تسرق الفنانة "راما نصري" قلوب مستمعيها وعقولهم عن طريق الموسيقا الكلاسيكية الحية، محاولة تجسيد ثقافة جديدة وترجمة ما يدور في خيالها الجامح بآلتها الأنيقة، فتعزف ألحاناً تتلاقى بين ما تقدمه، وما تسمعه الآذان على المسارح المفتوحة، فيمتلئ المكان بالبهجة والفرح.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 2 تشرين الثاني 2018، الفنانة "راما نصري" عازفة البيانو، لتتحدث عن تجربتها الأولى في مجال العزف الكلاسيكي في المعهد العالي للموسيقا، حيث قالت: «رافقني شغف تعلم النوت الموسيقية، حين انتسبت إلى معهد "صلحي الوادي"، مع أن دراسة الهندسة المعمارية وتعلّم الموسيقا والصولفيج خاصة خطان متوازيان لا يلتقيان، لكن إصراري وطموحي دفعني إلى التركيز أكثر في مجال دراسة العزف على آلة البيانو. في عام 2013 تخرّجت مهندسة معمارية، وبذات التوقيت تقريباً في المعهد العالي للموسيقا، وعندها أعجبت "كارون باغبودريان" مدرّسة مادة الصولفيج بأدائي الموسيقي، واقترحت أن أكون من الكادر التدريسي في المعهد».

أنا و"راما" شريكتان في الفن، وتدعم إحدانا الأخرى في كل خطوة جديدة، وكل حفلة نقدمها على المسرح. هي من الأشخاص الذين يمتلكون شغفاً كبيراً بالموسيقا، سواء بالعزف المنفرد، أو العزف والغناء مع الفرقة، وهي من الموسيقيات الملتزمات بالعمل والتدريب المتواصل، وتسعى دائماً إلى تطوير نفسها

التفكير الموسيقي يعمل على تنمية حسّ الفنان أكثر برأي "نصري"، وهي حالة تطور لموهبة الإنسان، وهو السرّ المشجع الذي جعلها تعزف على مفاتيح الخيال بأنامل سحرية، من الصعب أن يمتلكها أي فنان، وتضيف: «لا يوجد سقف لطموحاتي، وإلى جانب الموهبة فالإصرار الدائم لا يقف عند أي حدّ. أحب أن أقدم المعزوفات الجديدة بطابعي الخاص للجمهور الذي يستحق كل التقدير والاحترام، وإصراري على النجاح أدى إلى اكتشاف نفسي بنفسي أكثر، وهذا دليل أن في "سورية" جمهوراً واعياً يدرك الثقافة الموسيقية ويشجعها، إلا أنني كنت قلقة حيال الابتعاد عن البيانو مقابل التدريب والغناء في مجال الصولفيج».

من إحدى حفلاتها

أقامت عدة حفلات موسيقية وورشات عمل داخل "سورية" وخارجها، وقد ترك ذلك صدى قوياً لدى الجمهور، وفي الوقت نفسه ترك أثراً ودافعاً إيجابياً لديها كي تستمر، وقالت عن بعض تلك الرحلات: «الرحلة الموسيقية الأولى كانت في "الأردن" مع نخبة من الموسيقيين الألمان من معهد "غوته" في عام 2011، حيث اقترحت إدارة المعهد أن أمثّل "سورية" في مجال موسيقا الحجرة مع مجموعة من الموسيقيين، وهو عزف جماعي مع آلتين أو ثلاث، حيث كانوا سابقاً يعزفون ضمن صالونات صغيرة يطلق عليها "الحجرة" أو "شامبر ميوزك". أما الورشة الثانية في عام 2014، فقد تركت بصمة مهمة في مسيرتي الموسيقية إلى الآن في "أميركا"، وكانت تجربة رائعة، لأن العزف على الآلات الموسيقية ضمن الطبيعة الخلابة لا يمكن وصفه، وكأن العازف والمستمع يظن لوهلة أنه محلق بين الغيوم، خاصة عندما يكون العازفون محترفين، واجتمعوا من كافة أنحاء العالم، وكنت مسرورة لأنهم أثنوا جميعهم على عزفي، وفاجأتهم الطريقة التقنية المدروسة التي قدمتها أثناء الحفل، وكان لي الفخر بهذا الإنجاز العظيم، وخاصة أن الشيء الوحيد الذي جمعنا هو الموسيقا».

