برغبتها الكبيرة في مساعدة من حولها، وإدراكها العميق لأهمية التغذية العلاجية، استطاعت الاختصاصية والمعالجة الغذائية "ريتا صموئيل" أن تتعمق في دراسة هذا الاختصاص، وتوصل رسالة بأن التغذية نظام حياة، وليست برنامجاً غذائياً مؤقتاً، مؤكدة دور المعالج الغذائي إلى جانب الطبيب المختص للوصول إلى حياة صحية.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت معها عبر مواقع التواصل الاجتماعي بتاريخ 27 كانون الأول 2018، المقيمة في "كندا"، وعن دوافعها لدراسة علم التغذية العلاجية تقول: «منذ الصغر كان يستهويني المجال الطبي، وطريقة العلاج من الأمراض، كنت أشعر بأن الشفاء بمنزلة السحر، وعندما كبرت أدركت أن الشفاء من مرض خطر يكون أشبه بمعجزة، وتكوّن لديّ شعور بضرورة مساعدة الأشخاص المحيطين بي، ليتمتعوا بصحة جيدة، إضافة إلى وجود طبيبة في العائلة؛ خالتي التي أعدّها مثالي الأعلى، وهي طبيبة تشريح مرضي، إضافةً إلى إصابة أحد أفراد العائلة بمرض السرطان، والعلاج انقسم حينئذٍ إلى طبي، كيماوي، وغذائي، حيث تمت متابعة أنواع الطعام التي تتناولها المريضة، وطريقة تحضيرها، وضرورة تناول الأطعمة التي تحتوي مضادات الأكسدة خلال مدة العلاج، وبعد مدة تم الشفاء، وبذلك ازداد لدي الميل إلى الجانب الغذائي، وأردت أن أتعمق به أكثر من خلال الدراسة الأكاديمية، وحصلت على إجازة في "التغذية، المعالجة الغذائية وتنظيم الوجبات" من "الجامعة الأميركية للتكنولوجيا AUT" في "لبنان" عام 2015، وماجستير في "التغذية والمعالجة الغذائية" عام 2017 من جامعة "ميغل" الكندية؛ وهي من الجامعات العشر الأوائل على العالم، والأولى في "مونتريال"، مدركة أهمية علم التغذية الطبية في حياة الإنسان، فصحة المرء نابعة من الداخل، وليس الشكل فقط، فزيادة أو نقصان الوزن تعدّ مرضاً، إلى جانب دوره الفعال في علاج مرضى الكلى والسرطان والسكري، وغيرها من الأمراض».

أعرفها منذ عام 2013، عندما التحقت بقسم التغذية في الجامعة، استطاعت أن تتميز بالاحترافية، والحماسة للتعلم، وتميزت بالقدرة على العمل مع الفريق أثناء البحث، والقدرة على التعلم المستمر، كانت طالبة مميزة حصلت على تقدير زملائها وأصدقائها

وعن تدربها لممارسة المهنة تتابع قائلة: «خلال مدة دراستي تنوعت المؤتمرات الصحية الطبية التي حضرتها في دول عدة منها "دبي"، "كندا"، "لبنان"، وتختلف مواضيعها حول (أمراض الكلية ومعالجتها، مرض السكري لدى الأطفال والكبار، وتعارض الأدوية مع الغذاء، المعالجة النفسية للمرأة الحامل، الأمن الغذائي، وغيرها)، وخلال مدة دراستي شاركت بمشروع "Blue Caravan" الذي نظمته الجامعة، بإشراف "منظمة الصحة العالمية"، و"منظمة السكري الفيدرالية العالمية"، وهدفه زيادة التوعية حول مرض السكري والوقاية منه، والعلاج حسب أنواعه، وكنا نفحص المرضى مجاناً من كل مناطق "لبنان" بالتنسيق مع البلديات، ويحصل كل مريض على استشارة كاملة، بالاستناد إلى التحاليل الطبية، وقياس نسبة العضلات والدهون في الجسم، وحصلت على شهادة لمتابعة البرنامج من قبل الجهات المنظمة له، وخلال عام 2015 قمت بعمل تدريبي في مستشفى "البيلفو" الطبي في "لبنان"، إضافةً إلى مشروعي الخاص مع جامعة "ميغل" الذي يعنى بالتوعية حول المعالجة الغذائية للفئة المحدودة الدخل التي تعيش في "مونتريال"، والإشراف على حالات ضمن البرنامج».

