حمل قصيدته في قلبه وعقله منذ الصغر، وأدمنها حتى أصبحت زاده اليومي ومصدر سعادته، ومفتاحاً للتواصل مع الآخرين. فأنتج ثلاثة دواوين تشبه روحه المتمردة، وكثيراً من المتلقي الذي يحب.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 29 آب 2018، التقت الشاعر "نائل عرنوس" ليتحدث عن بداياته، فقال: «بدأت الكتابة في المرحلة الإعدادية على شكل رسائل تشبه مقامات "البغدادي" و"التوحيدي" كنت أتبادلها مع الرفاق بفرح عارم، وكانت تروقني كثيراً، ثم أخذت تتطور الميول مع تقدمي في العمر، وتلقي المزيد من الخبرات عبر كتب الأدب المدرسية؛ وهو ما خلق حالة فرح ولذة في الروح بدأت تتبلور من خلال التواصل مع المدرسين، وتنامي الشعور بصفاء وروعة هذه الحالة المتصاعدة بما يخص الثقافة عامة والأدب على وجه الخصوص، والرغبة بالاطلاع أكثر من خلال زيارة أولى لمعرض الكتاب بمكتبة "الأسد"، في ذلك اليوم كان التصميم في أوجه، وما زلت أذكر كتابي الأول واسمه: "المستطرف في كل فن مستظرف" لـ"شهاب الدين الأبشيهي"، والكتاب الثاني "الإلياذة" لهوميروس، وكنت ومجموعة من الرفاق عصبة نتداعى لجلسات أسبوعية على الرغم من صغر عمرنا آنذاك، لكننا كنا نستنهض همم بعضنا في هذا الدرب الذي نحب».

أتمنى أن يقرأني المتلقي في كل أعمالي، لأنني أؤمن بأن المال أمر نسبي، يروقني أن يقرأ المتلقي عملي الأول ثم الثاني حتى يتبين مدى التطور تدريجياً. لدي ثلاثة دواوين: "على ضفة التعب"، و"كهذا الليل لا أنتهي"، و"كلمات" مشترك مع مجموعة من الشعراء

وعن الأفكار التي تراوده أثناء الكتابة، وكيفية اختيار عناوين الدواوين والقصائد، يقول: «لا أخفي مراعاتي لمن سيقرأ ما أكتب؛ لأنني مؤمن بأن الشعر في النهاية رسالة، والكلمة سفيرة الروح تحكي عن صاحبها، إلا أنني لا أجد سلطة على اللحظة أو الموقف الذي يستدعي القصيدة، وفي الحقيقة مسألة اختيار العناوين بالغة الأهمية؛ وذلك لأنها تمثل العتبة المهمة والأولى في أسر المتلقي واصطياده بصنارة العنوان، ولا أخفي أنني أترك كل النصوص بلا عناوين حتى المرحلة الأخيرة؛ وذلك لإدراكي أهمية هذه القضية ومدلولاتها؛ فالعنوان الدالة الأولى لما سيكون، وهنا أستذكر أنني في مجموعتي الثانية غيرت عنوانها ثلاث مرات وأنا أستقل الحافلة ذاهباً لتقديم المجموعة، حيث خرجت من المنزل بعنوان: "ولدت تواً"، وفي الحافلة بدلت العنوان السابق بآخر: "عراف نحيل في زقاق معتم"، وحين وصلت كنت قررت العنوان الأخير: "كهذا الليل لا أنتهي"، وأظنّ لو طال الزمن أكثر لوجدت عنواناً آخر».

من دواوينه

وعن تطور القصيدة، يتابع: «لم يتوقف التطور والتحولات التي أصابت أو طرأت على القصيدة العربية من عهد "امرؤ القيس" إلى يومنا هذا، فبوادر التجديد لاحت وتجسدت مع "بشار بن برد" الذي يعدّ رأس المحدثين، ومن ثم "أبو نواس" الذي غير في شكل القصيدة البنائي، وتتالت التطورات مع الموشحات الأندلسية وصولاً إلى القرن العشرين وظهور أعلام التجديد في العصر الحديث، أمثال: "السياب، ونازك الملائكة"، وظهور ما يسمى الشعر الحرّ، ولم تتوقف عجلة التطور هنا، بل ظهر ما يسمى القصيدة النثرية على اختلاف النقاد حولها، إلا أنها شكل من أشكال تطور القصيدة العربية يحمل أنفاساً أدبية غربية كان لأدباء مجلة "شعر" الدور البارز في نقلها إلينا، وعلى رأسهم "أدونيس"، و"يوسف الخال" وغيرهما من أدباء القرن العشرين.

فالقصيدة تحضر حين تناديها اللحظة والموقف وتستدعيها الروح؛ فالشعر قدم لي نافذة للتطهير والخلاص الوجداني عما يجوش في صدري، فهو الملاذ والمخلص بالنسبة لي».

أثناء توقيع ديوانه

أما عن دواوينه التي نشرها، فيقول: «أتمنى أن يقرأني المتلقي في كل أعمالي، لأنني أؤمن بأن المال أمر نسبي، يروقني أن يقرأ المتلقي عملي الأول ثم الثاني حتى يتبين مدى التطور تدريجياً. لدي ثلاثة دواوين: "على ضفة التعب"، و"كهذا الليل لا أنتهي"، و"كلمات" مشترك مع مجموعة من الشعراء».

يقول في قصيدة "كم زينب في القدس":

من أعماله

"أقر السلام على الحمام بقدسنا

زاحم جبين الشمس في العلياء

مرت وعود البغي ما ماتت بنا

كل العهود رعيتها بدمائي".

تقول الشاعرة "فاطمة أبو شقرة": «"نائل" الشاعر الإنسان، والإنسان الشاعر، في رحاب أشعاره مساحات زمنية ومكانية تتجلى فيها كتاباته ما بين قصائد البحور والتفاعلية القافية والنثر، كل هذا مع الحداثة التي يرسم فيها لوحات جميلة ثلاثية الأبعاد: إحساس، جمال، وواقع محسوس بين صور وتراكيب تنقل القارئ في رحلة الأدب الحقيقي مع أديب استطاع أن يسكب أشعاره لتخدم دراساته النقدية الأدبية الأكاديمية، ويجعل من هذه الدراسة الهادفة البناءة طريقاً للارتقاء أكثر بما يفكر ويكتب».

يذكر أن "نائل عرنوس" من مواليد "الجولان" عام 1974، مقيم في "دمشق"، وحاصل على إجازة في الآداب، قسم اللغة العربية، بدأ التدريس في مدارس "حلب" و"دمشق" وثانوياتها منذ عام 1995 حتى عام 2014، ثم عيّن مديراً لإحدى مدارس "دمشق"، متزوج وأب لثلاثة أبناء.