وعن تجربة العزف الجماعي في كورال "غاردينيا" والحفلات التراثية التي قدمت في جميع المحافظات، أضافت: «أحببت فكرة كورال "غاردينيا"، وتحمست كثيراً لعزف البيانو مع كورال نسائي، وما ميّز الكورال أن كل حفلة تكون متفردة عن الأخرى.

مع نور كويفاتي

وفي أواخر عام 2016 قدمنا حفل أغاني الكرتون إضافة إلى الحفلات الكلاسيكية، وحفلات التراث السورية "زفة العروس"، حيث قدمنا في كل منطقة معزوفات لزفة عروس خاصة بتلك المنطقة ومرتبطة بها، وهي فكرة جميلة جداً، لكن أجد نفسي أكثر بعزف البيانو؛ لأنها دراستي واختصاصي بالمعهد العالي طوال السنوات الماضية. كما قدمت العديد من الأمسيات كانت الأخيرة مع الفنانة "ليندا بيطار" عزف أوركسترا بقيادة "عدنان فتح الله"، حيث قدمت معه عدة حفلات، وكانت ناجحة ومشجعة».

قدمت "راما" حفلة "ديو بيانو" مع الفنانة "نور كويفاتي"، وكانت برأي المتابعين لمسيرتها الفنية من أكثر الحفلات تميزاً وإبداعاً، حيث طرحتا فكرة رائعة لموهبتين تحاكيان الروح في جلسة ثنائية فريدة، عكست جواً إيجابياً على مسرح "دار الأوبرا" للثقافة والفنون في العاصمة "دمشق"، حيث قالت الفنانة "نور" عنها: «كنا على مستوى عالٍ من الانسجام والتناغم، وهو مشروع ثنائي من اختيارنا ويناسبنا معاً، وتساعدنا لنقدم معزوفات منفردة ومميزة، حيث عزفنا "ديو وصولو". أحببت أن أشارك "راما" لأنها فنانة ملتزمة وجدية، وتشبه إحدانا الأخرى في اختيار المقطوعات وتأليفها، وبالنتيجة لاقت الحفلة تفاعلاً مميزاً واستحساناً لدى الجمهور، وحتى للمتابعين لها على القنوات والإذاعات. كل إنسان له روح موسيقية يقدمها، لكن كان لدينا هدف واحد، وهو تقديم تنوع موسيقي جميل للجمهور السوري الذواق المنفتح على الثقافة الموسيقية بوجه عام».

مع الفرقة الموسيقية في حفل فني بالجزائر

وعن مشاركتها بالغناء ضمن الكورال إلى جانب زملائها، قالت "سناء بركات" (مرنمة): «أنا و"راما" شريكتان في الفن، وتدعم إحدانا الأخرى في كل خطوة جديدة، وكل حفلة نقدمها على المسرح.

هي من الأشخاص الذين يمتلكون شغفاً كبيراً بالموسيقا، سواء بالعزف المنفرد، أو العزف والغناء مع الفرقة، وهي من الموسيقيات الملتزمات بالعمل والتدريب المتواصل، وتسعى دائماً إلى تطوير نفسها».

الجدير بالذكر، أن "راما نصري" من مواليد مدينة "دمشق" عام 1989، تشغل منصب رئيسة قسم المواد النظرية في المعهد العالي للموسيقا حالياً، وأحيت العديد من الأمسيات، منها مع أوركسترا "دمشق" لحفل موسيقا الجاز بقيادة "عاصم مكارم"، وشاركت أيضاً مع الفرقة السيمفونية السورية كعزف منفرد في حفل لمؤلفات "موتزارت" بقيادة "ميساك باغبودريان".