مع شهادة حاصلة عليها

وفيما يتعلق بالوعي لأهمية المعالجة الغذائية تقول: «هناك اختلاف شاسع بين الاهتمام بالمعالجة الغذائية في "كندا" و"سورية"، وهناك فرق بين اختصاصي التغذية العادي، والآخر المختص بالمعالجة الغذائية والتغذية معاً، فهو فقط من يمكنه الاعتناء بعلاج الأمراض والوقاية منها، وفي "سورية" لا يوجد هذا الوعي حول ضرورة مساعدة المعالج الغذائي للطبيب المشرف على المريض، الذي يجب أن يقوم بدور أساسي في متابعة وضع المريض، والطعام الذي يتناوله، حيث يتم تأمين الطعام في المشافي لكل شخص حسب حالته، والمرض الذي يعاني منه، ولأنني أحب أن أساعد أبناء بلدي، أردت ألا يقتصر عملي على البلد الذي أقيم فيه، لذلك أعمل عن بعد، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني، حيث أقوم بنشر معلومات لتوعية الأشخاص على صفحة خاصة، وأتواصل مع حالات عديدة عبر الشابكة، لتوفير برامج غذائية فردية مخصصة لكل شخص حسب التاريخ العائلي الوراثي للمريض، والهدف الذي نرغب بالوصول إليه، وتتنوع الحالات بين إنقاص الوزن وأخرى مرضية، فلا يقتصر عملي على إنقاص أو زيادة الوزن فقط، بل التعامل مع حالات طبية لدى عدة فئات منها: المرضى، الأطفال، الحامل، المرضع، والتأكيد على تفاعل الأدوية مع الغذاء، فهناك غذاء يزيد من فاعلية الدواء، والعكس صحيح، فأقوم أولاً بجمع المعلومات عن المريض، ثم أقوم بإعداد برنامج غذائي خاص له، حسب الأطعمة التي يرغب بتناولها، وتعديل طريقة تحضيرها».

وعن الصعوبات التي تواجهها تقول: «الصعوبة الأولى تتمثل بقلة الوعي بين الناس لمفهوم التغذية، هناك برامج غذائية منتشرة عبر الشابكة يتبعها الشخص، لأن هناك آخر من أصدقائه استفاد منها، وهي لا تصلح للجميع، ويمكن أن تسبب له المشكلات الصحية، بدل أن تحقق له الفائدة، في حين المعالج الغذائي يمكن أن يقيس الكتلة العضلية للمريض، ويتابع حالته، وقد يكتشف بعض الأمراض التي يعاني منها من دون أن يعلم، كنقص إفراز الغدة الدرقية، وغيرها. والثانية عدم التزام بعض الأشخاص بالنظام الغذائي المخصص للمريض، فيتبعها بداية، ثم يعود إلى نظام حياته السابق، مع الأكل خارج المنزل، كما تقل حماسته مع مرور الوقت، لذلك أحاول أن يكون البرنامج غير مؤقت، بل نظام حياة يستطيع اتباعه الشخص من دون اللجوء إلى المعالج الغذائي، وأكتب في صحيفة "أيام كندية" الصادرة بأربع لغات، واخترت الكتابة باللغة العربية حول مواضيع شهرية منذ سنة، وهي ورقية وإلكترونية معاً، وبذلك تصل إلى شريحة أكبر من الجالية العربية، والعرب المقيمون في الخارج يفضلون اللجوء إلى اختصاصي يفهم لغتهم، ويوجه لهم النصائح، وتتنوع الموضوعات التي أتناولها حسب المناسبات المختلفة، مثلاً خلال مدة الميلاد ورأس السنة، وجهت من خلال المقال رسالة توعية حول كيف يستمتع المرء بالعيد من دون أن يزيد وزنه، وكذلك الأمر خلال الصيام خلال شهر رمضان، إضافةً إلى مواضيع أخرى تتنوع، مثل: أهمية الرضاعة الطبيعية، وتغذية المرأة الحامل، وغيرهما، ورسالتي الدائمة تتركز على زيادة أهمية المعالجة الغذائية، وضرورة توعية الناس حول أهمية التغذية الصحية في حياتهم اليومية، فالتغذية نظام حياة، وليست برنامجاً غذائياً يتبعه المرء لمدة معينة».

أثناء العمل مع مشروع "blue caravan"

من جهتها "ماغي جرادة" إحدى الحالات التي تابعتها "ريتا"، تقول: «أعرف "ريتا" منذ 11 نيسان 2018، بدأت الرحلة معها عن طريق موقعها الإلكتروني، وموادها المنشورة في الصحيفة، وتواصلنا عبر الهاتف، والتقينا بعد عدة جلسات افتراضية، أردت أن أخسر الوزن بسرعة، لكنها شرحت لي أن الموضوع لا يكون بـ"كبسة زر"، وأنه ليس مهماً أن نخسر الوزن بمقدار ما يهم أن نغير نظام حياتنا، ووضعت لي برامج غذائية خاصة، لم تحرمني من شيء، وحققت استفادة كبيرة، إذ خسرت 33 كيلو غراماً خلال سبعة أشهر بطريقة متوازنة، فتغيرت حياتي، وبفضل تشجيعها شعرت بالقوة في كل لحظة ضعف مررت بها، ودائماً كانت تدفعني لأكمل المشوار لإنقاص الوزن بطريقة صحية».

بدوره الدكتور "جورج رموز" الأستاذ في "الجامعة الأميركية للتكنولوجيا" في "لبنان"، يقول عن "ريتا": «أعرفها منذ عام 2013، عندما التحقت بقسم التغذية في الجامعة، استطاعت أن تتميز بالاحترافية، والحماسة للتعلم، وتميزت بالقدرة على العمل مع الفريق أثناء البحث، والقدرة على التعلم المستمر، كانت طالبة مميزة حصلت على تقدير زملائها وأصدقائها».

مقال لها في صحيفة "أيام كندية"

يذكر، أن "ريتا صموئيل" سورية من مواليد "كندا" 28 أيار 1993، تكمل حالياً دراسة الدكتوراه في المعالجة الغذائية في جامعة "ميغل" الكندية.