو الموضوع أياً كان على قطعة من الورق وبالحجم والمساحة المطلوبة، بعد ذلك أبدأ عملية تقسيم المساحة اللونية من الرسم إلى أجزاء صغيرة وفقاً لمجمع القطع المراد رصها من الفسيفساء، وبعدها أباشر في رص المكعبات اللونية وفقاً لشكل الرسم، وتحتاج هذه العملية أثناء وضع الأحجار إلى صقل وقص حتى يتوافق حجمها مع المساحة التي ستوضع فيه القطعة من الحجر الملون، ثم أستخدم المواد اللاصقة لتثبيت الأحجار، إذ هذا العمل يحتاج إلى صبر وأناة».

أحد أعمال الفنانة الجدارية

الفنان التشكيلي "حسان حلواني" قال: «"وفاء" فنانة شابة ذات مستقبل واعد، عرفتها منذ ما يقارب العشرين عاماً، عندما تم ترشيح مجموعة من الفتيات لتدريبهن على هذا النوع من الفنون، وهو فن الفسيفساء، الذي يُعدّ من أصعب الفنون؛ لأنه يحتاج إلى دقة ووقت كبير وجهد عضلي لإنجازه، وذلك بحسب اللوحة المراد رصفها، والتفاصيل الموجودة فيها، وبعد مدة تدريب استطاعت "وفاء" إتقان هذا الفن، وأصبحت تنجز لوحات غاية في الروعة والإتقان، وجدت فيها بذرة الفنانة التي تحتاج إلى رعاية واهتمام، وبقيت تعمل في مشغلي الخاص لسنوات طويلة، واستمرت في هذا الفن، وأثبتت لنا أن المرأة السورية تستطيع منافسة الرجل في هذا العمل المجهد، وبقيت مثابرة بحسّها المرهف ويدها الذهبية تنسج لنا من فكرها ومداد روحها الفن الأصيل الأنيق».

يذكر أن الفنانة "وفاء حسان" مواليد "قنية" في محافظة "طرطوس" عام 1977.

أثناء العمل