عمل في مجال الجواهر، وتميّز في ابتكار تصاميم الألماس التي اجتاحت السوق الباريسي، إلى أن اكتشف موهبته في الكتابة، فأخرج الألماس من روحه إلى الورق، وأبدع في صقل الشخصيات الدرامية بأسلوب خارج عن المألوف، وأثبت نفسه في عالم الدراما بتجسيد الواقع السوري.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 29 كانون الثاني 2019، الكاتب "جورج عربجي"، ليتحدث عن دراسته وطريقه المتعرج فيها، فقال: «درست علم النفس، و"سايكو ماركيتنغ" في "باريس"، ثم درست علم الأحجار الكريمة في "كارتيه باريس"، وهي الماركة العالمية لصناعة الألماس؛ حيث كان عملي الأساسي. بدأت مسيرتي العملية في "لبنان" لمدة سبع سنوات، وبعدها عدت إلى "سورية" عام 2001، ثم اغتربت إلى "باريس" لأكمل دراستي، وبدأت العمل في مجال الأحجار الكريمة عام 2005، ثم عدت إلى "دمشق" لأنني لا أستطيع أن أعيش بعيداً عنها، فأنا لا أصلح للاغتراب، و"دمشق" أكبر من أن تعشق، وأعمق بكثير من الحب. أنهيت دراستي للسيناريو في مدرسة مصرية، تعلمت أصول السيناريو، وقدمت مشروع التخرج، فكانت نتيجته التفوق على ثلاثة وثمانين طالباً من أنحاء الوطن العربي.

أرى "جورج" من الكتاب الاستثنائيين، يرسم الشخصية بأسلوب يصل إلى المتابع بسلاسة وفسحة كبيرة للخيال، شخصية "سالم" في "روزنا" لا تشبهني فقط، بل تشبه معظم الشباب السوريين، هذه الشخصية التي ستبقى من الأفضل لديّ

كانت بدايتي في كتابة مسلسل "امرأة من رماد"، ولديّ لوحات عديدة في مسلسل "بقعة ضوء"، وصولاً إلى "روزنا" الذي أشعر بأنه قطعة من الروح، فهو بيئة حلبية، والكثيرون استهجنوا فكرة أن كاتباً من "دمشق" لم يزر "حلب" يوماً يستطيع تصوير الواقع الحلبي ومعاناته مع الحرب بهذه الشفافية، ليس بالضرورة أن نزورها لنكتب عنها، فأحداث "حلب" طالت كل بيت سوري وأثرت به. اخترت "حلب" لعدة أسباب؛ أهمها حصتها الكبيرة من قسوة الحرب، إضافة إلى أن أهلها من شيمهم العزة والكرم، فكانت مقولة "روزنا": (ارحموا عزيز قوم ذلّ)، فأضعف الإيمان وواجبي ككاتب أن أنصف هؤلاء الأشخاص؛ فهم يمثلون كل السوريين».

الكاتب جورج برفقة نجدت أنزور خلال التكريم لمسلسل "امرأة من رماد"

ويتابع: «الصراع في "روزنا" كان بين متأصل النعمة، ومحدث النعمة، وهذا ما يحصل في أي حرب كانت، وهو جزء صغير من واقع الحرب المرير الذي كان بمنزلة غيوم سوداء اجتاحت "سورية"، حيث حصل العمل على جوائز منها تكريم وزارة الثقافة بجائزة تسلمها المخرج "عارف الطويل"، وقد رأيت الممثلين متقمصين للشخصيات بطريقة رائعة، وكأن "روزنا" استطاع أن يستحوذ على محبتهم.

