لم تهتم الفنانة "نبيلة النابلسي" يوماً بمساحة الدور، بقدر ما كانت تهتم بالشخصية وكيفية تأثيرها في العمل بوجه عام، وظهرت مختلفة في كل دور، وبرعت في المسرح والسينما والتلفزيون، خاصة في شخصية الأمّ.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 1 كانون الأول 2018، في مبنى الإذاعة والتلفزيون "منى حاج يحيى" الإعلامية والمعدّة في التلفزيون السوري، التي عرفت الراحلة "نبيلة النابلسي" جيداً، وبدأت حديثها عنها قائلة: «عندما تتحدث عن الفن الدرامي السوري لا تستطيع أن تمرّ مرور الكرام على اسم "نبيلة النابلسي"، حيث كانت من الرائدات في الدراما، بدأت طريقها إلى الفن عبر الإعلانات السينمائية وهي صغيرة السنّ، ومنها مباشرة إلى دور البطولة بفيلم "رجال تحت الشمس" للمخرج "نبيل المالح"؛ إنتاج المؤسسة العامة للسينما عام 1969، وارتبط اسمها بأهم أفلام هذه المؤسسة، حيث شاركت بأهم أفلامها حين كانت المؤسسة في أوج إنتاجها، كما قدمت أدواراً جريئة في سينما القطاع الخاص والإنتاجات المشتركة بين "سورية" و"مصر"، ونذكر منها فيلم "باسمة بين الدموع" إخراج "وديع يوسف"».

غير ذلك، تميزت "نبيلة النابلسي" بصدقها مع كل من حولها، ومحبة الآخرين، وكانت إنسانة بكل ما تعنيه الكلمة، لم تعرف الحسد والحقد طوال حياتها

وأضافت: «في التلفزيون، رفضت الأدوار النمطية واختارت كل شخصياتها بدراية وعمق، لذلك بدت ممثلة مبدعة ومختلفة، وأدّت أدوارها بصدق وعفوية، ولا سيما في دور الأم؛ إذ قدمت شخصية الأم الصلبة، وفي ذات الوقت الأم الحنونة، هذه الأدوار التي تثير الجدل والإشكالية وتتطلب من الممثل إيجاد الحلول المناسبة للأداء، وشاركت في الكثير من المسلسلات، نذكر منها: "ليس سراباً، حمام القيشاني، الحور العين"».

مع رفيق سبيعي

وقالت أيضاً: «غير ذلك، تميزت "نبيلة النابلسي" بصدقها مع كل من حولها، ومحبة الآخرين، وكانت إنسانة بكل ما تعنيه الكلمة، لم تعرف الحسد والحقد طوال حياتها».

"نورس برّو" الإعلامي والمخرج، قال: «النبيلة الراحلة "نبيلة النابلسي" كانت من الأصدقاء الذين أعتزّ بمصادقتهم، فهي نبيلة بحق، والقريب منها ومن حياتها الشخصية كان يؤمن بهذا الأمر، نظرة الأم كانت تعتليها تجاه كل محبيها قبل أن توظّفها في الدراما السورية بإحساس عالٍ ومتقن.

مع نجلاء فتحي

نافست أبرز نجمات جيلها آنذاك، كالقديرة "منى واصف، وأنطوانيت نجيب" وغيرهما».

أضاف: «لم تترك باباً من أبواب الفن يعتب عليها، فرأيناها في المسرح تجسد الأنثى من خلال "الناس اللي تحت" و"خيوط العنكبوت"، وغيرهما من الأعمال، ورأيناها في السينما تجسد الإنسان الصادق من خلال "العار"؛ وهو من أبرز أفلامها، و"نساء للشتاء"، و"ناجي العلي" حاملة قضية الفيلم، وفي الدراما بأدوار الأم والمربية المعطاء وغيرها من الأدوار مثل رائعة الدراما السورية الاجتماعية آنذاك "الفصول الأربعة"، الدور الذي عكس حنانها وعطفها في الحياة، ولا سيما لمن يعلم بأن هناك (حالة خاصة) كانت تهتم بها في منزلها، وهذا الاهتمام كان حتى اللحظات الأخيرة من دون كلل أو ملل عن العطاء كما أعطت الفن، "نبيلة" باختصار، امتزاج سوريالي وواقعي بآن واحد للعطاء الفني الحياتي، مرآة للناس تعكس روحهم في حاضرها ومماتها، وهذه معادلة لا يستطيع أي فنان تقديمها إلى جمهوره».

النابلسي في البدايات

"تامر العربيد" مخرج مسرحي، يقول: «لم تكن "نبيلة" مجرد ممثلة تلعب أدواراً فقط، إنما كانت لها رسالة إنسانية، لي تجربة شخصية تجمعني معها كمخرج قبل أن يقعدها المرض؛ وكانت آخر ظهور لها على المسرح تحت عنوان: "بكرا أحلى"، والعمل موجه لذوي الاحتياجات الخاصة، فكان لها دور إنساني، وميزة عملها صدقها في الأداء».

"نبيلة النابلسي" من مواليد "دمشق" عام 1949، قدمت أعمالاً لا تحصى، نذكر منها في السينما: "ناجي العلي، شباب آخر زمن، هاوي مشاكل، نساء للشتاء، هاربات من الحب، غوار جيمس بوند، أبو عنتر بوند، امرأة تسكن وحدها...". وفي التلفزيون نذكر: "دموع الملائكة، الدروب القصيرة، أمنيات صغيرة، الفراري، الفصول الأربعة، ليالي الصالحية، يوم ممطر آخر، أولاد القيمرية..."، أما من مشاركاتها في المسرح، فنذكر: "لحظة من فضلك مطلوب مسؤول، الناس يلي تحت، شباب آخر زمن، خيوط العنكبوت...". توفيت في "دمشق" عام 2010، تاركة إرثاً فنياً كبيراً للساحة السورية والعربية.