مسلسل "ورد أسود" العمل الجديد الذي يصور في "الجزائر" مختلف تماماً بطريقة معالجته، فلكل عمل درامي رسالة، ورسالة "ورد أسود" لا يوجد خير بالمطلق، ولا يوجد شرّ بالمطلق، فكل ما يعيشه الإنسان من ترسبات الطفولة، وهي أساس بناء الشخصيات، ولذلك أصمم دوماً على الاهتمام بالطفل ونفسيته، البيئة مختلفة كلياً عن البيئة السورية، وأقرب إلى البيئة الجزائرية، ويعتمد عنصر المفاجأة بشخصيات العمل. وأيضاً حصل مسلسل "امرأة من رماد" على جائزة المرتبة الأولى لأفضل عمل إنساني في مهرجان "القاهرة" عام 2015، جائزتي الكبيرة محبة المشاهدين لأعمالي، وسؤالي باستمرار: هل أنت كاتب هذا العمل؟ وبعد جوابي بنعم، أسمع كلمة أحببته كثيراً، وهنا ثروتي وألماسي الحقيقي، فالكتابة روح وشغف وتحتاج إلى الكثير من الصدق والاتزان، والشعور بالمسؤولية حيال كل جملة في النص، فهذه النصوص قد تدخل كل بيت سوري، وقد يقتدى بها، وهذا يضع على عاتقي الحس بالمسؤولية حيال شخصياتي التي أخرجها من الورق لأعيش معاناتها وسرورها، فالكاتب الحقيقي يحب شخصياته وكأنها موجودة في حياته».

الكاتب جورج مع المخرج سمير حسين في كواليس مسلسل "ورد أسود"

الممثل "عامر علي" قال عن علاقته مع الكاتب "عربجي"، ورأيه بأعماله: «"جورج" صديق حقيقي، يكتب بأسلوب مميز وطريقة واضحة، لكنها السهلة الممتنعة، يعطي مساحة للممثل بأن يعيش الشخصية ويحاورها ويتقمصها، هو شخص متعاون يحاور جميع الممثلين، ويعمل معهم بتكامل إذا أرادوا إضافة شيء إلى الشخصية، لقد تقمصت شخصية "جود" في "روزنا" بطريقة تشبهني جداً، وكانت من أحب الأعمال إليّ».

المخرج القدير "ممدوح الأطرش" قال: «بمعرفتي لـ"جورج عربجي" تصارعني الأفكار عما أقول عنه، فالحيرة تنتابني لمفاضلة الإنسان المتيقظ دائماً في أعماقه، وذاك المبدع الفذ في عطائه الأدبي والدرامي. وكل الذي شاهدناه من ناتج عمله لا يعدّ إلا الجزء اليسير من مكنونات ذاته المتمردة على واقعه وما حوله، وها هي جمله وكلماته المتفردة بخصوصيتها ترسم لنا دوائر شخصيته الباحثة والهائمة التي تريد الانطلاق من تلك الضائقة الخانقة التي نعيشها. خلوق صادق في تعامله مع أدواته الأدبية بما تتماهى به من مكنونات إبداعية كما الحال مع أصدقائه وأحبائه، وقد قدم الكثير من الأعمال الدرامية التي تميزت بخصوصيتها».

الكاتب جورج عربجي برفقة المخرج عارف الطويل في تصوير مسلسل "روزنا"

الممثل "بلال مارتيني" قال: «أرى "جورج" من الكتاب الاستثنائيين، يرسم الشخصية بأسلوب يصل إلى المتابع بسلاسة وفسحة كبيرة للخيال، شخصية "سالم" في "روزنا" لا تشبهني فقط، بل تشبه معظم الشباب السوريين، هذه الشخصية التي ستبقى من الأفضل لديّ».

"سامر المصري" الذي يعمل في مجال الإنتاج، قال: «القليلون من الأشخاص يعلمون أن حرفة "جورج" الأساسية هي العمل بالجواهر، وتحديداً الألماس، لكنني أعلم أنه ألماسي من الداخل؛ وهذا ما يعكسه على الورق، "جورج" يخرج على الورق ويبدع في السيناريو، يعايش شخصياته، وهذا الحسّ نادر الوجود».

الجدير بالذكر، أن الكاتب "جورج عربجي" من مواليد "دمشق"، عام 1978.